الصلاة مع الجماعة فقال صالح بن كيسان ما يشغلك؟ قال: كانت مرجّلتي (?) تسكن شعري، فقال: بلغ منك حبك تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة؟ فكتب إلى عبد العزيز يذكر ذلك، فبعث أبوه رسولاً فلم يكلمه حتى حلق رأسه (?)، وحرص على التشبه بصلاة رسول الله أشد الحرص، فكان يتم الركوع والسجود ويخفِّف القيام، والقعود وفي رواية صحيحة: أنّه كان يسبح في الركوع والسجود عشراً عشراً (?)، ولمّا حج أبوه ومرّ بالمدينة سأل صالح بن كيسان عن ابنه فقال: ما خبرت أحداً الله أعظم في صدره من هذا الغلام (?)، ومن شيوخ عمر بن عبد العزيز الذين تأثر بهم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، فقد كان عمر يجله كثيراً ونهل من علمه وتأدب بأدبه وتردد عليه حتى وهو أمير المدينة، ولقد عبّر عمر عن إعجابه بشيخه وكثرة التردد إلى مجلسه فقال: لمجلس من الأعمى: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحب إليّ من ألف دينار (?)، وكان يقول في أيام خلافته لمعرفته بما عند شيخه من علم غزير، لو كان عبيد الله حياً ما صدرت إلا عن رأيه ولوددت أن لي بيوم واحد من عبيد الله كذا وكذا (?)، وكان عبيد الله مفتي المدينة في زمانه، وأحد الفقهاء السبعة (?)، قال عنه الزهري: كان عبيد الله بن عبد الله بحراً من بحور العلم (?)، وكان يقرض الشعر، فقد كتب إلى عمر بن عبد العزيز هذه الأبيات:
بسم الذي أنزلت من عنده السور
والحمد لله أمّا بعد يا عمر
إن كنت تعلم ما تأتي وما تذر
فكن على حذر قد ينفع الحذر
واصبر على القدر المحتوم وأرض به
وإن أتاك بما لا تشتهي القدر
فما صفا لامرئ عيش يُسرٌّ به
إلا سيتبع يوماً صفوه كدر (?)
وقد توفي هذا العالم سنة 98هـ، وقيل 99هـ (?).