والدواب إلى مسلمة بن عبد الملك إلى بلاد الروم وأمر من كان له هناك حميم أنه يبعث إليه وبعث معه بعثاً فأغاث الناس، وأذن لهم بالقفول (?)، وفي الأندلس ولىّ عمر بن عبد العزيز السمح بن مالك الخولاني، وعهد إليه: بإخلاء الأندلس من الإسلام إشفاقاً عليهم، إذ خشى تغلب العدو عليهم .. لانقطاعهم من وراء البحر من المسلمين (?).

غير أن السمح لم ير الانسحاب الكامل في الأندلس، وكتب إلى الخليفة يقول: إن الناس قد كثروا بها وانتشروا في أقطارها، فاضرب عن ذلك، وأزال الأندلس عن عمالة أفريقية (?). وفي المشرق، كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الرحمن والي خراسان يأمره بإقفال من وراء النهر من المسلمين بذراريهم، فأبوا وقالوا: لا يسعنا مرو (قاعدة خراسان). فكتب إلى عمر بذلك، فكتب إليه عمر، اللهم إني قد قضيت الذي عليّ فلا تغزُ بالمسلمين، فحسبهم الذي فتح الله عليهم (?) ويقتصر خليفة بن خياط على القول بأن عمر بن عبد العزيز كتب إلى الجراح بن عبد الله الحكمي: ((لا تغزُ، وتمسكوا بما في أيديكم (?)) وفي جبهة بلاد السند: كتب عمر بن عبد العزيز إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام والطاعة على أن يملكهم ولهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وقد كانت بلغتهم سيرته ومذهبه، فأسلم جيشه والملوك، وتسموا بأسماء العرب وكان عمرو بن مسلم الباهلي عامل عمر على ذلك الثغر (?).

إن إيقاف عمر بن عبد العزيز التوسع القائم على استخدام المُقاتلة في الأطراف النائية للدولة وعمله على إحلال الحوار السلمي في إخماد الحركات المسلحة للمعارضة، لا يعني أنه أراد إلغاء المؤسسة العسكرية التي تمتد جذورها إلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان لها الدور الأكبر في حماية الدولة وتوسيعها وتثبيت الأمن والاستقرار فيها، والواقع أن التنظيمات المتصلة بالمُقاتِلة كانت تمسُّ صميم الحياة المدنية، ولا غنى لأي دولة عن مؤسسة الجيش في حفظ حدودها والمخاطر التي قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015