بن جُبَير بن مطعم الْقرشِي النَّوْفَلِي الْمدنِي التَّابِعِيّ. السَّادِس: عُرْوَة بن الْمُغيرَة الثَّقَفِيّ الْكُوفِي. السَّابِع: الْمُغيرَة، بِضَم الْمِيم، تقدم فِي آخر كتاب الْإِيمَان، وَهُوَ بِاللَّامِ مثل: الْحَارِث، فِي أَنه علم يدْخلهُ لَام التَّعْرِيف على سَبِيل الْجَوَاز، لَا مثل: النَّجْم للثريا، فَإِن التَّعْرِيف بِاللَّامِ لَازم فِيهِ. فَإِن قلت: لماذا يدْخلُونَ اللَّام فِي مثل الْمُغيرَة وَمَا فَائِدَته؟ قلت: للمح الوصفية.

بَيَان لطائف اسناده مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِالْجمعِ والإفراد والإخبار كَذَلِك وَالسَّمَاع والعنعنة، وراعى البُخَارِيّ أَلْفَاظ الشُّيُوخ بِعَينهَا حَيْثُ فرق بَين التحديث والإخبار وَالسَّمَاع. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وكوفي ومدني. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ أَرْبَعَة من التَّابِعين يرْوى بَعضهم عَن بعض، وَهُوَ من أحسن اللطائف: اثْنَان مِنْهُم تابعيان صغيران وهما: يحيى وَسعد، وَاثْنَانِ تابعيان وسطان وهما: نَافِع بن جُبَير وَعُرْوَة بن الْمُغيرَة، وهم من نسق وَاحِد. وَفِيه رِوَايَة الأقران فِي موضِعين الأول فِي الصغيرين وَالثَّانِي فِي الوسطين.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ فِي الطَّهَارَة أَيْضا عَن عَمْرو بن خَالِد عَن اللَّيْث عَن يحيى بن سعيد، وَفِي الْمَغَازِي عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث، وَفِي الطَّهَارَة أَيْضا، وَفِي اللبَاس عَن أبي نعيم عَن زَكَرِيَّا بن ابي زَائِدَة عَن الشّعبِيّ عَنهُ بِهِ. وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح، كِلَاهُمَا عَن اللَّيْث عَن يحيى بن سعيد بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير عَن أَبِيه عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن الشّعبِيّ عَنهُ بِهِ مُخْتَصرا. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الطَّهَارَة عَن أَحْمد بن صَالح عَن ابْن وهب عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ نَحوه، وَلم يذكر قصَّة الصَّلَاة خلف عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَعَن مُسَدّد عَن عِيسَى بن يُونُس عَن أَبِيه عَن الشّعبِيّ بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ مِنْهُ عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد والْحَارث بن مِسْكين، كِلَاهُمَا عَن ابْن وهب عَن مَالك وَيُونُس وَعَمْرو بن الْحَارِث، ثَلَاثَتهمْ عَن الزُّهْرِيّ بِهِ، إلاَّ أَن مَالِكًا لم يذكر عُرْوَة بن الْمُغيرَة، وَعَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن غنْدر عَن بشر بن الْفضل عَن ابْن عون عَن الشّعبِيّ بِهِ، وَهُوَ أتم، وَعَن قُتَيْبَة بِهِ مُخْتَصرا. وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن مُحَمَّد بن رمح بِهِ.

