عَلَيْهِ السَّلَام، وَقيل: الْحق الْأَمر الْبَين الظَّاهِر أَو المُرَاد: الْملك بِالْحَقِّ، أَي: الْأَمر الَّذِي بعث بِهِ. قَوْله: فَجَاءَهُ الْفَاء فَاء التفسيرية، وَقيل: يحْتَمل أَن تكون للتعقيب، وَقيل: يحْتَمل أَن تكون سَبَبِيَّة. قَوْله: فِيهِ أَي: فِي الْغَار، وَهَذَا يرد قَول من قَالَ: إِن الْملك لم يدْخل إِلَيْهِ الْغَار بل كَلمه وَالنَّبِيّ دَاخل الْغَار وَالْملك على الْبَاب، وَالْملك هُنَا جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وَقيل: اللَّام فِيهِ لتعريف الْمَاهِيّة لَا للْعهد إلاَّ أَن يكون المُرَاد بِهِ مَا عَهده، عَلَيْهِ السَّلَام، قبل ذَلِك لما كَلمه فِي صباه وَكَانَ سنّ النَّبِي حِين جَاءَهُ جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، فِي غَار حراء أَرْبَعِينَ سنة على الْمَشْهُور، وَكَانَ ذَلِك يَوْم الِاثْنَيْنِ نَهَارا فِي شهر رَمَضَان فِي سَابِع عشرَة، وَقيل: فِي سابعه، وَقيل فِي: رَابِع عشْرين، وَقيل: كَانَ فِي سَابِع عشْرين شهر رَجَب، وَقيل: فِي أول شهر ربيع الأول، وَقيل: فِي ثامنه. قَوْله: فَقَالَ اقْرَأ ظَاهره أَنه لم يتَقَدَّم من جِبْرِيل شَيْء قبل هَذِه الْكَلِمَة وَلَا السَّلَام، وَقيل: يحْتَمل أَنه سلم وَحذف ذكره، وروى الطَّيَالِسِيّ أَن جِبْرِيل سلم أَولا وَلم ينْقل أَنه سلم عِنْد الْأَمر بِالْقِرَاءَةِ. قَوْله: فَقَالَ اقْرَأ قيل: دلّت الْقِصَّة على أَن مُرَاد جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام أَن يَقُول النَّبِي نَص مَا قَالَه، وَهُوَ قَوْله: اقْرَأ وَإِنَّمَا لم يقل لَهُ: قل: اقْرَأ لِئَلَّا يظنّ أَن لَفْظَة: قل، أَيْضا من الْقُرْآن. فَإِن قلت: مَا الَّذِي أَرَادَ باقرأ. قلت: هُوَ الْمَكْتُوب الَّذِي فِي النمط، كَذَا فِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، فَلذَلِك قَالَ: مَا أَنا بقارىء يَعْنِي: أَنا أُمي لَا أحسن قِرَاءَة الْكتب، فَإِن قلت: مَا كَانَ الْمَكْتُوب فِي ذَلِك النمط؟ . قلت: الْآيَات الأول من {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ} وَقيل: وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك جملَة الْقُرْآن نزل بِاعْتِبَار ثمَّ نزل منجماً بِاعْتِبَار آخر، وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن أمره تكمل بِاعْتِبَار الْجُمْلَة ثمَّ تكمل بِاعْتِبَار التَّفْصِيل. فغطني من الغط بالغين الْمُعْجَمَة وَهُوَ الْعَصْر الشَّديد والكبس، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: قيل: إِنَّمَا غطه ليختبره، هَل يَقُول من تِلْقَاء نَفسه شَيْئا وَقيل: لتنبيهه واستحضاره وَنفي منافيات الْقِرَاءَة عَنهُ. وَقَالَ السُّهيْلي: تَأْوِيل الغطات الثَّلَاث أَنَّهَا كَانَت فِي النّوم أَنه ستقع لَهُ ثَلَاث شَدَائِد يبتلى بهَا ثمَّ يَأْتِي الْوَحْي، وَكَذَا كَانَت: الأولى: فِي الشّعب لما حصرتهم قُرَيْش فَإِنَّهُ لَقِي وَمن تبعه شدَّة عَظِيمَة. الثَّانِيَة: لما خَرجُوا