قَوْله: (أَو قَالَ: أعْطى الثّمن) شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (وخيرت) على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: لما عتقت خيرت بَين فسخ نِكَاحهَا وَاخْتِيَار نَفسهَا وإمضاء النِّكَاح وَاخْتِيَار الزَّوْج، وَقد مر أَن اسْمه: مغيث. قَوْله: (وَقَالَت: لَو أَعْطَيْت) أَي قَالَت بَرِيرَة: لَو أَعْطَانِي زَوجي كَذَا وَكَذَا من المَال مَا كنت مَعَه. أَي: مَا كنت أَصْحَبهُ وَلَا أَقمت عِنْده، وَكَذَا فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ حَيْثُ قَالَ: فَخَيرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من زَوجهَا، قَالَت: لَو أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا أَقمت عِنْده، فَاخْتَارَتْ نَفسهَا وَكَانَ زَوجهَا حرا.
قَالَ الأسْوَدُ: وَكَانَ زَوْجُها حُرًّا. قَوْلُ الأسْوَدِ مُنْقَطَعٌ
أَي: قَول الْأسود بن يزِيد الرَّاوِي عَن عَائِشَة: كَانَ زوج بَرِيرَة حرا، ثمَّ قَالَ البُخَارِيّ: قَول الْأسود مُنْقَطع، فَقيل: الْمُنْقَطع هُوَ أَن يسْقط من الْإِسْنَاد رجل أَو يذكر فِيهِ رجل مُبْهَم، وَقَالَ الْخَطِيب: الْمُنْقَطع مَا روى عَن التَّابِعِيّ فَمن دونه مَوْقُوفا عَلَيْهِ من قَوْله أَو فعله، وَقيل: الْمُنْقَطع مثل الْمُرْسل وَهُوَ كل مَا لَا يتَّصل إِسْنَاده، غير أَن الْمُرْسل أَكثر مَا يُطلق على مَا رَوَاهُ التَّابِعِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمَشْهُور أَن الْمُرْسل قَول غير الصَّحَابِيّ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وقَوْلُ ابنِ عَبَّاسٍ: رَأيْتهُ عَبْداً، أصَحُّ
أَي: قَول ابْن عَبَّاس: رَأَيْت زوج بَرِيرَة عبدا أصح من قَول الْأسود، لِأَنَّهُ رَآهُ وَشَاهده، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إِثْم من تَبرأ من موَالِيه بِأَن نفى كَونه من موَالِي فلَان أَو وَالِي غَيره، وروى أَحْمد فِي (مُسْنده) : من طَرِيق سهل بن معَاذ بن أنس عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (إِن لله عباداً لَا يكلمهم الله) الحَدِيث وَفِيه: رجل أنعم عَلَيْهِ قوم فَكفر نعمتهم وتبرأ مِنْهُم.
5576 - حدّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حدّثنا جَرِيرٌ عنِ الأعْمَشِ عنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عنْ أبِيهِ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ رَضِي الله عَنهُ عندنَا كِتابٌ نَقْرَؤُهُ إلاّ كِتابُ الله غَيْرَ هاذِهِ الصَّحِيفَةِ، قَالَ: فأخْرَجَها فَإِذا فِيهَا أشْياءُ مِنَ الجِراحاتِ وأسْنانِ الإبِلِ. قَالَ وفيهَا: المَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَيْرِ إِلَى ثَوْرٍ فَمَنْ أحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً أوْ آوَى مُحْدثاً فَعَليْهِ لَعْنَةُ الله والمَلائِكَةِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ القِيامَةِ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ، ومَنْ والَى قَوْماً بِغَيْرِ إذْن مَوالِيهِ فَعَليْهِ لَعْنَةُ الله والمَلائِكَةِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ القِيامَةِ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ، وذِمَّةُ المُسْلِمِينَ واحِدَةٌ يَسْعاى بِها أدْناهُمْ فَمَنْ أخْفَرَ مُسْلِماً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله والمَلاَئِكَةِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ القِيامَةِ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وَمن والى قوما) إِلَى قَوْله: (وَذمَّة الْمُسلمين) فَإِن قلت: التَّرْجَمَة مُطلقَة والْحَدِيث:. (من والى قوما بِغَيْر إِذن موَالِيه) فَإِن الْمَفْهُوم مِنْهُ أَنه إِذا والى بإذنهم لَا يَأْثَم وَلَا يكون متبرءاً.
قلت: لَيْسَ هَذَا لتقييد الحكم وَإِنَّمَا هُوَ إِيرَاد الْكَلَام على الْغَالِب، وَقيل: هُوَ للتَّأْكِيد لِأَنَّهُ إِذا اسْتَأْذن موَالِيه فِي ذَلِك منعُوهُ.
وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ هُوَ إِبْرَاهِيم بن يزِيد من الزِّيَادَة ابْن شريك التَّيْمِيّ تيم الربَاب وَلَيْسَ هُوَ إِبْرَاهِيم بن يزِيد بن الْأسود بن عَمْرو، وَقيل: ابْن عمر بن يزِيد بن الْأسود بن عمر، وَأَبُو عمرَان النَّخعِيّ الْكُوفِي، وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ يروي عَن أَبِيه يزِيد بن شريك بن طَارق التَّيْمِيّ، عداده فِي أهل الْكُوفَة سمع عَليّ بن أبي طَالب وَغَيره من الصَّحَابَة.
والْحَدِيث مضى فِي الْحَج عَن مُحَمَّد بن بشار وَفِي الْجِزْيَة عَن مُحَمَّد بن وَكِيع وَسَيَجِيءُ فِي الِاعْتِصَام عَن عمر بن حَفْص.
قَوْله: (غير هَذِه الصَّحِيفَة) حَال