فِيهِ) قَوْله: (حِين يَزْنِي) قَالَ الْكرْمَانِي كلمة: حِين مُتَعَلقَة بِمَا قبلهَا أَو بِمَا بعْدهَا ثمَّ قَالَ: تحتملهما أَي: لَا يَزْنِي فِي أَي حِين كَانَ أَو وَهُوَ مُؤمن حِين يَزْنِي. وَفِيه: تَنْبِيه على جَمِيع أَنْوَاع الْمعاصِي لِأَنَّهَا إِمَّا بدنية كَالزِّنَا، أَو مَالِيَّة إِمَّا سرا كالسرقة أَو جَهرا كالنهب أَو عقلية كَالْخمرِ فَإِنَّهَا مزيلة لَهُ. قَوْله: (نهبة) بِضَم النُّون وَهُوَ المَال المنهوب، وَقَالَ الْكرْمَانِي: النهبة، بِالْفَتْح مصدر وَبِضَمِّهَا المَال المنهوب يَعْنِي: لَا يَأْخُذ الرجل مَال غَيره قهرا وظلماً وهم ينظرُونَ إِلَيْهِ ويتضرعون ويبكون وَلَا يقدرُونَ على دَفعه، ثمَّ قَالَ: مَا فَائِدَة ذكر الْأَبْصَار؟ فَأجَاب بِأَنَّهُ إِخْرَاج الْمَوْهُوب الْمشَاع والموائد الْعَامَّة، فَإِن رَفعهَا لَا يكون عَادَة إلاّ فِي الغارات ظلما صَرِيحًا. انْتهى. وَقيل: يحْتَمل أَن يكون كِنَايَة عَن عدم التستر بذلك، فَيكون صفة لَازِمَة للنهب بِخِلَاف السّرقَة والاختلاس فَإِنَّهُ يكون فِي خُفْيَة والانتهاب أَشد لما فِيهِ من مزِيد الجرأة وَعدم المبالاة.
وعنِ ابنِ شِهابٍ عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَّيبِ وَأبي سَلَمَةَ عَن أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمِثْلِهِ، إلاَّ النُّهْبَةَ.
هَذَا مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور أَي: وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مثله أَي: مثل الحَدِيث الْمَذْكُور إلاَّ لفظ: النهبة لَيْسَ فِيهِ، وَأخرجه مُسلم من طَرِيق شُعَيْب بن اللَّيْث بِلَفْظ: قَالَ ابْن شهَاب. وحَدثني سعيد بن الْمسيب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثل حَدِيث أبي بكر هَذَا إلاَّ النهبة.
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ مَا جَاءَ من الْخَبَر فِي ضرب شَارِب الْخمر.
3776 - حدّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ حَدثنَا هِشام عنْ قَتادَةَ عنْ أنَسٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. (الحَدِيث 4776 طرفَة فِي: 6776) .
(ح) وحدّثنا آدَمُ حدّثنا شُعْبَةُ حدّثنا قَتادَةُ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله عَنهُ، أنَّ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضَرَبَ فِي الخَمْرِ بالجَرِيده النِّعالِ، وجَلَدَ أبُو بَكْرِ أرْبَعِين.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأخرجه من طَرِيقين.
الأول: عَن حَفْص بن عمر عَن هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة.
وَالثَّانِي: عَن آدم بن إِيَاس عَن شُعْبَة الخ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْحُدُود أَيْضا عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار. وَأخرجه أَبُو دادو فِيهِ عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن بنْدَار بِهِ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد مُخْتَصرا، وَلم يذكر: (وَجلد أَبُو بكر أَرْبَعِينَ) وَاحْتج الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَأهل الظَّاهِر على أَن حد السَّكْرَان أَرْبَعُونَ سَوْطًا. وَقَالَ ابْن حزم: وَهُوَ قَول أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَالْحسن بن عَليّ وَعبد الله بن جَعْفَر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. وَبِه يَقُول الشَّافِعِي وَأَبُو سُلَيْمَان وأصحابنا، وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَالشعْبِيّ وَأَبُو حنيفَة وَمَالك وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَأحمد فِي رِوَايَة: ثَمَانُون سَوْطًا، وَرُوِيَ ذَلِك عَن عَليّ وخَالِد بن الْوَلِيد وَمُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، قَالَ أَبُو عمر: الْجُمْهُور من عُلَمَاء السّلف وَالْخلف على أَن الْحَد فِي الشّرْب ثَمَانُون، وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَعبيد الله بن الْحسن وَالْحسن بن حَيّ وَإِسْحَاق وَأحمد، وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي. وَقَالَ: اتّفق إِجْمَاع الصَّحَابَة فِي زمن عمر على الثَّمَانِينَ فِي حد الْخمر وَلَا مُخَالف لَهُم مِنْهُم وعَلى ذَلِك جمَاعَة التَّابِعين وَجُمْهُور فُقَهَاء الْمُسلمين. وَالْخلاف فِي ذَلِك كالشذوذ المحجوج بالجمهور، وَقَالَ ابْن مَسْعُود: مَا رَآهُ الْمُسلمُونَ حسنا فَهُوَ عِنْد الله حسن. وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين من بعدِي، وروى الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث يحيى بن فليح عَن مُحَمَّد بن يزِيد عَن عِكْرِمَة عَن مَوْلَاهُ أَن الشُّرَّاب كَانُوا يضْربُونَ فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالْأَيْدِي وَالنعال والعصي حَتَّى توفّي، وَكَانَ فِي خلَافَة أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فجلدهم أَرْبَعِينَ ثمَّ عمر كَذَلِك ... الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ: فَقَالَ عمر: مَاذَا ترَوْنَ؟ فَقَالَ عَليّ: إِذا شرب سكر وَإِذا سكر هذى وَإِذا هذى افترى وعَلى المفتري ثَمَانُون جلدَة، فَأمر عمر فجلده ثَمَانِينَ أَي: جلد السَّكْرَان ثَمَانِينَ سَوْطًا.