عبد العزيز في تقرير هذه المرتبة أبلغ البيان، فقد كتب في قوله تعالى: ((وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ)) (هود، الآيتان: 118 ـ 119). قال: الذين لا يختلفون خلقهم لله للرحمة (?). فهذه الآية تضمن خلق العباد وأعمالهم (?)، ولذلك قال تعالى: ((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ .. )) (هود، الآيتان: 118 ـ 119). وكتب إلي عدي بن أرطأة أما بعد: فإن استعمالك سعد بن مسعود على عمان من الخطايا التي قدر الله عليك وقدر أن تبتلي بها (?)، وهذا الذي قررّه عمر بن عبد العزيز دلّ عليه الكتاب والسنة، قال تعالى: ((اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)) (الزمر، الآية: 6) وقال: ((وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)) (الصافات، الآية: 96) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس (?).

5 ـ الفرق بين القضاء والقدر في الاصطلاح:

قيل المراد بالقدر: التقدير، وبالقضاء الخلق، كقوله تعالى: ((فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ)) (فصلت، الآية: 12). أي خلقهن في القضاء والقدر أمران متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر لأن أحدهما بمنزلة الأساس، وهو القدر والآخر بمنزلة البناء وهو القضاء، فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه (?). وقيل: إن القضاء هو العلم السابق الذي حكم الله به في الأزل، والقدر هو وقوع الخلق على وزن الأمر المقضي السابق (?)، وقال ابن حجر: وقالوا ـ أي العلماء: القضاء هو الحكم الكلي الإجمالي في الأزل، والقدر جزئيات ذلك الحكم وتفاصيله (?). وقيل: إذا اجتمعا افترقا بحيث يصبح لكل واحد منهما مدلول يحسب ما مر في القولين السابقين، وإذا افترقا اجتمعا، بحيث إذا أفرد أحدهما دخل فيه الآخر (?)، قياساً على ما جاء في التفريق بين الإيمان والإسلام والفقير والمسكين ونحو ذلك ولعل هذا التعريف توفيق بين من يرى التفرقة بين القضاء والقدر وبين من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015