رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، مَوْقُوفا وَمَرْفُوعًا (إِنَّمَا حرمت الْخمْرَة بِعَينهَا والمسكر من كل شراب) فَهَذَا يدل على أَن الْخمر حرَام قليلها وكثيرها أسكرت أَو لَا، وعَلى أَن غَيرهَا من الْأَشْرِبَة إِنَّمَا يحرم عِنْد الْإِسْكَار وَهَذَا ظَاهر. قلت: ورد عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كل مُسكر خمر وكل مُسكر حرَام) قلت: طعن فِيهِ يحيى بن معِين وَلَئِن سلم فَالْأَصَحّ أَنه مَوْقُوف على ابْن عمر، وَلِهَذَا رَوَاهُ مُسلم بِالظَّنِّ، فَقَالَ: لَا أعلمهُ إلاّ مَرْفُوعا وَلَئِن سلم فَمَعْنَاه كل مَا أسكر كَثِيره فَحكمه حكم الْخمر.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان غسل الْمَرْأَة الدَّم عَن وَجهه فَقَوله: (أَبَاهَا) مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول الْمصدر أَعنِي: غسل المرإة، والمصدر مُضَاف إِلَى فَاعله. قَوْله: (الدَّم) مَنْصُوب بدل من أَبَاهَا الاشتمال، وَيجوز أَن يكون مَنْصُوبًا بالاختصاص، تَقْدِيره: أَعنِي الدَّم، وَفِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر: بَاب غسل الْمَرْأَة عَن وَجه أَبِيهَا، وَهَذَا هُوَ الأجو،. قَوْله: (عَن وَجهه) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (من وَجهه) وَالْمعْنَى فِي رِوَايَة. عَن إِمَّا أَن يكون بِمَعْنى من وَإِمَّا أَن يتَضَمَّن الْغسْل معنى الْإِزَالَة ومحيء، عَن، بِمَعْنى من، وَقع فِي كَلَام الله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة عَن عباده وَيَعْفُو عَن السَّيِّئَات} (سُورَة الشورى: 25) وَهَاهُنَا سؤالان: الأول: فِي وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ؟ وَالثَّانِي: فِي وَجه إِدْخَال هَذَا الْبَاب فِي كتاب الْوضُوء. قلت: أما الأول فَيمكن أَن يُقَال إِن كلاًّ مِنْهُمَا يشْتَمل على حكم شَرْعِي. أما الأول: فَفِيهِ أَن اسْتِعْمَال النَّبِيذ لَا يجوز. وأماالثاني: فَلِأَن ترك النَّجَاسَة على الْبدن لَا يجوز، فهما متساويات فِي عدم الْجَوَاز، وَهَذَا الْمِقْدَار كَاف وَأما الْجَواب عَن الثَّانِي فَهُوَ أَن النُّسْخَة إِن كَانَت كتاب الطَّهَارَة بدل كتاب الْوضُوء فَلَا خَفَاء فِيهِ، وَأَن كَانَ كتاب الْوضُوء فَالْمُرَاد مِنْهُ إِمَّا مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ، فَإِنَّهُ مَأْخُوذ من الْوَضَاءَة وَهِي: الْحسن والنظافة، فَيتَنَاوَل حِينَئِذٍ رفع الْخبث، أَيْضا. وَأما مَعْنَاهُ الاصطلاحي فَيكون ذكر الطَّهَارَة عَن الْخبث فِي هَذَا الْكتاب بالتبعية لطهارة الْحَدث والمناسبة بَينهمَا كَونهمَا من شَرَائِط الصَّلَاة، وَمن بَاب النَّظَافَة وَغير ذَلِك فَهَذَا حَاصِل مَا ذكره الْكرْمَانِي وَلَكِن أحسن فِيهِ، وَإِن كَانَ لَا يَخْلُو عَن بعض التعسف.
وَقَالَ أبُو العَالِيةِ امْسَحُوا عَلى رِجْلِي فَإِنَّها مَرِيضَةٌ
مطاقة هَذَا الْأَثر للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّهَا متضمنة جَوَاز الإستغاثة فِي الْوضُوء وَإِزَالَة النَّجَاسَة.
وَأَبُو الْعَالِيَة هُوَ رفيع بن مهْرَان الرباحي.
وَقد تقدم عَن قريب، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن عَاصِم بن سُلَيْمَان قَالَ: (دَخَلنَا على أبي الْعَالِيَة وَهُوَ وجع فوضؤه، فَلَمَّا بقيت غسل إِحْدَى رجلَيْهِ قَالَ: إمسحوا على هَذِه فَإِنَّهَا مَرِيضَة. وَكَانَت بهَا جَمْرَة) وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَقَالَ بَعضهم وَزَاد بن أبي شيبَة أَنَّهَا كَانَت معصوبة قلت: لَيْسَ رِوَايَة ابْن أبي شيبَة هَكَذَا وَإِنَّمَا الْمَذْكُور فِي مضنفه: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن عَاصِم وَدَاوُد عَن أبي الْعَالِيَة أَنه اشْتَكَى رجله فعصبها وَتَوَضَّأ وَمسح عَلَيْهَا وَقَالَ: إِنَّهَا مَرِيضَة. وَهَذَا غير الَّذِي ذكره البُخَارِيّ، على مَا لَا يخفي، وَالله تَعَالَى أعلم.
243 - حدّثنا مُحَمَّدُ قَالَ أخْبَرنا سُفْيانُ بنُ عُيَيُنَةَ عَن أبي حازِمٍ سَمِعَ سَهْلَ بنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ وَسَأَلَهُ النَّاسُ مَا بَيْني وَبَيْنَهُ أَحَدٌ بِأَيَّ شَيْء دُووِىَ جُرْحُ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي كانَ عَليٌ يَجِىءُ بِتُرْسِهِ فِيهِ ماءٌ وفاطِمَةُ تَغْسِلُ عَنْ وَجْههِ الدَّمَ فَأُخِذَ حَصِيرٌ فَأَحْرَقَ فَحُسِيَ بِهِ جُرْحُهُ.
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
بَيَان رِجَاله وهم أَرْبَعَة: الأول: مُحَمَّد هُوَ ابْن سَلام البيكندي، وَكَذَا جَاءَ فِي بعض النّسخ، وَقَالَ أَبُو عَليّ الجياني: لم ينْسبهُ أحد من الروَاة وَهُوَ عِنْدِي ابْن سَلام، وَبِذَلِك جزم أَبُو ت نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر: حَدثنَا مُحَمَّد، يَعْنِي ابْن سَلام، وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن مُحَمَّد بن الصَّباح وَهِشَام بن عمار عَن سُفْيَان بِهِ، وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ أَيْضا عَن مُحَمَّد بن الصَّباح عَن سُفْيَان بِهِ. الثَّانِي سُفْيَان بن عُيَيْنَة. الثَّالِث: أَبُو حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي الْمَكْسُورَة، سَلمَة بن دِينَار الْمَدِينِيّ الْأَعْرَج الزَّاهِد المَخْزُومِي، مَاتَ سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة. الرَّابِع: سهل ابْن سعد