299- فأما القاضي، فمشتقٌ من القضاء، قال أبو عبيدة: أصل القضاء في كلامهم هو: إحكام الشيء والفراغ منه، ومنه: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب} أي: أخبرناهم بذلك وفرغنا منه لهم؛ ومنه: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} إنما هو عهد إليهم في ذلك وأحكمه لهم؛ ومنه قضاء الله وقدره، أي: قد أتقن الأشياء كلها وأحكمها وأبرمها وفرغ منها. وإنما سمي القاضي قاضياً بهذا المعنى، إنما يقال قضى بين الخصمين، أي: فصل بينهما وفرغ منهما؛ ومنه قيل للميت: قد قضى، أي: فرغ من الدنيا وفصل منها، وكذلك انقضاء النهار.
وقال غيره: قيل قاض لأنه يقطع أمور الناس، يقال: قضى الشيء، أي: قطعه، ومنه {فاقض ما أنت قاض} ، وهو الفتاح، أي الناصر للمظلوم، ومنه: {افتح بيننا وبين قومنا بالحق} وهو الحاكم، لأنه يرد الناس عن الظلم، مشتقٌ من الحكمة، وهي حديدةٌ مستديرةٌ في اللجام، تمنع الدابة من الجري والشباب، يقال: قد حكمت الرجل عن كذا، أي: رددته.
300- وأما السلطان، فأصله في اللغة الحجة، فقيل: سلطانٌ لأنه حجةٌ من الله عز وجل، وسمعت علي بن سليمان يقول: سمعت محمد بن يزيد يقول: السلطان جمع سليط، مثل رغيف ورغفانٌ، فمن أنثه ذهب به إلى الجماعة، ومن ذكره ذهب به إلى اللفظ.