رِوَايَة إِسْحَاق بن عِيسَى عَن مَالك. وَقَالَ الدَّاودِيّ: معنى قَوْله: قَوْله: كَانَت فلتة أَنَّهَا وَقعت من غير مشورة مَعَ جَمِيع من كَانَ يَنْبَغِي أَن يشاوروا، وَأنكر هَذَا الْكَرَابِيسِي، وَقَالَ: المُرَاد أَن أَبَا بكر وَمن مَعَه تفلتوا فِي ذهابهم إِلَى الْأَنْصَار فَبَايعُوا أَبَا بكر بحضرتهم، وَالْمرَاد بالفلتة مَا وَقع من مُخَالفَة الْأَنْصَار وَمَا أرادوه من مبايعة سعد بن عبَادَة، وَقَالَ ابْن حبَان: معنى قَوْله: قَوْله: كَانَت فلتة أَن ابتداءها كَانَ عَن غير مَلأ كثير. وَفِي التَّوْضِيح قَالَ عمر: وَالله مَا وجدنَا فِيمَا حَضَرنَا من أَمر أقوى من بيعَة أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَلِأَن أقدم فَيضْرب عنقِي أحب إليّ من أَن أتأمر على قوم فيهم أَبُو بكر، فَهَذَا يبين أَن قَول عمر: كَانَت فلتة، لم يرد مبايعة أبي بكر، وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا وَصفه من خلَافَة الْأَنْصَار عَلَيْهِم، وَمَا كَانَ من أَمر سعد بن عبَادَة وَقَومه. قَوْله: وَلَكِن الله وقى شَرها أَي: وَلَكِن الله رفع شَرّ خلَافَة أبي بكر رَضِي الله عَنهُ، وَمَعْنَاهُ: أَن الله وقاهم مَا فِي العجلة غَالِبا من الشَّرّ، وَقد بَين عمر سَبَب إسراعهم ببيعة أبي بكر، وَذَلِكَ أَنه لما خَشوا أَن يُبَايع الْأَنْصَار سعد بن عبَادَة، وَقَالَ أَبُو عبيد: عجلوا بيعَة أبي بكر خيفة انتشار الْأَمر وَأَن يتَعَلَّق بِهِ من لَا يسْتَحق فَيَقَع الشَّرّ. قَوْله: من تقطع الْأَعْنَاق أَي: أَعْنَاق الْإِبِل يَعْنِي: تقطع من كَثْرَة السّير، حَاصله لَيْسَ فِيكُم مثل أبي بكر فِي الْفضل والتقدم فَلذَلِك مَضَت بيعَته على حَال فَجْأَة وَوقى شَرها فَلَا يطمعن من أحد فِي مثل ذَلِك. قَوْله: عَن غير مشورة بِفَتْح الْمِيم وَضم الشين الْمُعْجَمَة وبفتح الْمِيم وَسُكُون الشين وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: من غير مشورة. قَوْله: فَلَا يُبَايع جَوَاب: من، على صِيغَة الْمَجْهُول من الْمُبَايعَة بِالْبَاء الْمُوَحدَة ويروى بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق: من الْمُتَابَعَة، وَهَذِه أولى لقَوْله: وَلَا الَّذِي تَابعه بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق فِي أَوله وبالياء الْمُوَحدَة بعد الْألف. قَوْله: تغرة أَن يقتلا أَي: المبايع والمتابع بِالْمُوَحَّدَةِ وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف فِي الأول، وبالمثناة من فَوق وَكسر الْمُوَحدَة فِي الثَّانِي، وتغرة بالغين الْمُعْجَمَة مصدر يُقَال: غرر نَفسه تغريراً وتغرة إِذا عرضهَا للهلاك، وَفِي الْكَلَام مُضَاف مَحْذُوف تَقْدِيره: خوف تغرة أَن يقتلا، أَي: خوف وقوعهما فِي الْقَتْل فَحذف الْمُضَاف الَّذِي هُوَ الْخَوْف وأقيم الْمُضَاف إِلَيْهِ الَّذِي هُوَ تغرة مقَامه وانتصب على أَنه مفعول لَهُ. قَوْله: وَإنَّهُ قد كَانَ أَي: وَإِن أَبَا بكر قد كَانَ من خيرنا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف كَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة غَيره بِالْبَاء الْمُوَحدَة، فعلى رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي يقْرَأ إِن الْأَنْصَار، بِكَسْر همزَة: إِن، على أَنه ابْتِدَاء كَلَام، وعَلى رِوَايَة غَيره بِفَتْحِهَا على أَنه خبر كَانَ، وَكلمَة: أَلا مُعْتَرضَة. قَوْله: ألاَّ إِن الْأَنْصَار قد ذكرنَا غير مرّة أَن كلمة: أَلا، لافتتاح الْكَلَام يُنَبه بهَا الْمُخَاطب على مَا يَأْتِي. قَوْله: بأسرهم أَي: بكليتهم. قَوْله: فِي سَقِيفَة بني سَاعِدَة وَهِي الصّفة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: كَانَ لَهُم طاق يَجْتَمعُونَ فِيهِ لفصل القضايا وتدبير الْأُمُور. قَوْله: وَخَالف عَنَّا أَي: معرضًا عَنَّا. وَقَالَ الْمُهلب: أَي فِي الْحُضُور والاجتماع لَا بِالرَّأْيِ وَالْقلب. وَفِي رِوَايَة مَالك وَمعمر: أَن عليّاً وَالزُّبَيْر وَمن كَانَ مَعَهُمَا تخلفوا فِي بَيت فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَذَا فِي رِوَايَة سُفْيَان، لَكِن قَالَ: الْعَبَّاس، بدل: الزبير رَضِي الله عَنهُ. قَوْله: فَانْطَلَقْنَا نريدهم زَاد جوَيْرِية: فلقينا أَبَا عُبَيْدَة بن الْجراح، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَأخذ أَبُو بكر بِيَدِهِ يمشي بيني وَبَينه. قَوْله: لَقينَا رجلَانِ فعل وفاعل وهما: عويم بن سَاعِدَة ومعن بن عدي الْأنْصَارِيّ. قَوْله: صالحان صفة: رجلَانِ، وَفِي رِوَايَة معمر عَن ابْن شهَاب: شَهدا بَدْرًا، وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق: رجلا صدق: عويم بن سَاعِدَة ومعن بن عدي، كَذَا أدرج تسميتهما وَبَين مَالك أَنه قَول عُرْوَة وَلَفظه، قَالَ ابْن شهَاب: أَخْبرنِي عُرْوَة أَنَّهُمَا معن بن عدي وعويم بن سَاعِدَة، قلت: معن بن عدي بن الْجد بن عجلَان بن ضبيعة البلوي من بلي ابْن الْحَارِث بن قضاعة شهد الْعقبَة وبدراً وأحداً وَالْخَنْدَق وَسَائِر مشَاهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا فِي خلَافَة أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وعويم بن سَاعِدَة بن عايش بن قيس شهد العقبتين جَمِيعًا فِي قَول الْوَاقِدِيّ وَغَيره، وَشهد بَدْرًا وأحداً وَالْخَنْدَق، وَمَات فِي خلَافَة عمر بِالْمَدِينَةِ. قَوْله: مَا تمالأ عَلَيْهِ الْقَوْم أَي: مَا اتّفق عَلَيْهِ الْقَوْم وَهُوَ بِفَتْح اللَّام وبالهمزة من بَاب التفاعل. قَوْله: لَا عَلَيْكُم أَن لَا تقربوهم كلمة: لَا، بعد: أَن، زَائِدَة. قَوْله: رجل مزمل على وزن اسْم الْمَفْعُول من التزميل وَهُوَ الْإخْفَاء واللف فِي الثَّوْب. قَوْله: بَين ظهرانيهم بِفَتْح الظَّاء الْمُعْجَمَة وَالنُّون أَي: بَينهم، وَأَصله بَين ظهريهم فزيدت الْألف وَالنُّون للتَّأْكِيد. قَوْله: يوعك بِضَم الْيَاء وَفتح الْعين أَي: يحصل لَهُ الوعك وَهُوَ الْحمى بنافض وَلذَلِك زمل. قَوْله: تشهد خطيبهم أَي: قَالَ كلمة الشَّهَادَة، قيل: كَانَ ثَابت بن قيس بن شماس خطيب الْأَنْصَار