واستقضى وملهىً ومثنى. وعلتهم في هذا أنهم أرادوا الفرق بين ذوات الياء وذوات الواو في الثلاثي, وردوا ذوات الواو إلى الياء في ما جاوز ثلاثة أحرف, لأن الياء أخف من الواو, فلما زاد على ثلاثة أحرف ثقل, فحملوه على الأخف, وقيل لأنه يرجع في المستقبل إلى الياء. وكذلك كتبوا يغزى بالياء اتباعاً للماضي على هذا القول, وعلى القول الآخر, لأنه جاوز الثلاثة.
ولا اختلاف بين النحويين في أن كتبت هذا كله بالألف فجائزٌ, ثم اختلفوا بعد إجازتهم إياه:
فمنهم من قال: كتب ذوات الياء بالياء أولى للفرق.
ومنهم من قال: الكاتب مخيرٌ في ذينك, والأمر واحدٌ فيهما.
ومنهم من قال: هذا الاصطلاح, وإن كان قديماً, وقد جرى عليه الكتاب, فإنه خطأٌ لا يجوز, واحتج في ذلك بحجج بينة, منها: أنه لو كانت العلة صحيحةً في الفرق بين ذوات الياء وذوات الواو بالياء, فقد نقضوا هذا, وكتبوا ضحىً بالياء, وهو من ضحا يضحو, وكتبوا ربىً بالياء, وهو من ربا يربو, واستعمل الكسائي والفراء هذا كله في كل مضموم أوله أو مكسور, إلا حمىً ورضىً, فإنهما أجازا كتبهما بالياء والألف, وكان إبراهيم بن السري أبو إسحاق يتعجب من هذا كله, ويقول: لم يأخذوا بما في كتاب الله جل وعز, ولا بالقياس الصحيح في كتاب الله جل وعز: {وما ءاتيتم من رباً ليربوا في أموال الناس}