الموجودون في زمن عمر بن عبد العزيز ينكرون العلم والكتابة وهؤلاء هم الذين تبرأ منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب بقوله: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم براء مني (?). ومن كلام عمر بن عبد العزيز في بيان مراتب القدر رده على الرجل الذي كتب إليه فجاء في رسالته: .. كتبت تسأل عن الإقرار بالقدر فعلى الخبير بإذن الله وقعت، وما أعلم ما أحدث الناس من محدثة ولا ابتدعوا من بدعة هي أبين أثرا ولا أثبت أمرا من الإقرار بالقدر، لقد كان ذكره في الجاهلية الجهلاء يتكلمون به في كلامهم وفي شعرهم يعزون به أنفسهم على ما فاتهم، ثم لم يزده الإسلام بعد إلا شدة، ولقد ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير حديث ولا حديثين، وقد سمعه منه المسلمون فتكلموا به في حياته، وبعد وفاته يقيناً وتسليماً، لربهم وتضعيفاً لأنفسهم أن يكون شيء لم يحط به علمه ولم يحصه كتابه ولم يمض فيه قدره وأنه مع ذلك لفي محكم كتابه: منه اقتبسوه ومنه تعلموه، ولئن قلتم لم أنزل الله آية كذا ولم قال كذا، لقد قرأوا منه ما قرأتم وعلموا من تأوليه ما جهلتم، وقالوا بعد ذلك كله بكتاب وقدر وكتب الشقاوة وما يقدر يكن وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا نملك لأنفسنا ضراً ولا نفعاً ثم رغبوا بعد ذلك ورهبوا (?). ومن خلال رسائل وخطب عمر بن عبد العزيز يتضح معتقد عمر بن عبد العزيز في القدر وفي بيانه لمراتبه، فأول مراتبه:

أـ العلم: والمقصود أن الله تبارك وتعالى قد علم ما العباد عاملون وإلى ما هم صائرون قبل أن يخلقهم بعلمه القديم الذي هو صفة من صفات ذاته وأنه يعلم أهل الجنة وأهل النار قال تعالى: ((وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا)) (الأنعام، آية: 59).

ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم لرجل سأله بقوله يا رسول الله أعلم أهل الجنة من أهل النار؟ قال صلى الله عليه وسلم: نعم. قال: ففيم يعمل العاملون؟ قال: كل مسير لما خلق له (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015