، بِضَم الْعين، وَكَذَلِكَ جَمِيع مَا هُوَ حسي. وَأما الْمَعْنَوِيّ فَيُقَال: يطعن بِالْفَتْح هَذَا هُوَ الْمَشْهُور فيهمَا. وَحكي الْفَتْح فيهمَا مَعًا، كَذَا فِي (الْمطَالع) وَحكى صَاحب (الْجَامِع) الضَّم فيهمَا. قَوْله: (فِي خاصرتي) ، وَهِي الشاكلة. قَوْله: (بركتكم) ، الْبركَة: كَثْرَة الْخَيْر. قَوْله: (يَا آل أبي بكر) لفظ: آل، مقحمة وَأَرَادَ بِهِ: أَبَا بكر نَفسه وَيجوز أَن يُرَاد بِهِ أَبَا بكر وَأَهله وَأَتْبَاعه، والآل: يسْتَعْمل فِي الْأَشْرَاف بِخِلَاف الْأَهْل. وَلَا يرد {أَدخِلوا آل فِرْعَوْن} (غَافِر: 64) لِأَنَّهُ بِحَسب تصَوره ذكر ذَلِك أَو بطرق التهكم، وَيجوز فِيهِ: يال أبي بكر، بِحَذْف الْهمزَة للتَّخْفِيف.

ذكر مَعَانِيه: قَوْله: (فِي بعض أَسْفَاره) قَالَ ابْن عبد الْبر فِي (التَّمْهِيد) يُقَال: إِنَّه كَانَ فِي غَزْوَة بني المصطلق، وَجزم بذلك فِي كتاب (الاستذكار) ، وَورد ذَلِك عَن ابْن سعد وَابْن حبَان قبله، وغزوة بني المصطلق هِيَ: غَزْوَة الْمُريْسِيع الَّتِي كَانَ فِيهَا قصَّة الْإِفْك. قَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ فِي حَدِيث الْإِفْك: (فَانْقَطع عقدٌ لَهَا من جزع ظفار، فحبس النَّاس ابتغاؤه) . وَقَالَ ابْن سعد: (خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمُريْسِيع يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلتين خلتا من شهر شعْبَان سنة خمس) ، وَرجحه أَبُو عبد افي (الإكليل) وَقَالَ البُخَارِيّ: عَن ابْن إِسْحَاق سنة سِتّ، وَقَالَ عَن مُوسَى بن عقبَة سنة أَربع، وَزعم ابْن الْجَوْزِيّ أَن ابْن حبيب قَالَ: سقط عقدهَا فِي السّنة الرَّابِعَة فِي غَزْوَة ذَات الرّقاع، وَفِي غَزْوَة بني المصطلق قصَّة الْإِفْك. قلت: يُعَارض هَذَا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَن الْإِفْك قبل التَّيَمُّم، فَقَالَ: حدّثنا الْقَاسِم عَن حَمَّاد. حدّثنا مُحَمَّد بن حميد الرَّازِيّ حدّثنا سَلمَة بن الْفضل وَإِبْرَاهِيم بن الْمُخْتَار عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن يحيى بن عباد عَن عبد ابْن الزبير عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، قَالَت: (لما كَانَ من أَمر عقدي مَا كَانَ، وَقَالَ أهل الْإِفْك مَا قَالُوا، خرجت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة أُخْرَى، فَسقط أَيْضا عقدي حَتَّى حبس النَّاس على التماسه، وطلع الْفجْر، فَلَقِيت من أبي بكر مَا شَاءَ ا، وَقَالَ: يَا بنية فِي كل سفر تكونين عناء وبلاء؟ لَيْسَ مَعَ النَّاس مَاء فَأنْزل االرخصة فِي التَّيَمُّم. فَقَالَ أَبُو بكر: إِنَّك مَا عملت لمباركة) .

