تَأْوِيل، وَإِنَّمَا يتقاتلان على عَدَاوَة أَو طلب دنيا وَنَحْوه، وَأما من قَاتل أهل الْبَغي أَو دفع الصَّائِل فَقتل فَإِنَّهُ لَا يدْخل فِي هَذَا الْوَعيد لِأَنَّهُ مَأْمُور بِالْقِتَالِ للذب عَن نَفسه غير قَاصد بِهِ قتل صَاحبه.
3 - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالاُْنثَى بِالاُْنْثَى فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذاَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذاَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} الْبَقَرَة: 178)
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول الله عز وَجل: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} إِلَى آخِره وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى} الْآيَة وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَابْن عَسَاكِر (الْحر بِالْحرِّ) إِلَى قَوْله: عَذَاب أَلِيم وسَاق فِي رِوَايَة كَرِيمَة الْآيَة كلهَا وَلم يذكر فِي هَذَا الْبَاب حَدِيثا، وَذكر بعده أبواباً تشْتَمل على مَا فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة: من الْأَحْكَام، وَسَيَأْتِي بَيَان سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة. فَقَالَ: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد حَدثنَا سُفْيَان عَن عَمْرو عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل قصاص وَلم تكن فيهم الدِّيَة، فَقَالَ الله لهَذِهِ الْأمة: كتب عَلَيْكُم الْقصاص إِلَى آخر الحَدِيث. قَوْله: ج ح خَ أَي: من ترك لَهُ من أَخِيه شَيْء يَعْنِي بعد اسْتِحْقَاق الدَّم فاتباع أَي: فَذَلِك الْعَفو اتِّبَاع بِالْمَعْرُوفِ، أَي: قتل الطَّالِب اتِّبَاع بِالْمَعْرُوفِ إِذا قبل الدِّيَة. ش ص ض يَعْنِي من الْقَاتِل يَعْنِي: من غير ضَرَر. قَوْله:؟ أَي: أَخذ الدِّيَة فِي الْعمد تَخْفيف من الله عَلَيْكُم وَرَحْمَة. قَوْله: ف أَي: فَمن قتل بعد أَخذ الدِّيَة ف ق أَي: موجع شَدِيد.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان سُؤال الإِمَام الْقَاتِل يَعْنِي: من اتهمَ بِالْقَتْلِ وَلم تقم عَلَيْهِ الْبَيِّنَة، ويسأله حَتَّى يقر فيقيم عَلَيْهِ الْحَد، هَذِه التَّرْجَمَة هَكَذَا وَقعت فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَلم يَقع فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ وكريمة لفظ: بَاب، وَإِنَّمَا وَقع بعد قَوْله: ف ق وَإِذا لم يزل يسْأَل الْقَاتِل حَتَّى أقرّ، وَالْإِقْرَار فِي الْحُدُود.
6876 - ح دّثنا حَجَّاجُ بنُ مِنْهالٍ، حدّثنا هَمَّامٌ، عنْ قَتادَةَ، عنْ أنَس بنِ مالِكٍ، رَضِي الله عَنهُ، أنَّ يَهُودِيّاً رضَّ رأْسَ جاريةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا فُلانٌ أَو فُلانٌ؟ حتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فأُتِي بهِ النَّبيُّ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أقَرَّ، فَرُضَّ رأْسُهُ بالْحِجارَةِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فَلم يزل بِهِ حَتَّى أقرّ وَهَمَّام هُوَ ابْن يحيى.
والْحَدِيث مضى فِي الْأَشْخَاص عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَفِي الْوَصَايَا عَن حسان بن أبي عباد، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: رض بالضاد الْمُعْجَمَة الْمُشَدّدَة من رض يرض رضَا إِذا رضخ ودق وَفِيه الْقصاص بِالْمثلِ. قَوْله: رَأس جَارِيَة قَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن تكون أمة، وَيحْتَمل أَن تكون حرَّة، لَكِن دون الْبلُوغ. قلت: تقدم فِي الطَّلَاق بِلَفْظ: عدا يَهُودِيّ على جَارِيَة، فَأخذ أَوْضَاحًا كَانَت عَلَيْهَا ورضخ رَأسهَا، وَفِيه: فَأتى أَهلهَا رسولَ الله وَهِي فِي آخر رَمق ... الحَدِيث، وَهَذَا يدل على أَنَّهَا كَانَت حرَّة، وَقَالَ هَذَا الْقَائِل الْمَذْكُور: وَهَذَا لَا يعين كَونهَا حرَّة لاحْتِمَال أَن يُرَاد بِأَهْلِهَا مواليها رقيقَة كَانَت أَو عتيقة. قلت: هَذَا عدُول عَن الظَّاهِر، فَإِن الموَالِي لَا يُطلق عَلَيْهِم: أهل، بِالْحَقِيقَةِ وَالِاحْتِمَال الناشىء عَن غير دَلِيل لَا يثبت الحكم. والأوضاح جمع وضح وَهِي الْحلِيّ من فضَّة، قَالَه أَبُو عُبَيْدَة وَغَيره، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الأوضاح حلي من الدَّرَاهِم الصِّحَاح. قَوْله: فلَان أَو فلَان؟ هَذَا هَكَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر والأصيلي وَابْن عَسَاكِر، وَلأبي ذَر عَن الْكشميهني: أفلان أم فلَان؟ وَفِي رِوَايَة غَيره: أفلان وَفُلَان؟ بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام على سَبِيل الاستخبار، وَتقدم فِي الْأَشْخَاص من وَجه آخر عَن همام: أفلان أفلان؟ بالتكرار بِغَيْر وَاو الْعَطف. قَوْله: حَتَّى سمي الْيَهُودِيّ بِضَم السِّين على بِنَاء الْمَجْهُول. قَوْله: فَأتي بِهِ أَي: باليهودي. قَوْله: حَتَّى أقرّ أَي الْيَهُودِيّ، أَي: حَتَّى أقرّ أَنه فعل بهَا مَا ذكر، وَفِي رِوَايَة الْوَصَايَا: حَتَّى اعْترف. قَالَ أَبُو مَسْعُود: لَا أعلم أحدا