معِين لوَاحِد وَالزَّكَاة حق الله وَحقّ الْفُقَرَاء فَمن أَيْن الْجَامِع بَينهمَا؟ وَمَعَ هَذَا فَهَذَا الحَدِيث وَالْحَدِيثَانِ اللَّذَان قبله لَا تطابق التَّرْجَمَة إِذا حققت النّظر فِيهَا، وَأَنَّهَا بمعزل عَنْهَا.
وَرِجَال الحَدِيث الْمَذْكُور ذكرُوا غير مرّة. والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِذا بَلَغتِ الإبِلُ عِشْرِينَ فَفِيها أرْبَعُ شِياهٍ، فإنْ وَهَبها قَبْلَ الحَوْلِ، أوْ باعَها فِراراً واحْتِيالاً لإسْقاطِ الزَّكاةِ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وكَذالِكَ إنْ أتْلفَها فَماتَ فَلا شَيءَ فِي مالِهِ.
أَرَادَ بقوله بعض النَّاس أَبَا حنيفَة أَو الْحَنَفِيَّة كَمَا ذكرنَا. وَالْكَلَام فِيهِ مثل الْكَلَام فِي الفرعين الْمُتَقَدِّمين، وَهُوَ أَن الْحَنَفِيَّة إِنَّمَا قَالُوا: لَا شَيْء عَلَيْهِ فِي هَذِه الثَّلَاثَة، لِأَنَّهُ إِذا أَزَال عَن ملكه قبل الْحول فَمن أَيْن يكون عَلَيْهِ شَيْء؟ فَلَا يرد عَلَيْهِم مَا زَعمه البُخَارِيّ، فحينئذٍ لَا فَائِدَة فِي تكْرَار هَذِه الْفُرُوع، وَذكرهَا مفرقة. فَإِن قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: إِنَّمَا كررها لإِرَادَة زِيَادَة التشنيع ولبيان مخالفتهم لثَلَاثَة أَحَادِيث. قلت: التشنيع على الْمُجْتَهدين الْكِبَار لَا يجوز وَلَيْسَ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مُخَالفَة لأحاديث الْبَاب كَمَا ترَاهُ، وَهِي بمعزل عَمَّا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، وَمن لَهُ إِدْرَاك دَقِيق فِي دقائق الْكَلَام يقف على هَذَا، وَيظْهر لَهُ الْحق الْبَاطِل وَالصَّوَاب من الْخَطَأ، وَالله ولي الْعِصْمَة والتوفيق.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ترك الْحِيلَة فِي النِّكَاح.
6960 - حدّثنا مُسَدَّدٌ، حدّثنا يَحْياى بنُ سعِيدٍ، عنْ عُبَيْدِ الله، قَالَ: حَدثنِي نافِعٌ، عنْ عَبْدِ الله، رَضِي الله عَنهُ، أنَّ رسولَ الله نَهاى عَنِ الشِّغارِ. قُلْتُ لِنافِعٍ: مَا الشِّغار؟ قَالَ: يَنْكِحُ ابْنةَ الرَّجُلِ ويُنْكِحُهُ ابْنَتهُ بِغَيْرِ صَداقٍ، ويَنْكِحُ أُخْتَ الرَّجُلِ ويُنْكِحُهُ أُخْتَهُ بِغَيْرِ صَداقٍ.
انْظُر الحَدِيث 5112
لَا مُطَابقَة أصلا بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث حَتَّى قيل: إِن إِدْخَال البُخَارِيّ الشّغَار فِي بَاب الْحِيلَة فِي النِّكَاح مُشكل لِأَن الْقَائِل بِالْجَوَابِ يبطل الشّغَار وَيُوجب مهر الْمثل.
وَعبيد الله بِالتَّصْغِيرِ ابْن عمر الْعمريّ، وَعبد الله هُوَ ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، والْحَدِيث مضى فِي النِّكَاح، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِن احْتَالَ حتَّى تَزَوَّجَ عَلى الشِّغار فَهْوَ جائِزٌ والشَّرْطُ باطِلٌ.
وَقَالَ فِي المُتْعَةِ: النِّكاحُ فاسِدٌ والشَّرْطُ باطِلٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمُ: المُتْعَةُ والشِّغارُ جائِزٌ والشَّرْطُ باطِلٌ.
أَرَادَ بِبَعْض النَّاس الْحَنَفِيَّة على مَا قَالُوا: إِن فِي كل مَوضِع قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ بعض النَّاس، فمراده الْحَنَفِيَّة أَو أَبُو حنيفَة وَحده، وَهَذَا غير وَارِد عَلَيْهِم لأَنهم قَالُوا بِصِحَّة الْعقْدَيْنِ فِيهِ وبوجوب مهر الْمثل لوُجُود ركن النِّكَاح من أَهله فِي مَحَله، وَالنَّهْي فِي الحَدِيث لإخلاء العقد عَن الْمهْر فَصَارَ كالعقد بِالْخمرِ. قَوْله: إِن احتال، لم يذكر أحد من الْحَنَفِيَّة أَنهم احْتَالُوا فِي الشّغَار وَإِنَّمَا قَالُوا: صُورَة نِكَاح الشّغَار أَن يَقُول الرجل: إِنِّي أزَوجك ابْنَتي على أَن تزَوجنِي ابْنَتك أَو أختك، فَيكون أحد الْعقْدَيْنِ عوضا عَن الآخر فالعقدان جائزان وَلكُل مِنْهُمَا مهر مثلهَا. وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: نِكَاح الشّغَار بَاطِل لظَاهِر الحَدِيث.
قَوْله: وَقَالَ فِي الْمُتْعَة أَي: وَقَالَ بعض النَّاس فِي نِكَاح الْمُتْعَة: النِّكَاح فَاسد وَالشّرط بَاطِل، وَصورته أَن يتَزَوَّج الْمَرْأَة بِشَرْط أَن يتمتع بهَا أَيَّامًا ثمَّ يخلي سَبِيلهَا، هَكَذَا ذكره الْكرْمَانِي، وَعند أبي حنيفَة صورته أَن يَقُول: متعيني نَفسك، أَو أتمتع بك مُدَّة مَعْلُومَة، طَوِيلَة أَو قَصِيرَة، فَتَقول: متعتك نَفسِي وَلَا بُد من لفظ التَّمَتُّع فِيهِ، هَذَا مجمع عَلَيْهِ.
قَوْله: وَقَالَ بَعضهم ... الخ لم أر أحدا من الشُّرَّاح بَين من هَؤُلَاءِ الْبَعْض، وَقَالَ صَاحب التَّوْضِيح المُرَاد بِهِ بعض أَصْحَاب أبي حنيفَة. قلت: لم يذكر أحد من أَصْحَاب أبي حنيفَة شَيْئا من هَذَا، وَقَالَ بَعضهم: كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى مَا نقل عَن زفر أَنه أجَاز الموقت وألغى الشَّرْط لِأَنَّهُ شَرط فَاسد