قَوْله: (فَقيل لي) الْقَائِل لَهُ. جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام قَوْله: (كبر) أَي؛ قدم الْأَكْبَر فِي السن قَوْله: (قَالَ أَبُو عبد الله) أَي: البُخَارِيّ قَوْله: (اخْتَصَرَهُ نعيم) أَي: اختصر الْمَتْن نعيم، وَمعنى الِاخْتِصَار هَاهُنَا أَنه ذكر مُحَصل الحَدِيث وَحذف بعض مقدماته، وَرِوَايَة نعيم هَذِه وَصلهَا الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) عَن بكر بن سهل عَنهُ بِلَفْظ (أَمرنِي جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، أَن أكبر) وروى الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا حَدثنَا الْحسن بن عِيسَى حَدثنَا ابْن الْمُبَارك أَنبأَنَا أُسَامَة، وَحدثنَا الْحسن حَدثنَا حبَان أَنبأَنَا ابْن الْمُبَارك فَذكره وَفِيه قَالَ: (إِن جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، أَمرنِي أَن أدفَع إِلَى أكبرهم) وَأخرجه أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ بِلَفْظ: (رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستن فَأعْطَاهُ أكبر الْقَوْم، ثمَّ قَالَ: إِن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، أَمرنِي أَن أكبره) فَإِن قلت هَذَا: يَقْتَضِي أَن تكون الْقَضِيَّة وَقعت فِي الْيَقَظَة، وَتلك الرِّوَايَة صَرِيحَة أَنَّهَا كَانَت فِي الْمَنَام فَكيف التَّوْفِيق؟ قلت: التَّوْفِيق بَينهمَا أَن رِوَايَة الْيَقَظَة لما وَقعت أخْبرهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا رَآهُ فِي النمد فحفط بعض الروَاة مَا لم يحفظ آخَرُونَ، وَمِمَّا يشْهد لَهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى حَدثنَا عَنْبَسَة بن عبد الْوَاحِد عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. قَالَت: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستن وَعِنْده رجلَانِ أَحدهمَا أكبر من الآخر فَأوحى إِلَيْهِ فِي فضل السِّوَاك أَن كبر، أعْط السِّوَاك أكبرهما) وَإِسْنَاده صَحِيح.
بَيَان استنباط الْأَحْكَام فِيهِ: تَقْدِيم حق الأكابر من جمَاعَة الْحُضُور وتبديته على من هُوَ أَصْغَر مِنْهُ، وَهُوَ السّنة أَيْضا فِي السَّلَام والتحية وَالشرَاب وَالطّيب وَنَحْو ذَلِك من الْأُمُور، وَفِي هَذَا الْمَعْنى تَقْدِيم ذِي السن بالركوب وَشبهه من الأرقاق. وَفِيه: أَن اسْتِعْمَال سواك الْغَيْر مَكْرُوه إلاَّ أَن السّنة فِيهِ أَن يغسلهُ ثمَّ يَسْتَعْمِلهُ. وَفِيه: مَا يدل على فَضِيلَة السِّوَاك. وَقَالَ الْمُهلب: تَقْدِيم ذِي السن أولى فِي كل شَيْء مَا لم يَتَرَتَّب الْقَوْم فِي الْجُلُوس، فَإِذا ترتبوا فَالسنة تَقْدِيم ذِي الْأَيْمن فالأيمن.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل من بَات على الْوضُوء وَبَات من البيتوتة يُقَال: بَات يبيت، وَبَات، بيات بيتوتة، وَبَات يفعل كَذَا إِذا فعله لَيْلًا كَمَا يُقَال: ظلّ يفعل كَذَا إِذا فعله بِالنَّهَارِ.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ اشْتِمَال كل مِنْهُمَا على بَيَان اكْتِسَاب فَضِيلَة وَأجر، وَأما إِدْخَاله هَذَا الْبَاب فِي الْأَبْوَاب الْمُتَقَدّمَة فَظَاهر، لِأَنَّهُ من تعلقات الْوضُوء قَوْله: (على الْوضُوء) بِالْألف وَاللَّام فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره (على وضوء) ، بِدُونِ الْألف وَاللَّام.
247 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ مقَاتِلٍ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أخبرنَا سُفْيَان عنْ مَنْصُورِ عنْ سَعْدٍ ابنِ عُبَيْدَةَ عنِ البَرَاءِ بنِ عازِبٍ قَالَ قَالَ لِيَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَيْتُ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى شِقَكَ الأَيْمَنِ ثُمَّ قلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلَجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إلاَّ إلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فإنْ مُتِّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ علَى الفِطْرَةِ وَاجْعَلْنِي آخِرَ مَا تَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فرددتها على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا بلغت الْفَهم آمَنت بكتابك الَّذِي أنزلت قلت وَرَسُولك قَالَ لَا بنبيك الَّذِي أرْسلت..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة طَاهِرَة.
بَين رجالهوهم سِتَّة: الأول: مُحَمَّد بن مقَاتل، بِضَم الْمِيم، أَبُو الْحسن الْمروزِي، تقدم فِي بَاب مَا يذكر فِي المناولة. الثَّانِي: عبد الله بن الْمُبَارك. الثَّالِث: سُفْيَان الثَّوْريّ. وَقيل: يحْتَمل سُفْيَان بن عُيَيْنَة أَيْضا، لِأَن عبد الله يروي عَنْهُمَا، وهما يرويات عَن مَنْصُور، لَكِن الظَّاهِر أَنه الثَّوْريّ لأَنهم قَالُوا: أثبت النَّاس فِي مَنْصُور هُوَ سُفْيَان الثَّوْريّ. الرَّابِع: مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر. الْخَامِس: سعيد بن عُبَيْدَة، بِضَم الْعين، مصغر عَبدة بن حَمْزَة، بالزاي، الْكُوفِي كَانَ يرى رأى الْخَوَارِج ثمَّ تَركه وَهُوَ ختن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، مَاتَ فِي ولَايَة ابْن هُبَيْرَة على الْكُوفَة، وَلَيْسَ فِي الْكتب السِّتَّة، سعد بن عُبَيْدَة، سواهُ. السَّادِس: الْبَراء بن عَازِب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مر فِي بَاب الصَّلَاة من الْإِيمَان.