قلت: إِسْنَاده جيد حسن، وَادّعى بَعضهم تعدد السّفر بِرِوَايَة الطَّبَرَانِيّ هَذِه، ثمَّ إِن بعض الْمُتَأَخِّرين استبعد سُقُوط العقد فِي الْمُريْسِيع. قَالَ: لِأَن الْمُريْسِيع من نَاحيَة مَكَّة بَين قديد والساحل، وَهَذِه الْقِصَّة كَانَت من نَاحيَة خَيْبَر، لقولها فِي الحَدِيث: (حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، أَو بِذَات الْجَيْش) ، وهما بَين الْمَدِينَة وخيبر، كَمَا جزم بِهِ النَّوَوِيّ، وَيرد هَذَا مَا ذَكرْنَاهُ عَن أبي عبيد فِي فصل اللّعان، وَجزم أَيْضا ابْن التِّين أَن الْبَيْدَاء هِيَ ذُو الحليفة، وَقَالَ أَبُو عبيد أَيْضا: إِن ذَات الْجَيْش من الْمَدِينَة على بريد، قَالَ: وَبَينهَا وَبَين العقيق سَبْعَة أَمْيَال، والعقيق من طَرِيق مَكَّة لَا من طَرِيق خَيْبَر. وَيُؤَيّد هَذَا أَيْضا مَا رَوَاهُ الْحميدِي فِي (مُسْنده) عَن سُفْيَان: حدّثنا هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه فِي هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: فِيهِ أَن القلادة سَقَطت لَيْلَة الْأَبْوَاء. انْتهى. والأبواء بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، وَفِي رِوَايَة عَليّ بن مسْهر فِي هَذَا الحَدِيث، عَن هِشَام قَالَ: وَكَانَ ذَلِك الْمَكَان يَقُول لَهُ: الصلصل: رَوَاهُ جَعْفَر الْفرْيَابِيّ فِي كتاب الطَّهَارَة لَهُ، وَابْن عبد الْبر من طَرِيقه، والصلصل. بصادين مهملتين ولامين أولاهما سَاكِنة. قَالَ الْبكْرِيّ: هُوَ جبل عِنْد ذِي الحليفة. وَذكره فِي حرف الصَّاد الْمُهْملَة، وَوهم فِيهِ صَاحب (التَّلْوِيح) مغلطاي، فَزعم أَنه بالضاد الْمُعْجَمَة، وَتَبعهُ على ذَلِك صَاحب (التَّوْضِيح) ابْن الملقن، وَقَالَ صَاحب (الْعباب) : الصلصل مَوضِع على طَرِيق الْمَدِينَة، وصلصل مَاء قريب من الْيَمَامَة لبني العجلان، وصلصل مَاء فِي جَوف هضبة جراء، ودارة صلصل لبني عَمْرو بن كلاب، وَهِي بِأَعْلَى دارها، ذكر ذَلِك كُله فِي الصَّاد الْمُهْملَة. وَقَالَ فِي (الْمُعْجَمَة) : الضلضلة مَوضِع.

قَوْله: (على التماسه) أَي: لأجل طلبه. قَوْله: (وَلَيْسَ مَعَهم مَاء) ، كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَسَقَطت الْجُمْلَة الثَّانِيَة فِي الْموضع الأول فِي رِوَايَة أبي ذَر. قَوْله: (مَا صنعت عَائِشَة) أَي: من إِقَامَة رَسُول ا، وَالنَّاس اسندوا الْفِعْل إِلَيْهَا لِأَنَّهُ كَانَ بِسَبَبِهَا. قَوْلهَا: (فعاتبني أَبُو بكر وَقَالَ مَا شَاءَ اأن يَقُول) . وَفِي رِوَايَة عَمْرو بن الْحَارِث: (فَقَالَ: حبست النَّاس فِي قلادة) أَي: لأَجلهَا. فَإِن قلت: لم تقل عَائِشَة: أبي، بل سمته باسمه. قلت: مقَام الْأُبُوَّة لما كَانَ يَقْتَضِي الحنو والشفقة، وعاتبها أَبُو بكر صَار مغايراً لذَلِك، فَلذَلِك أنزلته بِمَنْزِلَة الْأَجْنَبِيّ، فَلم تقل: أبي. قَوْله: (فَقَامَ رَسُول الله حِين أصبح) وَفِي رِوَايَة: (فَنَامَ حَتَّى أصبح) ، وَالْمعْنَى فيهمَا مُتَقَارب، لِأَن كلاَّ مِنْهُمَا يدل على أَن قِيَامه من نَومه كَانَ عِنْد الصُّبْح. وَيُقَال: لَيْسَ المُرَاد بقوله (حَتَّى أصبح) بَيَان غَايَة النّوم إِلَى الصَّباح، بل بَيَان غَايَة فقد المَاء إِلَى الصَّباح، لِأَنَّهُ قيد قَوْله: (حِين أصبح) بقوله (على غير مَاء) أَي: آل أمره إِلَى الصُّبْح على غير مَاء (قلت) قَوْله: على غير مَاء مُتَعَلق بقام وَأصْبح على طَريقَة بقوله تنَازع العاملين. وَأصْبح، بِمَعْنى: دخل فِي الصَّباح، وَهِي تَامَّة فَلَا تحْتَاج إِلَى خبر. قَوْله: (فَأنْزل اآية التَّيَمُّم) قَالَ ابْن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015