حَدثنَا عَنْبَسَةُ، حَدثنَا يُونُسُ، عنِ ابنِ شِهابٍ، أَخْبرنِي يَحْياى بنُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ أنّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: قالَتْ عائِشةُ، رَضِي الله عَنْهَا، سألَ أُناسٌ النبيَّ عنِ الكُهَّانِ فَقَالَ: إنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ فقالُوا: يَا رسولَ الله فإنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بالشّيءِ يَكُونُ حَقاً. قَالَ: فَقَالَ النبيُّ تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ يَخْطُفُها الجِنِّيُّ فَيُقَرْقِرُها فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ، كَقَرْقَرَةِ الدَّجاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ مشابهة الكاهن بالمنافق من حَيْثُ إِنَّه لَا يتنفع بِالْكَلِمَةِ الصادقة لغَلَبَة الْكَذِب عَلَيْهِ ولفساد حَاله، كَمَا لَا ينْتَفع الْمُنَافِق بقرَاءَته لفساد عقيدته وانضمام خبثه إِلَيْهَا.
وَأخرجه من طَرِيقين: الأول: عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن هِشَام بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ عَن معمر بن رَاشد عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. وَالثَّانِي: عَن أَحْمد بن صَالح أبي جَعْفَر الْمصْرِيّ عَن عَنْبَسَة بن خَالِد بن يزِيد بن أبي النجا ابْن أخي يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي، سمع عَمه يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن يحيى بن عُرْوَة بن الزبير عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة.
والْحَدِيث مضى فِي أَوَاخِر الطِّبّ فِي: بَاب الكهانة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: سَأَلَ أنَاس وَفِي رِوَايَة معمر: نَاس، وَكِلَاهُمَا وَاحِد. قَوْله: عَن الْكُهَّان أَي: عَن حَالهم، والكهان جمع كَاهِن وَهُوَ الَّذِي يتعاطى الْخَبَر عَن الكائنات فِي مُسْتَقْبل الزَّمَان، وَيَدعِي معرفَة الْأَسْرَار. قَوْله: يَخْطفهَا بِالْفَتْح على اللُّغَة الفصيحة وبكسرها، والجني مُفْرد الْجِنّ أَي: يختلسها الجني من أَخْبَار، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: يحفظها، من الْحِفْظ. قَوْله: فيقرقرها من القرقرة وَهُوَ الْوَضع فِي الْأذن بالصوت، والقر الْوَضع فِيهَا بِدُونِ الصَّوْت، وَإِضَافَة القرقرة إِلَى الدَّجَاجَة من إِضَافَة الْفَاعِل، والدجاجة بِفَتْح الدَّال وَكسرهَا. وَقَالَ الْخطابِيّ: غَرَضه نفي مَا يتعاطون من علم الْغَيْب. قَالَ: وَالصَّوَاب كقرقرة الزجاجة ليلائم معنى القارورة الَّذِي فِي الحَدِيث الآخر، وَتَكون إِضَافَة القرقرة إِلَى الْمَفْعُول فِيهِ نَحْو مكر اللَّيْل.
7562 - حدّثنا أبُو النُّعْمانِ، حَدثنَا مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُونٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ سِيرين، يُحَدِّثُ عنْ مَعْبَدِ بنِ سِيرين عنْ أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ، رَضِي الله عَنهُ، عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَخْرُجُ ناسٌ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ ويَقْرأونَ القُرْآنَ لَا يُجاوِزُ تَراقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودونَ فِيهِ حتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ، قِيلَ: مَا سِيْماهُمْ؟ قَالَ: سِيْماهُمُ التَّحْلِيقُ أوْ قَالَ: التَّسْبِيدُ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: يقرأون الْقُرْآن لَا يُجَاوز تراقيهم
وَأخرجه عَن أبي النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل عَن مهْدي بن مَيْمُون الْأَزْدِيّ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أَخِيه معبد بن سِيرِين بِفَتْح الْمِيم، وَالْأَرْبَعَة بصريون.
قَوْله: يخرج نَاس من قبل الْمشرق تقدم فِي الْفِتَن أَنهم: الْخَوَارِج. قَوْله: تراقيهم جمع ترقوة بِفَتْح أَوله وَسُكُون الرَّاء وَضم الْقَاف وَفتح الْوَاو وَهِي الْعظم الَّذِي بَين نقرة النَّحْر والعاتق. قَوْله: يَمْرُقُونَ أَي: يخرجُون. قَوْله: من الرَّمية بِكَسْر الْمِيم الْخَفِيفَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، فعيلة بِمَعْنى المرمية أَي: المرمى إِلَيْهَا. قَوْله: إِلَى فَوْقه بِضَم الْفَاء وَهُوَ مَوضِع الْوتر من السهْم. قَوْله: مَا سِيمَاهُمْ؟ بِكَسْر الْمُهْملَة مَقْصُورا وممدوداً: الْعَلامَة. قَوْله: التحليق هُوَ إِزَالَة الشّعْر. قَوْله: أَو التسبيد بِالْمُهْمَلَةِ وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ استيصال الشّعْر. فَإِن قلت: يلْزم من وجود الْعَلامَة وجود ذِي الْعَلامَة، فَكل محلوق الرَّأْس مِنْهُم لكنه خلاف الْإِجْمَاع. قلت: كَانَ فِي عهد الصَّحَابَة لَا يحلقون رؤوسهم إلاَّ فِي النّسك أَو الْحَاجة، وَأما هَؤُلَاءِ فقد جعلُوا الْحلق شعارهم، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ حلق الرَّأْس واللحية وَجَمِيع شُعُورهمْ.
أَي: هَذَا بَاب فِي قَول الله عز وَجل: {وَنَضَع الموازين بِالْقِسْطِ} وَفِي رِوَايَة أبي ذَر أَي: فِي يَوْمهَا، والموازين جمع ميزَان وَأَصله: موزان، قلبت الْوَاو يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا، والقسط مصدر يَسْتَوِي فِيهِ الْمُفْرد الْمثنى وَالْجمع، أَي: