أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ترك الْحِيَل فِي إِسْقَاط الزَّكَاة، وَفِيه خلاف سَيَأْتِي.
وأنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلَا يَجْمَعَ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ.
أَي: وَفِي بَيَان أَن لَا يفرق. . إِلَى آخِره، وَهُوَ لفظ الحَدِيث الأول فِي الْبَاب، وَهُوَ قِطْعَة من حَدِيث طَوِيل مضى فِي الزَّكَاة بالسند الْمَذْكُور، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
6955 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله الأنصارِيُّ، حدّثنا أبي، حدّثنا ثُمامَةُ بنُ عَبْده الله بنِ أنَسٍ أنَّ أنَساً حَدَّثهُ أنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رسولُ الله وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُحَمّد بن عبد الله يروي عَن أَبِيه عبد الله بن الْمثنى بن أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ يروي عَن عَمه ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس، وثمامة بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَخْفِيف الْمِيم.
قَوْله: وَلَا يجمع عطف على: فَرِيضَة، أَي: لَو كَانَ لكل شريك أَرْبَعُونَ شَاة فَالْوَاجِب شَاتَان لَا يجمع بَينهمَا ليَكُون الْوَاجِب شَاة وَاحِدَة. وَلَا يفرق كَمَا لَو كَانَ بَين الشَّرِيكَيْنِ أَرْبَعُونَ، لِئَلَّا تجب فِيهِ الزَّكَاة لِأَنَّهُ حِيلَة فِي إِسْقَاطهَا أَو تنقيصها.
6956 - حدّثنا قُتَيْبَةُ، حدّثنا إِسْمَاعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ، عنْ أبي سُهَيْلٍ، عنْ أبِيهِ عنْ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ الله: أنَّ أعْرَابِيّاً جاءَ إِلَى رسولِ الله ثائِرَ الرَّأسِ فَقَالَ: يَا رسولَ الله أخْبِرْنِي مَاذَا فَرضَ الله عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ؟ فَقَالَ: الصَّلَواتِ الخَمْسَ إلاَّ أنْ تَطَوَّعَ شَيْئاً فَقَالَ: أخْبِرْنِي بِما فَرَضَ الله عَلَيَّ مِنَ الصِّيامِ؟ قَالَ: شَهْرَ رَمَضَانَ إلاَّ أنْ تَطوَّعَ شَيْئاً قَالَ: أخْبِرْنِي بِما فَرَض الله عَلَيَّ مِنَ الزِّكاةِ؟ قَالَ: أخْبَرَهُ رسولُ الله شَرائِعَ الإسْلام، قَالَ: والَّذي أكْرَمَكَ لَا أتَطوَّعُ شَيْئاً وَلَا أنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ الله عَلَيَّ شَيْئاً، فَقَالَ رسولُ الله أفْلَحَ إنْ صَدَقَ أوْ دَخَلَ الجَنَّةَ إنْ صَدَقَ.
وَجه الْمُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بالتعسف، وَأَبُو سُهَيْل مصغر السهل اسْمه نَافِع بن مَالك، وَطَلْحَة بن عبيد الله مُصَغرًا التَّيْمِيّ أحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ. قَتله مَرْوَان بن الحكم يَوْم الْجمل.
والْحَدِيث مضى فِي الْإِيمَان، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: شرائع الْإِسْلَام أَي: وَاجِبَات الزَّكَاة وَغَيرهَا، وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَفْهُوم الشَّرْط يُوجب أَنه إِن تطوع لَا يفلح. قلت: شَرط اعْتِبَار مَفْهُوم الْمُخَالفَة عدم مَفْهُوم الْمُوَافقَة، وَهَاهُنَا مَفْهُوم الْمُوَافقَة ثَابت، إِذْ من تطوع يفلح بِالطَّرِيقِ الأولى.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: فِي عِشْرِينَ ومِائَةِ بَعيرٍ حِقَّتانِ، فَإِن أهْلَكَها مُتَعَمِّداً أوْ وَهَبَها أوِ احْتالَ فِيها فِراراً مِنَ الزَّكاةِ، فَلا شَيْءَ عَليْهِ.
قيل: أَرَادَ بعض النَّاس أَبَا حنيفَة والتشنيع عَلَيْهِ لِأَن مذْهبه أَن كل حِيلَة يتحيل بهَا أحد فِي إِسْقَاط الزَّكَاة فأثم ذَلِك عَلَيْهِ. وَأَبُو حنيفَة يَقُول: إِذا نوى بتفويته الْفِرَار من الزَّكَاة قبل الْحول بِيَوْم لم تضره النِّيَّة، لِأَن ذَلِك لَا يلْزمه إلاَّ بِتمَام الْحول، وَلَا يتَوَجَّه إِلَيْهِ معنى قَوْله خشيَة الصَّدَقَة إلاَّ حينئذٍ، وَقد قَامَ الْإِجْمَاع على جَوَاز التَّصَرُّف قبل دُخُول الْحول كَيفَ شَاءَ، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي أَيْضا، فَكيف يُرِيد بقوله: بعض النَّاس أَبَا حنيفَة على الْخُصُوص؟ وَقيل: أَرَادَ بِهِ أَبَا يُوسُف، فَإِنَّهُ قَالَ: فِي عشْرين وَمِائَة