توعدوهم بِالْقَتْلِ حَتَّى فروا إِلَى الْحَبَشَة. وَالثَّالِثَة: لما هموا بِهِ مَا هموا من الْمَكْر بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} الْآيَة، فَكَانَت لَهُ الْعَاقِبَة فِي الشدائد الثَّلَاث، وَقَالَ من عاصرنا من الْمَشَايِخ مَا ملخصه: إِن هَذِه الْمُنَاسبَة حَسَنَة وَلَا يتَعَيَّن للنوم بل يكون بطرِيق الْإِشَارَة فِي الْيَقَظَة وَقَالَ: وَيُمكن أَن تكون الْمُنَاسبَة أَن الْأَمر الَّذِي جَاءَ بِهِ ثقيل من حَيْثُ القَوْل وَالْعَمَل وَالنِّيَّة، أَو من جِهَة التَّوْحِيد وَالْأَحْكَام والإخبار بِالْغَيْبِ الْمَاضِي والآتي، وَأَشَارَ بالإرسالات الثَّلَاث إِلَى حُصُول التَّيْسِير والتسهيل والخفيف فِي الدُّنْيَا والبرزخ وَالْآخِرَة عَلَيْهِ وعَلى أمته قَوْله: حَتَّى بلغ مني الْجهد؟ بِضَم الْجِيم الطَّاقَة وَبِفَتْحِهَا الْغَايَة، وَيجوز فِيهِ رفع الدَّال ونصبها، أما الرّفْع فعلى أَنه فَاعل بلغ، وَهِي الْقِرَاءَة الَّتِي عَلَيْهَا الْأَكْثَرُونَ وَهِي المرجحة، وَأما النصب فعلى أَن فَاعل: بلغ، هُوَ الغط الَّذِي دلّ عَلَيْهِ قَوْله: غطني وَالتَّقْدِير: بلغ مني الغط جهده أَي: غَايَته، وَقَالَ الشَّيْخ التوربشتي: لَا أرى الَّذِي قَالَه بِالنّصب إلاَّ وهما فَإِنَّهُ يصير الْمَعْنى أَنه غطه حَتَّى استفرغ الْملك قوته فِي ضغطه بِحَيْثُ لم يبْق فِيهِ مزِيد، وَهُوَ قَول غير سديد، فَإِن البنية البشرية لَا تطِيق استنفاد الْقُوَّة الملكية لَا سِيمَا فِي مُبْتَدأ الْأَمر، وَقد صرح فِي الحَدِيث بِأَنَّهُ دخله الرعب من ذَلِك. انْتهى. وَقيل: لَا مَانع أَن يكون الله قوَّاه على ذَلِك وَيكون من جملَة معجزاته، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ فِي جَوَابه، بِأَن جِبْرِيل لم يكن حينئذٍ على صورته الملكية فَيكون استفراغ جهده بِحَسب صورته الَّتِي جَاءَ بهَا حِين غطه، وَقَالَ: وَإِذا صحت الرِّوَايَة اضمحل الاستبعاد. انْتهى، وَفِيه تَأمل. قَوْله: فَرجع بهَا أَي: مصاحباً بِالْآيَاتِ الْمَذْكُورَة الْخمس. قَوْله: ترجف بوادره جملَة حَالية والبوادر جمع البادرة وَهِي اللحمة بَين الْعُنُق والمنكب، وَقد تقدم فِي بَدْء الْوَحْي بِلَفْظ: فُؤَاده قيل: الْحِكْمَة فِي الْعُدُول عَن الْقلب إِلَى الْفُؤَاد أَن الْفُؤَاد وعَاء الْقلب فَإِذا حصل الرجفان للفؤاد حصل لما فِيهِ. قَوْله: الروع بِفَتْح الرَّاء الْفَزع. قَوْله: مَالِي أَي: مَا كَانَ الَّذِي حصل لي؟ قَوْله: قد خشيت على نَفسِي هَكَذَا رِوَايَة الكشمهيني: وَفِي رِوَايَة غَيره: خشيت عَليّ، بِالتَّشْدِيدِ يَعْنِي: من أَن يكون مَرضا أَو عارضاً من الْجِنّ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالُوا: الأولى: خشيت أَنِّي لَا أقوى على تحمل أعباء الرسَالَة ومقاومة الْوَحْي. قَوْله: فَقَالَت لَهُ كلا أَي: فَقَالَت خَدِيجَة للنَّبِي كلا، أَي: لَيْسَ الْأَمر كَمَا زعمت بل لَا خشيَة عَلَيْك،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015