إِطْلَاق القَوْل على الْفِعْل، ثمَّ فسره بقوله: يَعْنِي تيَمّم وَصلى، وَهُوَ مقول قَول أبي مُوسَى. قَوْله: (قَالَ: قلت) أَي: قَالَ أَبُو مُوسَى: قلت لعبد ا: فَأَيْنَ قَول عمار بن يَاسر لعمر بن الْخطاب؟ وَهُوَ قَوْله: (كُنَّا فِي سفر فأجنبت فتمعكت فِي التُّرَاب فَذكرت لرَسُول الله فَقَالَ: يَكْفِيك الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ) ؟ قَوْله: (قَالَ) أَي: قَالَ ابْن مَسْعُود: إِنِّي لم أرَ عمر بن الْخطاب قنع بقول عمار بن يَاسر، وَإِنَّمَا لم يقنع عمر بقوله لِأَنَّهُ كَانَ حَاضرا مَعَه فِي تِلْكَ السفرة، وَلم يتَذَكَّر الْقِصَّة، فارتاب فِي ذَلِك وَلم يقنع بقوله، وَهَذَا وَقع هَكَذَا مُخْتَصرا فِي رِوَايَة شُعْبَة وَيَأْتِي الْآن فِي رِوَايَة عمر بن حَفْص، ثمَّ فِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة أتم وأكمل.

64321 - ح دّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ قالَ حَدَّثَنَا أبي قالَ حدّثنا الأَعْمَشُ قالَ سَمِعْتُ شَقِيقَ بنَ سَلَمَةَ قالَ كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ وَأبي مُوسَى فَقَالَ لَهُ أبُو مُوسَى أَرَأَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إذَا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً كَيْفَ يَصْنَعُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ المَاءَ فَقَالَ أبُو مُوسَى فَكَيْفَ تصْنَعُ بِقَوْلِ عَمَّارٍ حِين قالَ لهُ النَّبيُّ كانَ يَكْفِيكَ قالَ ألَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ فَقَالَ أَبُو مُوسَى فَدَعْنَا مِنْ قَوْلِ عَمَّارٍ كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الآيَةِ فَمَا درَى عَبْدُ اللَّهِ مَا يَقُولُ فَقَالَ إِنَّا لَوْ رَخَّصْنَا لَهُمْ فِي هَذَا لأَوْشَكَ إِذَا بَرَدَ عَلَى أَحَدِهِمْ المَاءُ انْ يَدَعَهُ وَيَتَيَمَّمَ فَقُلْتُ لِشَقِيقٍ فَإِنَّما كَرِهَ عَبْد اللَّهِ لِهَذَا قالَ نَعَمْ.

وَهَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن عمر بن حَفْص بن غياث عَن أَبِيه عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر وَأبي الْوَقْت: حدّثنا الْأَعْمَش، وَفِيه فَائِدَة تَصْرِيح سَماع الْأَعْمَش من شَقِيق. قَوْله: (أَرَأَيْت) أَي: أَخْبرنِي. قَوْله: (يَا با عبد الرَّحْمَن) أَصله: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، فحذفت الْهمزَة فِيهِ تَخْفِيفًا، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن: كنية عبد ابْن مَسْعُود. قَوْله: (إِذا أجنب) أَي: الرجل: (فَلم يجد المَاء) ، ويروى: (إِذا أجنبت فَلم تَجِد) . بتاء الْخطاب فيهمَا. قَوْله: (كَيفَ يصنع؟) بياء الْغَيْبَة، أَي: كَيفَ يصنع الرجل؟ وعَلى رِوَايَة الْخطابِيّ: (كَيفَ تصنع؟) بتاء الْخطاب أَيْضا، وَالرِّوَايَة بالغيبة أشهر وأوجه بِدَلِيل قَوْله: (فَقَالَ عبد الا يُصَلِّي) أَي: لَا يُصَلِّي الرجل الَّذِي لَا يجد المَاء حَتَّى يجد، أَي: إِلَى أَن يجد المَاء. قَوْله: (كَانَ يَكْفِيك) أَي: مسح الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ. قَوْله: (فَدَعْنَا من قَول عمار) أَي: أتركنا، وَكلمَة: دع، أَمر من: يدع، وأمات الْعَرَب ماضيه، وَالْمعْنَى: إقطع نظرك عَن قَول عمار، فَمَا تَقول فِيمَا ورد فِي الْقُرْآن؟ هُوَ قَوْله تَعَالَى: {فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا} (النِّسَاء: 34، والمائدة: 6) وَهُوَ معنى قَوْله: (كَيفَ تصنع بِهَذِهِ الْآيَة) وَهِي قَوْله تَعَالَى: {فَلم تَجدوا} (النِّسَاء: 34، والمائدة: 6) الْآيَة. قَوْله: (فَمَا درى عبد اما يَقُول) أَي: فَلم يعرف عبد اما يَقُول فِي تَوْجِيه الْآيَة على وفْق فتواه، وَلَعَلَّ الْمجْلس مَا كَانَ يَقْتَضِي تَطْوِيل المناظرة، وإلاَّ فَكَانَ لعبد اأن يَقُول: المُرَاد من الْمُلَامسَة فِي الْآيَة تلاقي البشرتين فِيمَا دون الْجِمَاع، وَجعل التَّيَمُّم بَدَلا من الْوضُوء فَقَط، فَلَا يدل على جَوَاز التَّيَمُّم للْجنب. قَوْله: (فِي هَذَا) ، أَي: فِي التَّيَمُّم للْجنب. قَوْله: (لَأَوْشَكَ) أَي: قرب وأسرع، وَهَذَا رد على من زعم أَنه لَا يَجِيء من بَاب: يُوشك أوشك مَاضِيا، وَلَا يسْتَعْمل إلاَّ مضارعاً. قَوْله: (إِذا برد) بِفَتْح الْبَاء وَالرَّاء، وَقَالَ الْجَوْهَرِي. بِضَم الرَّاء، وَالْمَشْهُور الْفَتْح، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا وَجه الْمُلَازمَة بَين الرُّخْصَة فِي تيَمّم الْجنب وَتيَمّم المتبرد، حَتَّى صَحَّ أَن يُقَال: لَو رخصنا لَهُم فِي ذَلِك لَكَانَ إِذا وجد أحدهم الْبرد تيَمّم؟ قلت: الْجِهَة الجامعة بَينهمَا اشتراكهما فِي عدم الْقُدْرَة على اسْتِعْمَال المَاء، لِأَن عدم الْقُدْرَة إِمَّا بفقد المَاء، وَإِمَّا بتعذر الِاسْتِعْمَال. قَوْله: (فَقلت) أَي: قَالَ الْأَعْمَش: قلت لشقيق. قَوْله: (لهَذَا) أَي: لأجل هَذَا الْمَعْنى، وَهُوَ احْتِمَال أَن يتَيَمَّم المتبرد، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الْوَاو، لَا تدخل بَين القَوْل ومقوله، فَلم قَالَ: وَإِنَّمَا كره قلت: هُوَ عطف على سَائِر مقولاته الْمقدرَة أَي قلت؛ كَذَا وَكَذَا أَيْضا. انْتهى. قلت: كَأَنَّهُ اعْتمد على نُسْخَة فِيهَا، وَإِنَّمَا بواو الْعَطف، والنسخ الْمَشْهُورَة: فَإِنَّمَا بِالْفَاءِ.

ذكر مَا فِيهِ من الْفَوَائِد: الأولى: فِيهِ جَوَاز الماظرة، وَقَالَ الْخطابِيّ: هَذِه مناظرة، وَالظَّاهِر مِنْهُمَا يَأْتِي على إهمال حكم الْآيَة، وَأي عذر لمن ترك الْعَمَل بِمَا فِي هَذِه الْآيَة من أجل أَن بعض النَّاس عساه أَن يستعملها على وَجههَا، وَفِي غير جِنْسهَا. وَمَا الْوَجْه فِيمَا ذهب إِلَيْهِ عبد امن إبِْطَال هَذِه الرُّخْصَة مَعَ مَا فِيهِ من إِسْقَاط الصَّلَاة عَمَّن هُوَ مُخَاطب بهَا ومأمور بإقامتها؟ وَأجِيب: عَن هَذَا بِأَن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015