وَمعمر بِفَتْح الميمين هُوَ ابْن رَاشد.
والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة مطولا فِي: بَاب الْمَسَاجِد فِي الْبيُوت فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سعيد بن عفير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب، قَالَ: أَخْبرنِي مَحْمُود بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ ... إِلَى آخِره.
قَوْله: (وَزعم) أَي: قَالَ قَوْله: إِنَّه عقل، إِنَّمَا قَالَ: عقل لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرا حِين دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، دَارهم وَشرب مَاء وَمَج من ذَلِك المَاء مجة على وَجهه.
قَوْله: (عتْبَان) بِكَسْر الْعين على الْأَصَح. قَوْله: (ثمَّ أحد بني سَالم) بِالنّصب عطف على قَوْله: (الْأنْصَارِيّ) وَقد تكلم الْكرْمَانِي هُنَا كلَاما لَا حَاجَة إِلَيْهِ لِأَنَّهُ يشوش بذلك على من لَيْسَ لَهُ إتقان فِي هَذَا الْبَاب، وَهُوَ أَنه قَالَ: ذكر فِي كتاب الصَّلَاة أَن الزُّهْرِيّ هُوَ الَّذِي سَأَلَ الْحصين وَسمع مِنْهُ، وَالْمَفْهُوم هُنَا هُوَ مَحْمُود.
قلت: توضيح هَذَا أَن الحَدِيث الَّذِي مضى فِي الصَّلَاة مطول كَمَا ذكرنَا فِي آخِره، قَالَ ابْن شهَاب: وَهُوَ الزُّهْرِيّ، ثمَّ سَأَلت الْحصين بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ، وَهُوَ أحد بني سَالم وَهُوَ من سراتهم عَن حَدِيث مَحْمُود بن الرّبيع فَصدقهُ بذلك، هَذَا الْمِقْدَار إِن لم يقف عَلَيْهِ أحد لَا يظْهر لَهُ سُؤَاله الْمَذْكُور، ثمَّ قَالَ فِي جَوَابه: إِن كَانَت الرِّوَايَة بِالرَّفْع يَعْنِي: بِرَفْع قَوْله: ثمَّ أحد بني سَالم فَهُوَ عطف على مَحْمُود أَي أَخْبرنِي مَحْمُود ثمَّ أَخْبرنِي سَالم فَلَا إِشْكَال وَإِن كَانَ بِالنّصب يَعْنِي قَوْله ثمَّ أَخْبرنِي سَالم فَالْمُرَاد: سَمِعت عتْبَان الْأنْصَارِيّ ثمَّ السالمي، إِذْ عتْبَان كَانَ سالمياً أَيْضا، أَو يُقَال: بِأَن السماع من الْحصين كَانَ حَاصِلا لَهما، وَلَا مَحْذُور فِي ذَلِك لجَوَاز سَماع الصَّحَابِيّ من التَّابِعِيّ، أَو المُرَاد من الْأَحَد غير الْحصين انْتهى. قَوْله: (عدا على) بتَشْديد الْيَاء. قَوْله: (لن يوافي) من الموافاة وَهِي الْإِتْيَان يُقَال: وافيت الْقَوْم أَي أتيتهم. قَوْله: (وَجه الله) أَي: ذَات الله عز وَجل.
والْحَدِيث من المتشابهات، وَيُقَال: لفظ الْوَجْه زَائِد، أَو المُرَاد: وَجه الْحق وَالْإِخْلَاص لَا الرِّيَاء وَنَحْوه. قَوْله: (إلاَّ حرمه الله على النَّار) وَفِي الحَدِيث الْمُتَقَدّم فِي الصَّلَاة: فَإِن الله قد حرم على النَّار من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله. قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: قَالَ ثمَّة: حرمه على النَّار، وَهَهُنَا: حرم عَلَيْهِ النَّار، فَمَا الْفرق بَين التركيبين؟ .
قلت: الأول حَقِيقَة بِاعْتِبَار أَن النَّار آكِلَة لما يلقى فِيهَا، وَالتَّحْرِيم يُنَاسب الْفَاعِل، وَأما المعنيان فهما متلازمان.
قلت: تبعه على هَذَا بَعضهم فَنقل مَا قَالَه الْكرْمَانِي، وَلَكِن التركيبان ليسَا كَمَا ذكرَاهُ، لِأَن اللَّفْظ الَّذِي فِي الصَّلَاة نَحْو مَا ذَكرْنَاهُ الْآن، وَاللَّفْظ الَّذِي هُنَا: إلاَّ حرمه الله على النَّار.
4246 - حدّثنا قُتَيْبَةُ حدّثنا يَعْقُوبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ عمْرٍ وعنْ سَعِيدٍ المَقْبَرِيِّ عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (يَقُولُ الله تَعَالَى: مَا لِعْبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزاءٌ إِذا قَبَضْتُ صَفِيَّةُ مِنْ أهْلِ الدُّنْيا ثُمَّ احْتَسَبَهُ، إلاَّ الجَنَّةُ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (ثمَّ احتسبه) لِأَن مَعْنَاهُ: صَبر على فقد صَفِيَّة وابتغى الْأجر من الله تَعَالَى، والاحتساب طلب الْأجر من الله تَعَالَى خَالِصا، واحتسب بِكَذَا أجرا عِنْد الله أَي: نوى بِهِ وَجه الله، والحسبة بِالْكَسْرِ الْأُجْرَة وَاسم من الاحتساب.
وقتيبة هُوَ ابْن سعيد، وَيَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الإسْكَنْدراني، وَعَمْرو بن أبي عَمْرو بِالْوَاو فيهمَا مولى الْمطلب المَخْزُومِي. . والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (صَفيه) بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَكسر الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَهُوَ الحبيب المصافي كَالْوَلَدِ والأخر وكل من يُحِبهُ الْإِنْسَان. قَوْله: (إلاّ الْجنَّة) يتَعَلَّق بقوله: (مَا لعبدي الْمُؤمن) .
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يحذر على صِيغَة الْمَجْهُول من الحذر وَفِي بعض النّسخ: مَا يحذر، بِالتَّشْدِيدِ من التحذير. قَوْله: من زهرَة الدُّنْيَا، أَي بهجتها ونضارتها وحسنها. قَوْله: والتنافس فِيهَا، وَهُوَ من النفاسة وَهِي الرَّغْبَة فِي الشَّيْء ومحبة الِانْفِرَاد بِهِ والمغالبة عَلَيْهِ، وَأَصلهَا من الشَّيْء النفيس فِي نَوعه، يُقَال: نافست فِي الشَّيْء مُنَافَسَة ونفاسة ونفاساً، وَنَفس الشَّيْء بِالضَّمِّ نفاسة: صَار مرغوباً فِيهِ، ونفست بِهِ بِالْكَسْرِ بخلت بِهِ، ونفست عَلَيْهِ لم أره أَهلا لذَلِك.