حَدِيث حُذَيْفَة المقرون بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة بعد قَوْله: (فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا فَيقوم وَيُؤذن لَهُ) ، أَي: فِي الشَّفَاعَة وَيُرْسل الْأَمَانَة وَالرحم فيقومان بجنبي الصِّرَاط يَمِينا وَشمَالًا فيمر أولكم كالبرق ... الحَدِيث، قَالَ عِيَاض: فَبِهَذَا يتَّصل الْكَلَام لِأَن الشَّفَاعَة الَّتِي يجاء النَّاس إِلَيْهِ فِيهَا هِيَ الإراحة من كرب الْموقف، ثمَّ تَجِيء الشَّفَاعَة فِي الْإِخْرَاج من النَّار. قَوْله: (ثمَّ أَعُود) أَي: بعد إِخْرَاج من أخرجهم من النَّار وَإِدْخَال من أدخلهم الْجنَّة. قَوْله: (مثله) أَي: مثل الأول. قَوْله: (فِي الثَّالِثَة) أَي: فِي الْمرة الثَّالِثَة. قَوْله: (أَو الرَّابِعَة) شكّ من الرَّاوِي، وَحَاصِل الْكَلَام أَن الْمرة الأولى الشَّفَاعَة لإراحة أهل الْموقف، وَالثَّانيَِة لإخراجهم من النَّار، وَالثَّالِثَة يَقُول فِيهَا: يَا رب مَا بَقِي إلاَّ من حَبسه الْقُرْآن، وَهَكَذَا هُوَ فِي أَكثر الرِّوَايَات، وَلَكِن وَقع عِنْد أَحْمد من رِوَايَة سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة: ثمَّ أَعُود الرَّابِعَة فَأَقُول: يَا رب مَا بَقِي إلاَّ من حَبسه الْقُرْآن، وَفَسرهُ قَتَادَة بِأَنَّهُ من وَجب عَلَيْهِ الخلود يَعْنِي: من أخبر الْقُرْآن بِأَنَّهُ يخلد فِي النَّار.
6656 - حدّثنا مُسَدَّدٌ حدّثنا يَحْيَاى عنِ الحَسَنِ بنِ ذَكْوانَ حَدثنَا أبُو رَجاءٍ حدّثنا عِمْرانُ ابنُ حُصَيْنٍ رَضِي الله عَنْهُمَا، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (يَخْرُجُ قَوْمٌ مِن النَّارِ بِشَفاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَدخُلُونَ الجَنةَ يُسَمَّوْنَ الجَهَنَّمِيِّينَ) .
مطابقته للْحَدِيث السَّابِق فِي الشَّفَاعَة، وَيحيى هُوَ الْقطَّان، وَالْحسن بن ذكْوَان بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة أَبُو سَلمَة الْبَصْرِيّ تكلم فِيهِ أَحْمد وَابْن معِين وَغَيرهمَا، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة يحيى الْقطَّان عَنهُ، وَأَبُو رَجَاء عمرَان العطاردي.
والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنة عَن مُسَدّد. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي صفة النَّار، وَابْن مَاجَه فِي الزّهْد جَمِيعًا عَن مُحَمَّد بن بشار.
7656 - حدّثنا قُتَيْبَةُ حدّثنا إسْماعِيلُ بنُ جَعْفَرِ عنْ حُمَيْدٍ عنْ أنَسٍ: أنَّ أمَّ حارِثَةَ أتَتْ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقَدْ هَلَكَ حارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، أصابَهُ غَرْبُ سَهْمٍ، فقالَتْ: يَا رسولَ الله! قَدْ عَلِمْتَ مَوْقِعَ حارِثَةَ مِنْ قَلْبِي، فإنْ كَانَ فِي الجَنّةِ لَمْ أبْكِ عَلَيْهِ وإلاّ سَوْفَ تَرَى مَا أصْنَعُ. فَقَالَ لَهَا: (هَبِلْتِ؟ أجَنَّةٌ واحِدةٌ هِيَ إنّها جِنانٌ كَثِيرَةٌ؟ وإنّهُ فِي الفِرْدَوُسِ الأعْلَى؟) وَقَالَ: (غَدْوَةٌ فِي سَبِيلٍ الله أوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وَمَا فِيها، ولَقابُ قَوْسِ أحَدِكُمْ أوْ مَوْضِعُ قَدَمٍ مِنَ الجَنّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وَمَا فِيها، ولَوْ أنَّ امْرَأةً مِنْ نِساءٍ أهْلِ الجَنّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الأرْضِ لأضاءَتْ مَا بَيْنَهُما ولَمَلأتْ مَا بَيْنَهُما رِيحاً، ولَنَصِيفُها يَعْنِي: الخمارَ خَيْرٌ مِنَ الدُّنيْا وَمَا فِيها) . (انْظُر الحَدِيث 2972 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والْحَدِيث إِلَى قَوْله: (وَإنَّهُ فِي الفردوس الْأَعْلَى) قد مر فِي أَوَائِل الْبَاب من رِوَايَة أبي إِسْحَاق عَن حميد عَن أنس، وَهنا فِيهِ زِيَادَة وَهِي من قَوْله: (وَقَالَ: غدْوَة فِي سَبِيل الله) إِلَى آخر الحَدِيث.
قَوْله: (غرب سهم) بِالْإِضَافَة وَالصّفة، وَسَهْم غرب هُوَ الَّذِي لَا يدْرِي من رمى بِهِ. قَوْله: (وَإنَّهُ فِي الفردوس) ويروى: لفي الفردوس.
قَوْله: (وَلَقَاب قَوس أحدكُم) اللَّام فِيهِ، مَفْتُوحَة للتَّأْكِيد، والقاب بِالْقَافِ وَالْبَاء الْمُوَحدَة والقيب، بِمَعْنى الْقدر وعينه. وَقَوله: (أَو مَوضِع قدم) أَي: أَو مَوضِع قدم أحدكُم، ويروى: مَوضِع قده، بِكَسْر الْقَاف وَتَشْديد الدَّال أَي: مَوضِع سَوْطه، لِأَنَّهُ يقد أَي: يقطع طولا. وَقيل: مَوضِع قده أَي: شراكه، ويروى: مَوضِع قدمه. قَوْله: (ريحًا) أَي: ريحًا طيبَة، وَفِي رِوَايَة سعيد بن عَامر: لملأت الأَرْض ريح مسك. قَوْله: (وَلنَصِيفهَا) اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد، والنصيف بِفَتْح النُّون وَكسر الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالفاء: هُوَ الْخمار بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة، وَقد فسره فِي الحَدِيث هَكَذَا، وَهَذَا تَفْسِير من قُتَيْبَة، وَعَن الْأَزْهَرِي: النصيف أَيْضا يُقَال للخادم.