تتولون وتشهدون لهما بالنجاة؟ قالا: بلا. فقال: هل تعلمون أن العرب ارتدت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلهم أبا بكر فسفك الدماء وسبى الذراري وأخذ الأموال؟ قالا: قد كان ذاك. قال: فهل تعلمون أن عمر لما قام بعده رد تلك السبايا إلى عشائرهم؟ قالا: قد كان ذلك. قال: فهل بريء أبو بكر من عمر أو عمر من أبي بكر؟ قالا: لا قال: فهل تبرأون من واحد منهما؟ قالا: لا. قال: أخبراني عن أهل النهروان أليسوا من أسلافكم وممن تتولون وتشهدون لهم بالنجاة؟ قالا: بلا.؟ قال: فهل تعلمون أن أهل الكوفة حين خرجوا إليهم كفوا أيديهم فلم يخيفوا أمناً، ولم يسفكوا دماً، ولم يأخذوا مالاً؟ قالا: قد كان ذلك. قال: فهل تعلمون أن أهل البصرة حين خرجوا إليهم مع عبد الله بن وهب الراسبي (?)، واستعرضوا الناس فقتلوهم وعرضوا لعبد الله بن خباب (?)، صاحب رسول الله فقتلوه وقتلوا جاريته، ثم صبحوا حياً من العرب يقال لهم بنو قطيعة فاستعرضوهم فقتلوا الرجال والنساء والولدان حتى جعلوا يلقون الأطفال في قدور الإقط وهي تفور بهم، قالا: قد كان ذلك. قال: فهل بريء أهل الكوفة من أهل البصرة؟ أو أهل البصرة من أهل الكوفة؟ قالا: لا. قال: فهل تبرأون من طائفة منهما. قالا: لا. قال عمر: أخبراني أرأيتم الدين واحداً أم أثنين؟ قالا: بل واحد. قال: فهل يسعكم فيه شيء يعجز عني؟ قال: لا.
قال: فكيف وسعكم أن توليتم أبا بكر وعمر وتولى كل واحد منهما صاحبه وقد اختلفت سيرتهما؟ أم كيف وسع أهل الكوفة أن تولوا أهل البصرة واهل البصرة أهل الكوفة وقد اختلفوا في أعظم الأشياء: في الدماء والفروج الأموال، ولا يسعني بزعمكما إلا لعن أهل بيتي والبراءة منهم، فإن كان لعن أهل الذنوب فريضة مفروضة لابد منها فأخبرني عنك أيها المتكلم متى عهدك بلعن فرعون، ويقال: بلعن هامان؟ قال: ما أذكر متى لعنته. قال: ويحك فيسعك ترك لعن فرعون، ولا يسعني بزعمك إلا لعن أهل بيتي والبراءة منهم؟ ويحك أنهم قوم جهال. أردتم أمراً فأخطأتموه، فأنتم تقبلون من الناس ما رد عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتردون عليهم ما قبل منهم، ويأمن عندكم من خاف عنده، ويخاف عندكم من أمن عنده. قال: ما نحن كذلك.