بِعَمَل أهل الْجنَّة وَعمل أهل النَّار وَالْمرَاد من الْكتاب الْمَكْتُوب أَي مَكْتُوب الله أَي الْقَضَاء الأزلي قَوْله فَيعْمل بِعَمَل أهل النَّار الْبَاء فِيهِ زَائِدَة للتَّأْكِيد قَوْله أَو ذراعين أَي أَو غير ذراعين فَهُوَ شكّ من الرَّاوِي قَوْله وَقَالَ آدم إِلَّا ذِرَاع أَي قَالَ آدم بن إِيَاس إِلَّا ذِرَاع هَذَا تَعْلِيق وَصله البُخَارِيّ فِي التَّوْحِيد -
5956 - حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ حَدثنَا حَمَّادٌ عنْ عُبيْدِ الله بنِ أبي بَكْرِ بنِ أنَسٍ عنْ أنَسٍ ابْن مالِكٍ رَضِي الله عَنهُ، عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (وَكَّلَ الله بالرَّحِمِ مَلَكاً، فَيَقُولُ: أيْ رَبِّ نُطْفَةٌ {أَي رَبِّ عَلَقَةٌ} أيْ رَبِّ مُضْغَةٌ {فَإِذا أرادَ الله أنْ يَقْضِيَ خَلْقَها قَالَ: أيْ رَبِّ ذَكَرٌ أمْ أنْثَى؟ أشَقيٌّ أمْ سَعيدٌ؟ فَما الرِّزْقُ فَما الأجَلُ؟ فَيُكْتَبُ كَذالِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ) .
حَمَّاد هُوَ ابْن زيد، وَعبيد الله هُوَ ابْن أبي بكر بن أنس بن مَالك يروي عَن جده أنس.
والْحَدِيث مضى فِي الطَّهَارَة فِي الْحيض عَن مُسَدّد، وَفِي خلق آدم عَن أبي النُّعْمَان. وَأخرجه مُسلم فِي الْقدر عَن أبي كَامِل الجحدري.
قَوْله: (أَي رب) أَي: يَا رب. قَوْله: (نُطْفَة) ، بِالنّصب على اعْتِبَار فعل مَحْذُوف، وبالرفع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف. قَوْله: (أَن يقْضِي خلقهَا) أَي: يتمه. قَوْله: (فِي بطن أمه) لَيْسَ ظرفا للكتابة بل: هُوَ مَكْتُوب على الْجَبْهَة، أَو على الرَّأْس مثلا، وَهُوَ فِي بطن أمه: قيل: قَالَ هُنَا: (وكل الله) وَفِي الحَدِيث السَّابِق: (ثمَّ يبْعَث الله ملكا) . وَأجِيب: بِأَن المُرَاد بِالْبَعْثِ الحكم عَلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا.
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: جف الْقَلَم، وَقَالَ بَعضهم: بَاب، التَّنْوِين.
قلت: هَذَا قَول من لم يمس شَيْئا من الْإِعْرَاب، والتنوين يكون فِي المعرب، وَلَفظ بَاب هُنَا مُفْرد فَكيف ينون، وَالتَّقْدِير مَا ذَكرْنَاهُ أَو نَحوه، وجفاف الْقَلَم عبارَة عَن عدم تَغْيِير حكمه لِأَن الْكَاتِب لما أَن جف قلمه عَن المداد لَا تبقى لَهُ الْكِتَابَة كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي وَفِيه نظر لِأَن الله تَعَالَى قَالَ: {يمحوا الله مَا يَشَاء وَيثبت} (الرَّعْد: 93) فَإِن كَانَ مُرَاده من عدم تَغْيِير حكمه الَّذِي فِي الْأَزَل فَمُسلم، وَإِن كَانَ الَّذِي فِي اللَّوْح فَلَا وَالْأَوْجه أَن يُقَال: جف الْقَلَم، أَي: فرغ من الْكِتَابَة الَّتِي أَمر بهَا حِين خلقه وَأمره أَن يكْتب مَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، فَإِذا أَرَادَ بعد ذَلِك تَغْيِير شَيْء مِمَّا كتبه محاه كَمَا قَالَ: {يمحوا الله مَا يَشَاء وَيثبت} قَوْله: (على علم الله) ، أَي: حكم الله، لِأَن معلومه لَا بُد أَن يَقع وإلاَّ لزم الْجَهْل فَعلمه بِمَعْلُوم مُسْتَلْزم للْحكم بِوُقُوعِهِ.
وقَوْلُهُ {وأضله الله على علم} (الجاثية: 32)
ذكر هَذَا أَي قَول الله تَعَالَى إِشَارَة إِلَى أَن علم الله حكمه كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وأضله الله على علم} أَي: على علمه فِي الْأَزَل وَهُوَ حكمه عِنْد الظُّهُور، وَقيل: مَعْنَاهُ أضلّهُ الله بعد أَن أعلمهُ وَبَين لَهُ فَلم يقبل.
وَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ لي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جَفَّ القَلَمُ بِما أنْتَ لاقٍ
صدر الحَدِيث هُوَ التَّرْجَمَة وَهُوَ قِطْعَة من حَدِيث ذكر أَصله البُخَارِيّ من طَرِيق ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة. قَالَ: (قلت: يَا رَسُول الله} إِنِّي رجل شَاب وَإِنِّي أَخَاف على نَفسِي الْعَنَت وَلَا أجد مَا أَتزوّج بِهِ النِّسَاء، فَسكت عني) الحَدِيث وَفِيه: (يَا أَبَا هُرَيْرَة! جف الْقَلَم بِمَا أَنْت لَاق، فاختصر على ذَلِك أَو ذَر) . أخرجه فِي أَوَائِل النِّكَاح.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاس {لَهَا سَابِقُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 16) سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعادَةُ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخيرَات وهم لَهَا سَابِقُونَ} سبقت لَهُم السَّعَادَة قيل: تَفْسِير ابْن عَبَّاس يدل على أَن السَّعَادَة سَابِقَة، الْآيَة تدل على أَن الْخيرَات يَعْنِي: السَّعَادَة مسبوقة. وَأجِيب بِأَن معنى الْآيَة أَنهم سبقوا النَّاس لأجل السَّعَادَة لَا أَنهم سبقوا السَّعَادَة.