8856 - حدّثني إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ حدّثنا أنَسُ بنُ عِياض عنْ عُبَيْدِ الله عنْ خُبَيْبٍ عنْ حَفْصِ ابنِ عاصِم عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (مَا بَيْنَ بَيْتِي ومِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الجَنة ومِنْبَرِي عَلى حَوْضِي) .
عبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ، وخبيب بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى ابْن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْحَارِث الْأنْصَارِيّ خَال عبيد الله الْمَذْكُور، وَحَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ جد عبيد الله الْمَذْكُور.
والْحَدِيث مضى فِي آخر الصَّلَاة، وَفِي آخر الْحَج عَن مُسَدّد عَن يحيى بن سعيد. وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره.
قَوْله: (ومنبري) قَالُوا: المُرَاد منبره بِعَيْنِه الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا، وَقيل: إِن لَهُ هُنَاكَ منبراً على حَوْضه يَدْعُو النَّاس عَلَيْهِ ... إِلَى الْحَوْض. قَوْله: (رَوْضَة) مَعْنَاهَا أَن ذَلِك الْموضع بِعَيْنِه ينْتَقل إِلَى الْجنَّة فَهُوَ حَقِيقَة، أَو أَن الْعِبَادَة فِيهِ تُؤدِّي إِلَى رَوْضَة الْجنَّة، فَهُوَ مجازٌ بِاعْتِبَار الْمَآل، أَي: مآل الْعِبَادَة فِيهِ الْجنَّة، أَو تَشْبِيه أَي: هُوَ كروضة، وسمى تِلْكَ الْبقْعَة الْمُبَارَكَة: رَوْضَة، لِأَن زوار قَبره من الْمَلَائِكَة وَالْإِنْس وَالْجِنّ لم يزَالُوا منكبين فِيهَا على ذكر الله تَعَالَى، وَقَالَ الْخطابِيّ: مَعْنَاهُ تَفْضِيل الْمَدِينَة وَالتَّرْغِيب فِي الْمقَام بهَا والاستكثار من ذكر الله فِي مَسْجِدهَا، وَأَن من لزم الطَّاعَة فِيهِ آلت بِهِ إِلَى رَوْضَة الْجنَّة، وَمن لزم الْعِبَادَة عِنْد الْمِنْبَر سقِِي يَوْم الْقِيَامَة من الْحَوْض.
0956 - حدّثنا عَمْرُو بنُ خالِدٍ حدّثنا اللّيْثُ عنْ يَزِيدَ عنْ أبي الخَيْرِ عنْ عُقْبَةَ رَضِي الله عَنهُ، أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَرَجَ يَوْماً فَصَلَّى عَلى أهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلى المَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَلى المِنْبَرِ فَقَالَ: (إنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وإنِّي وَالله لأنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وإنِّي أُعْطِيتُ مَفاتِيحَ خَزَائِنِ الأرْضِ أوْ مَفاتِيحَ الأرْضِ وإنِّي وَالله مَا أخافُ عَلَيْكُمْ أنْ تَشْرِكُوا بَعْدِي، ولَكِنْ أخافُ عَلَيْكُمْ أنْ تَنافَسُوا فِيها) .
عَمْرو بن خَالِد الْجَزرِي بِالْجِيم وَالزَّاي وَالرَّاء، وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن أبي حبيب أَبُو ورجاء الْمصْرِيّ وَاسم أبي حبيب سُوَيْد، وَأَبُو الْخَيْر مرْثَد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الرَّاء وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة ابْن عبد الله الْيَزنِي، وَعقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن سعيد بن شُرَحْبِيل، وَفِي الْمَغَازِي عَن قُتَيْبَة وَغَيره. وَأخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة، فَمُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، والآخران فِي الْجَنَائِز، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مكرراً.
قَوْله: (فصلى على أهل أحد) أَي: دَعَا لَهُم بِدُعَاء صَلَاة الْمَيِّت، قَالَه الْكرْمَانِي، وَقيل: صلى صَلَاة الْمَوْتَى، وَهُوَ ظَاهر الحَدِيث، وَكَانَ ذَلِك بعد مَوْتهمْ بِثمَانِيَة أَعْوَام. قَوْله: (ثمَّ انْصَرف على الْمِنْبَر) ويروى: ثمَّ انْصَرف فَصَعدَ على الْمِنْبَر. قَوْله: (أَو مَفَاتِيح الأَرْض) شكّ من الرَّاوِي وَالْمرَاد: كنوز الأَرْض. قَوْله: (مَا أَخَاف عَلَيْكُم أَن تُشْرِكُوا) قيل: قد وَقع بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ارتداد لبَعض الْأَعْرَاب. وَأجِيب: بِأَن الْخطاب للْجمع فَلَا يُنَافِي ارتداد الْبَعْض. قَوْله: (أَن تنافسوا) أَصله: تتنافسوا، فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ أَي: تراغبوا وَتَنَازَعُوا. قَوْله: (فِيهَا) أَي: فِي الدُّنْيَا. وَفِيه: عدَّة معجزات