قَوْله: (مهلا) أَي: رفقا. وانتصابه على المصدرية: يُقَال: مهلا للْوَاحِد والاثنين وَالْجمع والمؤنث بِلَفْظ وَاحِد. قَوْله: (أَو لم تسمعي؟) ويروي: أَو لم تسمعين بالنُّون وَجوز بَعضهم إِلْغَاء عمل الجوازم والنواصب، وَقَالُوا: إِن عَملهَا أفْصح.
6936 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَى حدّثنا الأنْصارِيُّ حَدثنَا هِشامُ بنُ حَسَّانَ حَدثنَا مُحَمَّدُ بنُ سِيرِينَ حَدثنَا عَبيدَةُ حَدثنَا عَليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: كُنّا مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَوْمَ الخَنْدَقِ فَقَالَ: مَلأ الله قُبُورَهُمْ وبُيُوتَهُمْ نَارا كَما شَغلُونا عنْ صَلاَةِ الوُسْطى حتَّى غابَت الشَّمْسُ، وهْيَ صَلاَةُ العَصْرِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة والأنصاري هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمثنى القَاضِي وَهُوَ من شُيُوخ البُخَارِيّ. وَأخرج عَنهُ هُنَا بالواسطة، وَهِشَام بن حسان هَذَا وَإِن تكلم فِيهِ بَعضهم من قبل حفظه لكنه أثبت النَّاس فِي الشَّيْخ الَّذِي حدث عَنهُ حَدِيث الْبَاب وَهُوَ مُحَمَّد بن سِيرِين، وَقَالَ سعيد بن أبي عرُوبَة: مَا كَانَ أحد أحفظ عَن ابْن سِيرِين من هِشَام بن حسان، وَعبيدَة بِفَتْح الْعين وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة السَّلمَانِي بِسُكُون اللَّام.
والْحَدِيث مضى فِي غَزْوَة الخَنْدَق فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْحَاق عَن روح عَن هِشَام إِلَى آخِره. .
قَوْله: (كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الخَنْدَق) أَي: يَوْم غَزْوَة الخَنْدَق، وَهِي غَزْوَة الْأَحْزَاب. قَوْله: (مَلأ الله قُبُورهم) أَي: أَمْوَاتًا وَبُيُوتهمْ أَي: أَحيَاء. قَوْله: (كَمَا شغلونا) وَجه التَّشْبِيه اشتغالهم بالنَّار مستوجب لاشتغالهم عَن جَمِيع المحبوبات فَكَأَنَّهُ قَالَ: شغلهمْ الله عَنْهَا كَمَا شغلونا عَنْهَا. قَوْله: (وَهِي صَلَاة الْعَصْر) قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ تَفْسِير من الرَّاوِي إدراجاً مِنْهُ. وَقَالَ بَعضهم: فِيهِ نظر لِأَنَّهُ وَقع فِي الْمَغَازِي: إِلَى أَن غَابَتْ الشَّمْس، وَهُوَ مشْعر بِأَنَّهَا الْعَصْر.
قلت: هُنَا أَيْضا قَالَ: (حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس) وَهَذَا لَا يدل على أَنَّهَا الْعَصْر وَحده، لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون الظّهْر مَعَه، لِأَن مِنْهُم من ذهب إِلَى أَن الصَّلَاة الْوُسْطَى هِيَ الظّهْر، وَاسْتدلَّ هَذَا الْقَائِل أَيْضا بِأَن هَذِه اللَّفْظَة من نفس الحَدِيث، وَلَيْسَت بمدرجة بِحَدِيث حُذَيْفَة مَرْفُوعا: شغلونا عَن صَلَاة الْعَصْر، وَلَيْسَ استدلا لَهُ بِهِ صَحِيحا لِأَن فِيهِ التَّصْرِيح بالعصر فِي نفس الحَدِيث، وَهنا لَيْسَ كَذَلِك على مَا لَا يخفى.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء للْمُشْرِكين، وَقد تقدّمت هَذِه التَّرْجَمَة فِي كتاب الْجِهَاد، لَكِن قَالَ: بَاب الدُّعَاء للْمُشْرِكين بِالْهدى ليتألفهم، ثمَّ أخرج حَدِيث أبي هُرَيْرَة الَّذِي هُوَ حَدِيث الْبَاب، فَوجه الْبَابَيْنِ أَعنِي: بَاب الدُّعَاء على الْمُشْركين وَبَاب الدُّعَاء للْمُشْرِكين، باعتبارين فَفِي الأول: مُطلق الدُّعَاء عَلَيْهِم لأجل تماديهم على كفرهم وإيذائهم الْمُسلمين، وَفِي الثَّانِي: الدُّعَاء بالهداية ليتألفوا بِالْإِسْلَامِ. فَإِن قلت: جَاءَ فِي حَدِيث آخر: اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ.
قلت: مَعْنَاهُ: إهدهم إِلَى الْإِسْلَام الَّذِي تصح مَعَه الْمَغْفِرَة، لِأَن ذَنْب الْكفْر لَا يغْفر، أَو يكون الْمَعْنى: اغْفِر لَهُم إِن أَسْلمُوا.
7936 - حدّثنا عَليٌّ حدّثنا سُفْيانُ حدّثنا أبُو الزِّنادِ عَن الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَدِمَ الطُّفَيْلُ بنُ عَمْرٍ وعَلى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: يَا رسولَ الله! إنَّ دَوْساً قَدْ عَصَتْ وأبَتْ فادْعُ الله عَليْها، فَظَنَّ النَّاسُ أنَّهُ يَدْعُو عَلَيْهمْ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إهْدِ دَوْساً وأْتِ بِهِمْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعلي هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي الْبَاب الَّذِي ذكرنَا آنِفا.
قَوْله: (قدم الطُّفَيْل) بِضَم الطَّاء وَفتح الْفَاء ابْن عَمْرو بن طريف بن الْعَاصِ بن ثَعْلَبَة بن سليم بن غنم بن دوس الدوسي من دوس، أسلم الطُّفَيْل وَصدق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِمَكَّة ثمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَاد قومه من أَرض دوس فَلم يزل مُقيما بهَا حَتَّى هَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ بِخَيْبَر بِمن تبعه من قومه، فَلم يزل مُقيما مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