الخوارج، فمع خروجهم عليه وهو الخليفة الحق لم يحركهم، وإنما كتب إليهم وحذرهم من الخروج عن الجماعة الذين هم أهل الحق، لقد أمر الله تبارك بالاجتماع ونهى عن التفرق وأمر بلزوم الجماعة ونهى عن الخروج عنها وجعل إجماع هذه الأمة حجة فإذا اجتمعوا على أمير وجب طاعته وحرم الخروج عليه ما لم يأمر بمعصية ولم يظهر كفراً بواحاً (?)، والآثار المروية عن عمر بن عبد العزيز هنا تبين منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع الخوارج الذين هم أوائل الفرق ظهوراً في الإسلام فمع خروجهم عليه وهو الخليفة الحق لم يحركهم، ولم يرسل عليهم الحملة تلو الحملة، وإنما عاملهم معاملة أتاحت لهم الفرصة في الرجوع إلى الحق مستناً بسنن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في معاملة الخوارج حين خرجوا عليه (?).

2 ـ مناظرته للخوارج

2 ـ مناظرته للخوارج: تبين موقف عمر ابن عبد العزيز من الخوارج عموماً فيما سبق وفي هذا المبحث يتضح موقفه من الذين كتبوا إليه وكتب إليهم طالباً المناظرة معهم، إذا كانوا مستعدين لذلك، وقد وجد من بعضهم استجابة قال ابن عبد الحكم: كتب عمر بن عبد العزيز إلى الخوارج: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى هذه العصابة، أما بعد: أوصيكم بتقوى الله فإنه ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًاً * ويََرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ * وَمَنْ يَتَوكّلْ عَلَى الله فَهَوَ حَسَبُه إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)) (الطلاق، الآيتان: 2، 3). أما بعد: فقد بلغني كتابكم والذي كتبتم فيه إلى يحي بن يحي، وسليمان بن داود الذي أتى إليهما وإن الله تبارك وتعالى يقول: ((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) (الصف، الآية: 7)، وقال تعالى: ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)) (النحل، الآية 125)، وقال تعالى ((فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ)) (محمد، الآية: 35). وإني أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015