فَقَالَ: ائْتُونِي بالسِّكِين أشُقُّهُ بَيْنَهُما. فَقالتِ الصُّغْرى: لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ الله هُوَ ابْنُها فَقَضى بِهِ لِلصُّغْرَى)
قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ: وَالله إنْ سَمِعْتُ بالسِّكِينِ قَطُّ إلاّ يَوْمَئذٍ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إلاّ: المُدْيَةَ. (انْظُر الحَدِيث 7243) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ دَعْوَى كل وَاحِدَة من الْمَرْأَتَيْنِ أَن الابْن لَهَا، قيل: مَا وَجه إِيرَاده هَذَا الحَدِيث وَلَا يتَعَلَّق بِهِ حكم؟ .
قلت: يستنبط مِنْهُ حكم، وَهُوَ أَن امْرَأَة لَا زوج لَهَا إِذا قَالَت لِابْنِ لَا يعرف لَهُ أَب: هَذَا ابْني، وَلم ينازعها أحد فَإِنَّهُ يعْمل بقولِهَا: وترثه ويرثها وترثه إخْوَته لأمه، وَإِذا كَانَ لَهَا زوج، وَادعت أَن هَذَا ابْني وَأنْكرهُ لَا يعْمل بقولِهَا إلاَّ إِذا أَقَامَت الْبَيِّنَة فحينئذٍ تقبل.
قَوْله: (حَدثنَا أَبُو الْيَمَان) أَي: الحكم بن نَافِع. قَوْله: (حَدثنَا أَبُو الزِّنَاد) بالزاي وَالنُّون وَهُوَ عبد الله بن ذكْوَان يروي عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة.
والْحَدِيث مضى فِي تَرْجَمَة سُلَيْمَان من أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام.
قَوْله: (فتحاكمتا) أَي: الْمَرْأَتَانِ المذكورتان، ويروى: فتحاكما، بالتذكير بِاعْتِبَار الشَّخْص، قيل: كَيفَ نقض سُلَيْمَان حكم دَاوُد عَلَيْهِمَا السَّلَام؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُمَا حكما بِالْوَحْي. وَحكم سُلَيْمَان كَانَ نَاسِخا أَو بِالِاجْتِهَادِ، وَجَاز النَّقْض لدَلِيل أقوى على أَن الضَّمِير فِي قَوْله: (فَقضى) يحْتَمل أَن يكون رَاجعا إِلَى دَاوُد.
قلت: فِي الْجَواب الأول نظر، لِأَن عمر سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام، كَانَ حينئذٍ أحد عشر سنة وَلم يكن يُوحى إِلَيْهِ، قَالُوا: اسْتَخْلَفَهُ دَاوُد وعمره كَانَ اثْنَي عشرَة سنة. وَقَالَ مقَاتل: كَانَ سُلَيْمَان أقضى من دَاوُد وَكَانَ دَاوُد أَشد تعبداً من سُلَيْمَان. وَقَالَ الْكرْمَانِي: لما اعْترف الْخصم بِأَن الْحق لصَاحبه كَيفَ حكم بِخِلَافِهِ؟ ثمَّ قَالَ: لَعَلَّه علم بِالْقَرِينَةِ أَنه لَا يُرِيد حَقِيقَة الْأَمر، وَقَالَ النَّوَوِيّ: اسْتدلَّ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام، بشفقة الصُّغْرَى على أَنَّهَا أمه وَلَعَلَّ الْكُبْرَى أقرَّت بعد ذَلِك بِهِ للصغرى.
قَوْله: (إِن سَمِعت بالسكين) ، يَعْنِي باسم السكين قطّ إلاَّ يومئذٍ يَعْنِي: يَوْم سمع الحَدِيث. قَوْله: (إلاَّ المدية) بِضَم الْمِيم وَفتحهَا وَكسرهَا وَسُكُون الدَّال سميت بهَا لِأَنَّهَا تقطع مدى حَيَاة الْحَيَوَان، والسكين لِأَنَّهَا تسكن حركته.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْقَائِف، وَهُوَ على وزن فَاعل من القيافة، وَهِي معرفَة الْآثَار. وَفِي اصْطِلَاح الْفُقَهَاء: هُوَ الَّذِي يعرف الشّبَه ويميز الْأَثر، وَسمي بذلك لِأَنَّهُ يقفو الْأَشْيَاء أَي: يتبعهَا. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ الَّذِي يقفو الْأَثر ويقتافه قفواً وقيافة، وَيجمع الْقَائِف على الْقَافة. قيل: لَا وَجه لذكر: بَاب الْقَائِف فِي كتاب الْفَرَائِض. وَأجِيب: بِجَوَاب لَا يمشي إلاَّ على مَذْهَب من يعْمل بالقافة، وَهُوَ الرَّد على من لَا يعْمل بهَا، وَيلْزم من قَول من يعْمل بهَا التَّوَارُث بَين الملحق والملحق بِهِ فَلهُ تعلق بالفرائض من هَذَا الْوَجْه.
0776 - حدّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حدّثنا اللَّيْثُ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: إنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَخَلَ عَلَيَّ مَسْرُوراً تَبْرُقُ أساريرُ وَجْهِهِ، فَقَالَ: (ألَمْ تَرَيْ أنَّ مُجَزِّزاً نَظَرَ آنِفاً إِلَى زَيْدِ بنِ حارثَةَ وأُسامَةَ بنِ زَيْدٍ فَقَالَ: إنَّ هاذِهِ الأقْدامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن مجززاً الْمَذْكُور حكم بالقيافة فِي زيد بن حَارِثَة وَأُسَامَة بن زيد، وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يقدحون فِي نسب أُسَامَة لِأَنَّهُ كَانَ أسود شَدِيد السوَاد لَكِن أمه كَانَت سَوْدَاء، وَكَانَ أَبوهُ زيد أَبيض من الْقطن، فَلَمَّا قَالَ هَذَا الْقَائِف مَا قَالَ مَعَ اخْتِلَاف اللَّوْن سر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك لكَونه كافاً لَهُم عَن الطعْن فِيهِ لاعتقادهم ذَلِك.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن يحيى بن يحيى وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الطَّلَاق. وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْوَلَاء. وَالنَّسَائِيّ فِي الطَّلَاق.
قَوْله: (دخل عليَّ مَسْرُورا) أَي: دخل إِلَى حجرَة عَائِشَة حَال كَونه مَسْرُورا أَي: فرحاناً. قَوْله: (تبرق أسارير وَجهه) جملَة حَالية والأسارير هِيَ الخطوط الَّتِي تجمع فِي الْجَبْهَة وتنكسروا وَاحِدهَا سرو سرر وجمها أسرار وأسرة وَجمع الْجمع أسارير، وَرُوِيَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا