مَا توليت. أَي: لَا يلْزم من كوني لَا أتذكره أَن لَا يكون حَقًا فِي نفس الْأَمر، فَلَيْسَ لي مَنعك من التحديث بِهِ.
وَزَادَ يَعْلَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شقيقٍ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأبِي مُوسَى فَقَالَ أبُو مُوسَى ألَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ إِنَّ رَسولَ اللَّهِ بَعَثَنِي أَنا وَأنت فَأَجْنَبْتُ فَتمَعَّكْتُ بالصَّعِيدِ فَأَتيْنا رسولَ اللَّهِ فأَخْبَرْنَاهُ فقَال إِنَّما كانَ يَكْفيكَ هَكَذَا وَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَاحِدَةً؟ .
يعلى، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام: ابْن عبيد أَبُو يُوسُف الطنافسي الْحَنَفِيّ الْكُوفِي، مَاتَ سنة تسع وَمِائَتَيْنِ. قَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا إِمَّا دَاخل تَحت إِسْنَاد مُحَمَّد بن سَلام، وَإِمَّا تَعْلِيق من البُخَارِيّ مَعَ احْتِمَال سَماع البُخَارِيّ مِنْهُ، لِأَنَّهُ أدْرك عصره. قلت: هَذَا تَعْلِيق وَصله أَحْمد فِي (مُسْنده) وَوَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن ابْن زَيْدَانَ: حدّثنا أَحْمد بن حَازِم حدّثنا يعلى حدّثنا الْأَعْمَش فَذكره. قَوْله: (إِن رَسُول ا) ، ويروى: (إِن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) . قَوْله: (بَعَثَنِي أَنا وَأَنت) . قيل: كَانَ الْقيَاس بَعَثَنِي إيَّايَ وَإِيَّاك، لِأَن: أَنا، ضمير مَرْفُوع فَكيف وَقع تَأْكِيدًا للضمير الْمَنْصُوب؟ والمعطوف فِي حكم الْمَعْطُوف عَلَيْهِ؟ وَأجِيب: بِأَن الضمائر يُقَام بَعْضهَا مقَام الْبَعْض، وتجري بَينهمَا المناوبة. قَوْله: (هَكَذَا) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (هَذَا) . قَوْله: (وَاحِدَة) يَعْنِي ضَرْبَة وَاحِدَة، وَهَذَا التَّقْدِير هُوَ الْمُنَاسب لغَرَض البُخَارِيّ لِأَنَّهُ ترْجم الْبَاب بقوله: بَاب التَّيَمُّم ضَرْبَة، وَيحْتَمل أَن يقدر مسحة وَاحِدَة وَهُوَ الظَّاهِر من اللَّفْظ. قَالَ الْكرْمَانِي: فَيكون التَّيَمُّم بالضربتين. قلت: لَا يدل شَيْء هَهُنَا على ذَلِك، ثمَّ سَأَلَ، فَإِذا حَملته على الضَّرْبَة وَاسْتعْمل فِي الْوَجْه فَكيف مسح بِهِ الْكَفَّيْنِ؟ وَأجَاب: بِأَن السُّؤَال سَاقِط على مَذْهَب من قَالَ: التُّرَاب لَا يصير مُسْتَعْملا، وَأما على مَذْهَبنَا فوجهه أَنه يمسح الْوَجْه بكف وَاحِدَة، ثمَّ ينفض بعض الْغُبَار فِي الْكَفّ الْغَيْر المستعملة إِلَى الْأُخْرَى، أَو يدلك إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى ثمَّ يمسح الْيَدَيْنِ بهما. قلت: هَذَا الَّذِي ذكره وَجعله مذهبا لَا يفهم من هَذَا الحَدِيث.
9 - (بابٌ)
وَقع هَكَذَا بَاب مُجَردا عَن التَّرْجَمَة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَلَيْسَ بموجود أصلا فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، فعلى رِوَايَته يكون الحَدِيث الَّذِي فِيهِ دَاخِلا فِي التَّرْجَمَة الْمَاضِيَة، فعلى قَول الْأَكْثَرين يكون: بَاب، بِمَنْزِلَة؛ فصل، وَلَا يكون معرباً، لِأَن الْإِعْرَاب يكون بِالْعقدِ والتركيب.
84341 - ححدّثنا عَبْدانُ قالَ أخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قالَ أخْبَرَنا عَوْفٌ عَنْ أبِي رَجاءٍ قالَ حدّثنا عِمْرَانُ بنُ حَصَيْنغ الخُزاعِيُّ أنَّ رسولَ اللَّهِ رَأى رَجُلاً مُعْتَزِلاً لَمْ يُصَلِّ فِي القَوْمِ فَقَالَ يَا فُلاَنُ مَا مَنَعَكَ أَن تُصَلِّيَ فِي القَوْمِ فَقَالَ يَا رَسولَ اللَّهِ أصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلا ماءَ قالَ عَلَيْكَ بالصعيدِ فَإِنَّهُ يَكْفيكَ.
عَبْدَانِ، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة. وَعبد اهو ابْن الْمُبَارك، وعَوْف هُوَ ابْن الْأَعرَابِي، وَأَبُو رَجَاء العطاردي واسْمه عمرَان بن ملْحَان وَالْكل تقدمُوا.
وَمن لطائف هَذَا الْإِسْنَاد أَن فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، والإخبار كَذَلِك فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَهَذَا الحَدِيث مُخْتَصر من الحَدِيث الطَّوِيل الَّذِي مضى فِي: بَاب الصَّعِيد الطّيب. فَإِن قلت: هَذَا لَا يُطَابق التَّرْجَمَة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيح بِكَوْن الضَّرْب فِي التَّيَمُّم مرّة وَاحِدَة. قلت: إِن كَانَ لفظ: بَاب، مَوْجُودا على رَأس الحَدِيث فَلَا يحْتَاج إِلَى الْجَواب لِأَنَّهُ حينئذٍ لَا اخْتِصَاص لَهُ بذلك، بل للْإِشَارَة إِلَى أَن الصَّعِيد كافٍ للْجنب وَغَيره، وَإِن كَانَ غير مَوْجُود فَجَوَابه أَنه أطلق وَلم يُقيد بضربة وَلَا ضربتين، وَأقله يكون مرّة وَاحِدَة، فَيدْخل فِي التَّرْجَمَة. فَافْهَم، فَإِنَّهُ دَقِيق.