ويعرفونني على الأَصْل قَوْله " يُحَال " على صِيغَة الْمَجْهُول من حَال بَين الشَّيْئَيْنِ إِذا منع أَحدهمَا من الآخر قَوْله " لسمعته " اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد قَوْله وَهُوَ يزِيد فِيهَا أَي وَالْحَال أَنه يزِيد فِي هَذِه الْمقَالة وَالَّذِي زَاده هُوَ قَوْله فَأَقُول إِلَى قَوْله وَقَالَ ابْن عَبَّاس قَوْله " سحقا " أَي بعدا وَكرر للتَّأْكِيد وَهُوَ نصب على الْمصدر وَهَذَا مشْعر بِأَنَّهُم مرتدون عَن الدّين لِأَنَّهُ يشفع للعصاة ويهتم بأمرهم وَلَا يَقُول لَهُم مثل ذَلِك قَوْله " وَقَالَ ابْن عَبَّاس " أَي عبد الله بن عَبَّاس وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي حَاتِم من رِوَايَة عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ بِلَفْظَة قَوْله يُقَال سحيق أَي بعيد من كَلَام أبي عُبَيْدَة فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق} وَمِنْه النَّخْلَة السحوق الطَّوِيلَة قَوْله " سحقه " وأسحقه أبعده ثَبت هَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن معنى سحقه الَّذِي هُوَ ثلاثي وَمعنى أسحقه الَّذِي هُوَ مزِيد فِيهِ بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ أبعده وَهَذَا أَيْضا من كَلَام أبي عُبَيْدَة

5856 - وَقَالَ أحْمَدُ بنُ شَبِيبِ بنِ سَعِيدٍ الحَبَطِيُّ: حدّثنا أبي عنْ يُونسَ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّهُ كانَ يُحَدِّثُ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (يَرِدُ عَلَيَّ يَوْمَ القيامةِ رَهطٌ مِنْ أصْحابي فَيُحَلَّؤْونَ عنِ الحَوْضِ، فأقُولُ: يَا رَبِّ أصْحابي {فَيَقُولُ: إنَّك لاَ علْمَ لَكَ بِما أحْدَثُوا بَعْدَكَ إنهُمُ ارْتَدُّوا عَلى أدْبارِهِمُ القَهْقَهرَى) .

هَذَا تَعْلِيق عَن أَحْمد بن شبيب بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى ابْن سعيد الحبطي بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وبالطاء الْمُهْملَة ينْسب إِلَى الحبطات من تَمِيم وَهُوَ الْحَارِث بن عَمْرو بن تَمِيم بن مر، والْحَارث هُوَ الحبط وَولده يُقَال لَهما: الحبطات، وَأحمد هَذَا يروي عَن أَبِيه شبيب بن سعيد عَن يُونُس بن يزِيد عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.

وَوصل هَذَا التَّعْلِيق أَبُو عوَانَة عَن أبي زرْعَة الرَّازِيّ وَأبي الْحسن الْمَيْمُونِيّ قَالَا: حَدثنَا أَحْمد بن شبيب بِهِ.

قَوْله: (يرد عَليّ) بتَشْديد الْيَاء. قَوْله: (رَهْط) قد مر غير مرّة أَن الرَّهْط من الرِّجَال مَا دون الْعشْرَة، وَقيل: إِلَى الْأَرْبَعين، وَلَا يكون فيهم امْرَأَة، وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، وَيجمع على أرهط وأرهاط وأراهط، جمع الْجمع. قَوْله: (فيحلؤون) ، من التحلثة بِالْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام بعْدهَا همزَة مَضْمُومَة على صِيغَة الْمَجْهُول: أَي يمْنَعُونَ ويطردون يُقَال: حلأه عَن المَاء إِذا طرده وَمنعه مِنْهُ، هَذَا هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، ويروى: (فيجلون) على صِيغَة الْمَجْهُول أَيْضا بِالْجِيم الساكنة وَفتح اللاَّم أَي يصرفون. قَوْله: (على أدبارهم) ، ويروى: (على أَعْقَابهم) . قَوْله: (الْقَهْقَرِي) هُوَ الرُّجُوع إِلَى خلف، فَإِذا قلت: رجعت الْقَهْقَرِي فكأنك قلت: رجعت الرُّجُوع الَّذِي يعرف بِهَذَا الِاسْم، لِأَن الْقَهْقَرِي ضرب من الرُّجُوع، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الْقَهْقَرِي مصدر فَيكون مَنْصُوبًا على المصدرية من غير لَفظه كَمَا فِي قَوْلك: قعدت جُلُوسًا.

6856 - حدّثنا أحْمَدُ بنُ صالِحٍ حدّثنا ابنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبرنِي يُونُسُ عنِ ابنِ شِهابٍ عنِ ابنِ المُسَيَّبِ أنَّهُ كانَ يحَدِّثُ عنْ أصْحابِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (يَرِدُ عَلَيَّ الحَوْضَ رِجالٌ مِنْ أصْحابي فَيُحَلَّوُونَ عنْهُ، فأقُولُ: يَا رَبِّ أصْحابي} فَيَقُولُ: إنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِما. أحْدَثُوا بَعْدَكَ، إنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أدْبارِهِمُ القَهْقَرَى) . (انْظُر الحَدِيث 5856)

أَحْمد بن صَالح أَبُو جَعْفَر الْمصْرِيّ يروي عَن عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ عَن يُونُس بن يزِيد عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، هَذَا هُوَ الحَدِيث الَّذِي مضى، غير أَن فِي ذَاك: قَالَ سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة: وَهنا قَالَ: عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهَذَا الِاخْتِلَاف لَا يضر، لِأَن أَبَا هُرَيْرَة دَاخل فيهم، وَلَا يُقَال: إِنَّه رِوَايَة عَن مَجْهُول، لِأَن الصَّحَابَة كلهم عدُول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015