رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: عَن هَذَا الْأَمر، أَي: من جِهَته ولأجله. قَوْله: فَلَمَّا ولوا عبد الرَّحْمَن أَمرهم يَعْنِي: أَمر الِاخْتِيَار مِنْهُم. قَوْله: فَمَال النَّاس على عبد الرحمان من الْميل، وَفِي رِوَايَة سعيد بن عَامر: فانثال النَّاس، بنُون وبثاء مُثَلّثَة أَي: قصدوه كلهم شَيْئا بعد شَيْء، وأصل الْمثل: الصب، يُقَال: نثل كِنَانَته أَي: صب مَا فِيهَا من السِّهَام. قَوْله: وَلَا يطَأ عقبه بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وبكسر الْقَاف وبالباء الْمُوَحدَة أَي: وَلَا يمشي خَلفه، وَهِي كِنَايَة عَن الْإِعْرَاض. قَوْله: فَمَال النَّاس على عبد الرحمان كرر هَذِه اللَّفْظَة لبَيَان سَبَب الْميل وَهُوَ قَوْله: يشاورونه تِلْكَ اللَّيَالِي قَوْله: بعد هجع بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْجِيم وبالعين الْمُهْملَة أَي: بعد قِطْعَة من اللَّيْل، يُقَال: لَقيته بعد هجع من اللَّيْل، والهجع والهجعة والهجيع والهجوع بِمَعْنى، وَقَالَ صَاحب الْعين الهجوع النّوم بِاللَّيْلِ خَاصَّة، يُقَال: هجع يهجع وَقوم هجع وهجوع. قَوْله: هَذِه اللَّيْلَة كَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة غَيره: مَا اكتحلت هَذِه الثَّلَاث، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة سعيد بن عَامر: وَالله مَا حملت فِيهَا غمضاً مُنْذُ ثَلَاث. قَوْله: بِكَثِير نوم بالثاء الْمُثَلَّثَة وبالباء الْمُوَحدَة وَهُوَ مشْعر بِأَنَّهُ لم يستوعب اللَّيْل سهراً بل نَام لَكِن يَسِيرا مِنْهُ، والاكتحال فِي هَذَا كِنَايَة عَن دُخُول النّوم جفن الْعين كَمَا يدخلهَا الْكحل، وَوَقع فِي رِوَايَة يُونُس: مَا ذاقت عَيْنَايَ كثير نوم. قَوْله: فشاورهما من الْمُشَاورَة وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: فسارهما، بِالسِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء. فَإِن قلت: لَيْسَ لطلْحَة ذكر هَاهُنَا. قلت: لَعَلَّه كَانَ شاوره قبلهمَا. قَوْله: حَتَّى ابهارَّ اللَّيْل بِالْبَاء الْمُوَحدَة الساكنة وَتَشْديد الرَّاء أَي: حَتَّى انتصف اللَّيْل، وبهرة كل شَيْء وَسطه. وَقيل: معظمه. قَوْله: على طمع أَي: أَن يوليه. قَوْله: وَقد كَانَ عبد الرحمان يخْشَى من عَليّ شَيْئا أَي: من الْمُخَالفَة الْمُوجبَة للفتنة. قَوْله: وَكَانُوا وافوا تِلْكَ الْحجَّة أَي: قدمُوا إِلَى مَكَّة فحجوا مَعَ عمر ورافقوه إِلَى الْمَدِينَة، وأمراء الأجناد هم: مُعَاوِيَة أَمِير الشَّام، وَعُمَيْر بن سعد أَمِير حمص، والمغيرة بن شُعْبَة أَمِير الْكُوفَة، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَمِير الْبَصْرَة، وَعَمْرو بن الْعَاصِ أَمِير مصر. قَوْله: تشهد عبد الرَّحْمَن وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن طهْمَان: جلس عبد الرحمان على الْمِنْبَر، وَفِي رِوَايَة سعيد بن عَامر: فَلَمَّا صلى صُهَيْب بِالنَّاسِ صَلَاة الصُّبْح جَاءَ عبد الرَّحْمَن يتخطى حَتَّى صعد الْمِنْبَر. قَوْله: فَلَا تجعلن على نَفسك سَبِيلا أَي: من الْخلَافَة إِذا لم يُوَافق الْجَمَاعَة، وَهَذَا ظَاهر أَن عبد الرحمان لم يتَرَدَّد عِنْد الْبيعَة فِي عُثْمَان. فَإِن قلت: فِي رِوَايَة عَمْرو بن مَيْمُون التَّصْرِيح بِأَنَّهُ بَدَأَ بعلي فَأخذ بِيَدِهِ فَقَالَ: لَك قرَابَة رَسُول الله والقدم فِي الْإِسْلَام مَا قد علمت، وَالله عَلَيْك لَئِن أَمرتك لتعدلن، وَأَن أمرت عُثْمَان لتسمعن ولتطيعن، ثمَّ خلا بِالْآخرِ فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك، فَلَمَّا أَخذ الْمِيثَاق قَالَ: ارْفَعْ يدك يَا عُثْمَان فَبَايعهُ وَبَايَعَهُ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قلت: طَرِيق الْجمع بَينهمَا أَن عَمْرو بن مَيْمُون حفظ مَا لم يحفظه الآخر، وَيحْتَمل أَن يكون الآخر حفظه وَلَكِن طوى ذكره بعض الروَاة. قَوْله: فَبَايعهُ عبد الرَّحْمَن فِيهِ حذف تَقْدِيره: قَالَ: نعم، بعد أَن قَالَ لَهُ: أُبَايِعك على سنة الله ... إِلَى آخِره. قَوْله: والمسلمون من عطف الْعَام على الْخَاص.

وَفِيه: فَائِدَة جليلة ذكرهَا ابْن الْمُنِير، وَهِي أَن الْوَكِيل الْمُفَوض لَهُ أَن يُوكل وَإِن لم ينص لَهُ على ذَلِك، لِأَن الْخَمْسَة أسندوا الْأَمر لعبد الرحمان وأفردوه بِهِ فاستقل، مَعَ أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لم ينص لَهُم على الِانْفِرَاد.

44 - (بابُ مَنْ بايَعَ مَرَّتيْنِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر من بَايع مرَّتَيْنِ يَعْنِي: فِي حَالَة وَاحِدَة للتَّأْكِيد.

7208 - حدّثنا أبُو عَاصِم، عنْ يَزِيدَ بنِ أبي عُبَيْدٍ، عنْ سَلَمَة قَالَ: بايَعْنا النبيَّ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَقَالَ لي: يَا سَلَمَةُ أَلا تُبايعِ؟ قُلْتُ يَا رسُولَ الله قَدْ بايَعْتُ فِي الأوَّلِ. قَالَ: وَفِي الثّاني.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد الْمَشْهُور بالنبيل، وَالْبُخَارِيّ يروي عَنهُ كثيرا بالواسطة، وَيزِيد بن أبي عبيد مولى سَلمَة بن الْأَكْوَع، رَضِي الله عَنهُ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الْجِهَاد عَن مكي بن إِبْرَاهِيم، وَهَذَا هُوَ الْحَادِي وَالْعشْرُونَ من ثلاثيات البُخَارِيّ.

قَوْله: تَحت الشَّجَرَة وَهِي الَّتِي فِي الْحُدَيْبِيَة وَهِي الَّتِي نزل فِيهَا {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015