أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان الْقدر، وَذكره قَالَ الْكرْمَانِي: كتاب الْقدر، أَي: حكم الله تَعَالَى، قَالُوا: الْقَضَاء هُوَ الحكم الْكُلِّي الإجمالي فِي الْأَزَل، وَالْقدر جزئيات ذَلِك الحكم وتفاصيله الَّتِي تقع، قَالَ تَعَالَى: {وَإِن من شَيْء إِلَّا عندنَا خزائنه وَمَا ننزله إِلَّا بِقدر مَعْلُوم} (الْحجر: 12) وَمذهب أهل الْحق أَن الْأُمُور كلهَا من الْإِيمَان وَالْكفْر وَالْخَيْر وَالشَّر والنفع والضر بِقَضَاء الله وَقدره، وَلَا يجْرِي فِي ملكه إلاَّ مقدراته. وَقَالَ الرَّاغِب: الْقدر بِوَضْعِهِ يدل على الْقُدْرَة وعَلى الْمَقْدُور الْكَائِن بِالْعلمِ يتَضَمَّن الْإِرَادَة عقلا وَالْقَوْل نقلا. وَقدر الله الشَّيْء بِالتَّشْدِيدِ قَضَاهُ، وَيجوز التَّخْفِيف، وَفِي بعض النّسخ: بَاب الْقدر، بعد قَوْله: كتاب الْقدر، قيل: هَذَا زِيَادَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي.
1 - (حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك حَدثنَا شُعْبَة أنبأني سُلَيْمَان الْأَعْمَش قَالَ سَمِعت زيد بن وهب عَن عبد الله قَالَ حَدثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ الصَّادِق المصدوق قَالَ إِن أحدكُم يجمع فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَة ثمَّ علقَة مثل ذَلِك ثمَّ يكون مُضْغَة مثل ذَلِك ثمَّ يبْعَث الله ملكا فَيُؤْمَر بِأَرْبَع برزقه وأجله وشقي أَو سعيد فوَاللَّه إِن أحدكُم أَو الرجل يعْمل بِعَمَل أهل النَّار حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا غير بَاعَ أَو ذِرَاع فَيَسْبق عَلَيْهِ الْكتاب فَيعْمل بِعَمَل أهل الْجنَّة فيدخلها وَإِن الرجل ليعْمَل بِعَمَل أهل الْجنَّة حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا غير ذِرَاع أَو ذراعين فَيَسْبق عَلَيْهِ الْكتاب فَيعْمل بِعَمَل أهل النَّار فيدخلها وَقَالَ آدم إِلَّا ذِرَاع) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي مَعْنَاهُ وَزيد بن وهب أَبُو سُلَيْمَان الْهَمدَانِي الْكُوفِي من قضاعة خرج إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقبض النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي الطَّرِيق سمع عبد الله بن مَسْعُود وَغَيره وَهَذَا الحَدِيث اشْتهر عَن الْأَعْمَش بالسند الْمَذْكُور هُنَا قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ فِي كتاب الْعِلَل كُنَّا نظن أَن الْأَعْمَش تفرد بِهِ حَتَّى وَجَدْنَاهُ من رِوَايَة سَلمَة بن كهيل عَن زيد بن وهب وَرِوَايَته عِنْد أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَلم ينْفَرد بِهِ زيد بن وهب أَيْضا عَن ابْن مَسْعُود بل رَوَاهُ عَنهُ أَبُو عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود عِنْد أَحْمد وعلقمة عِنْد أبي يعلى وَلم ينْفَرد بِهِ ابْن مَسْعُود أَيْضا بل رَوَاهُ جمَاعَة من الصَّحَابَة مطولا ومختصرا مِنْهُم أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ على مَا يَجِيء عقيب هَذَا الحَدِيث وَحُذَيْفَة بن أسيد عِنْد مُسلم وَعبد الله بن عمر فِي الْقدر لِابْنِ وهب وَسَهل بن سعد وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْكتاب وَأَبُو هُرَيْرَة عِنْد مُسلم وَعَائِشَة عِنْد أَحْمد وَأَبُو ذَر عِنْد الْفرْيَابِيّ وَمَالك بن الْحُوَيْرِث عِنْد أبي نعيم فِي الطِّبّ وَغَيرهم وَهَذَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي التَّوْحِيد عَن آدم وَمضى فِي بَدْء الْخلق عَن الْحسن بن الرّبيع وَفِي خلق آدم عَن عمر بن حَفْص وَأخرجه مُسلم فِي الْقدر عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة وَقد ذَكرْنَاهُ فِي بَدْء الْخلق وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ وَلَا نقتصر عَلَيْهِ فَقَوله أنبأني سُلَيْمَان الْأَعْمَش وَقَالَ فِي التَّوْحِيد حَدثنَا سُلَيْمَان الْأَعْمَش وَيفهم مِنْهُ أَن التحديث والأنباء عِنْد شُعْبَة سَوَاء وَيرد بِهِ على من زعم أَن شُعْبَة يسْتَعْمل الأنباء فِي الْإِجَازَة قَوْله " وَهُوَ الصَّادِق المصدوق " أَي الصَّادِق فِي نَفسه والمصدوق من جِهَة غَيره وَقَالَ الْكرْمَانِي لما كَانَ مَضْمُون الْخَبَر مُخَالفا لما عَلَيْهِ الْأَطِبَّاء أَرَادَ الْإِشَارَة إِلَى صدقه وَبطلَان مَا قَالُوهُ أَو ذكره تلذذا وتبركا وافتخارا قَالَ الْأَطِبَّاء إِنَّمَا يتَصَوَّر الْجَنِين فِيمَا بَين ثَلَاثِينَ يَوْمًا إِلَى الْأَرْبَعين وَالْمَفْهُوم من الحَدِيث أَن خلقه إِنَّمَا يكون بعد أَرْبَعَة أشهر انْتهى وَقَالَ بَعضهم بعد أَن نقل كَلَام الْكرْمَانِي مَا ملخصه أَنه لم يُعجبهُ مَا قَالَه الْكرْمَانِي حَيْثُ قَالَ وَقد وَقع هَذَا اللَّفْظ بِعَيْنِه فِي