بَيَان الْمَعْنى وَالْإِعْرَاب قَوْله: (أَنه كَانَ) أَي: أَن الْمُغيرَة كَانَ مَعَ رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَأدّى عُرْوَة كَلَام أَبِيه بِعِبَارَة نَفسه، وإلاَّ فَمُقْتَضى الْحَال أَن يَقُول: قَالَ إِنِّي كنت مَعَ رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. وَكَذَا قَوْله: (وَأَن الْمُغيرَة) جعل وَالضَّمِير فِي و: أَنه، وَفِي: لَهُ، للرسول، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. قَوْله: (جعل) أَي: طفق من أَفعَال المقاربة. قَوْله: (هُوَ يتَوَضَّأ) جملَة إسمية وَقعت حَالا. قَوْله: (فَغسل) ، الْفَاء: فِيهِ هِيَ الْفَاء الَّتِي تدخل بَين الْمُجْمل والمفصل، لِأَن الْمفصل كَأَنَّهُ يعقب الْمُجْمل، كَمَا ذكره الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِن فاؤا فَإِن الله غَفُور رَحِيم وَإِن عزموا الطَّلَاق فَإِن الله سميع عليم} (الْبَقَرَة: 226، 227) لتفصيل قَوْله تَعَالَى: {اللَّذين يؤلون من نِسَائِهِم} (الْبَقَرَة: 226) فَإِن قلت: لِمَ قَالَ: فَغسل، مَاضِيا وَلم يقل بِلَفْظ الْمُضَارع ليناسب لفظ: يتَوَضَّأ؟ قلت: الْمَاضِي هُوَ الأَصْل، وَعدل فِي: يتَوَضَّأ، إِلَى الْمُضَارع حِكَايَة عَن الْحَال الْمَاضِيَة. قَوْله: (وَمسح بِرَأْسِهِ وَمسح على الْخُفَّيْنِ) إِنَّمَا ذكر فِي الأول حرف الإلصاق لِأَنَّهُ الأَصْل، وَفِي الثَّانِي كلمة: على، نظرا إِلَى الاستعلاء، كَمَا يُقَال: مسح إِلَى الكعب، نظرا إِلَى الِانْتِهَاء، وبحسب الْمَقَاصِد تخْتَلف صلات الْأَفْعَال. فَإِن قلت: لم كرر لفظ: مسح، وَلم يُكَرر لفظ: غسل؟ قلت: لِأَنَّهُ يُرِيد بِذكر الْمسْح على الْخُفَّيْنِ بَيَان تأسيس قَاعِدَة شَرْعِيَّة، فَصرحَ اسْتِقْلَالا بِالْمَسْحِ عَلَيْهِمَا، بِخِلَاف قَضِيَّة الْغسْل فَإِنَّهَا مقررة بِنَصّ الْقُرْآن.

بَيَان ابستنباط الْأَحْكَام مِنْهَا: جَوَاز الِاسْتِعَانَة بِغَيْرِهِ فِي الْوضُوء، لَكِن من يَدعِي أَن الْكَرَاهَة مُخْتَصَّة بِغَيْر الْمَشَقَّة والاحتياج لَا يتم لَهُ الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الحَدِيث لِأَنَّهُ كَانَ فِي السّفر. الثَّانِي: فِيهِ حكم مسح الرَّأْس. الثَّالِث: فِيهِ جَوَاز الْمسْح على الْخُفَّيْنِ، وَبَقِيَّة الْكَلَام بَعْضهَا مضى وَبَعضهَا يَأْتِي فِي بَاب: الْمسْح على الْخُفَّيْنِ. الرَّابِع: فِيهِ من الْأَدَب خدمَة الصَّغِير للكبير، وَلَو كَانَ لَا يَأْمر بذلك.

36 - (بابُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ وَغَيْرِهِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم قِرَاءَة الْقُرْآن بعد الْحَدث. قَالَ بَعضهم: أَي الْحَدث الْأَصْغَر. قلت: الْحَدث أَعم من الْأَصْغَر والأكبر، وَقِرَاءَة الْقُرْآن بعد الْأَصْغَر تجوز دون الْأَكْبَر، وَكَأن هَذَا الْقَائِل إِنَّمَا خصص الْحَدث بِالْأَصْغَرِ نظرا إِلَى أَن البُخَارِيّ تعرض هُنَا إِلَى حكم قِرَاءَة الْقُرْآن بعد الْحَدث الْأَصْغَر دون الْأَكْبَر، وَلَكِن جرت عَادَته أَن يبوب الْبَاب بترجمة، ثمَّ يذكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015