لا يخلينا وإياك من شكره ومزيده, ولو كتبت في كل يومٍ كتاباً بل لو شخصت نحوك قاصداً لكان ذلك دون الحق لك, ولكني غلقٌ بما تعلمه من العمل, وأكره أن أتابع كتبي, وأسلك سبيلاً من الثقل, فأنا واقفٌ بمنزلةٍ متوسطةٍ أرجو أن أسلم من الجفاء والإبرام, فأنا وإن أبقيت عليك من الزيادة في شغلك, فلست بممتنع من مسألتك التطول بتعريفي جملةً من خبرك, أسكن إليها, وأعتد بالنعمة فيها, وأحمد الله عليها.
1274- ولابن المقفع: أصلحنا الله وإياك صلاحاً دائماً يجمع لنا ولك به الفضيلة في العاجلة والكرامة في الآجلة, فإني لا أعلم أمراً أعظم عند أهله منفعةً من أمرٍ ترك ذكره لفضيلةٍ, ولا أعرف أمراً يستحق أهله بفضله عندهم عن ذكره في ما بينهم من أمرٍ وشج الله عز وجل بيننا وبينك أسبابه, وثبت حقوقه, وعظم حرمته, وأوجب لبعضنا على بعضٍ حفظه, والمبالغة في أداء ما أوجب الله عز وجل منه, فأبقى لنا ولك منه ما أجرى بيننا وبينك في الدنيا حتى نكون بينه إخواناً في الآخرة حتى تصير الخلة عداوةً بين أهلها إلا خلة المتقين.
1275- آخر: فنرغب إلى الذي تزداد نعمه علينا في كل يومٍ وليلةٍ تظاهراً ألا يجعل شكرنا منقوصاً, ولا مدخولاً, وأن يرزقنا مع كل نعمةٍ كفؤها من المعرفة بفضله فيها والعلم في أداء حقها.