ابْن حميد الضَّبِّيّ النَّحْوِيّ، وَمضى شَرحه هُنَاكَ.

95 - (بابُ تَكْرِير الدُّعاءِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تَكْرِير الدُّعَاء، وَهُوَ أَن يَدْعُو بِدُعَاء مرّة بعد أُخْرَى لِأَن فِي تكريره إِظْهَارًا لموْضِع الْفقر وَالْحَاجة إِلَى الله عز وَجل والتذلل والخضوع لَهُ، وَقد روى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُعجبهُ أَن يَدْعُو ثَلَاثًا ويستغفر ثَلَاثًا، وَأخرجه ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) .

1936 - حدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُنْذِر حَدثنَا أنَسُ بنُ عِياضٍ عنْ هِشامٍ عنْ أبيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، طُبَّ حتَّى إنَّهُ لَيُخَيَّلُ إلَيْهِ أنّهُ قَدْ صَنَعَ الشَّيْءَ وَمَا صَنَعَهُ، وأنهُ دَعا ربَّهُ ثُمَّ قَالَ: أشَعَرْتِ أنَّ الله قَدْ أفْتانِي فِيما اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ فقالَتْ عائِشَةُ: فَما ذاكَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: جاءَنِي رَجُلانِ فَجَلَسَ أحَدُهُما عِنْدَ رَأسِي والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ. فَقَالَ أحَدُهُمَا لِصاحِبهِ: مَا وَجعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَنْ طبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بنُ الأعْصَمِ. قَالَ: فِيمَا ذَا؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ ومُشاطَةٍ وجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ، قَالَ: فأيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي ذَرْوانَ، وذَرْوانُ بِئْرٌ فِي بَنِي زُرَيْقٍ. قالَتْ: فَأَتَاهَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عائِشَةَ فَقَالَ: وَالله لكأنَّ ماءَها نُقاعَةُ الحنًّاءِ، ولكأنَّ نَخْلها رُؤُوسُ الشَّياطينِ. قالَتْ: فأتَى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخْبَرَها عنِ البِئْرِ، فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله! فَهَلاَّ أخْرَجْتَهُ؟ قَالَ: أمَّا أَنا فَقَدْ شَفانِي الله وكَرِهْتُ أنْ أثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا.

زادَ عِيسَى بنُ يُونُسَ والليْثُ بنُ سَعْدٍ عنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ، قالَتْ: سُحِرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعا ودَعا وساقَ الحَدِيثَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فَدَعَا ودعا) وَهَذِه الزِّيَادَة هِيَ الْمُطَابقَة للتَّرْجَمَة لِأَن الحَدِيث لَيْسَ فِيهِ مَا يدل على الدُّعَاء فضلا عَن تكريره.

والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: (طب) على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: سحر، ومطبوب أَي: مسحور. قَوْله: (حَتَّى إِنَّه ليُخَيل إِلَيْهِ) على صِيغَة الْمَجْهُول وَاللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة للتَّأْكِيد، وَقَالَ الْخطابِيّ: إِنَّمَا كَانَ يخيل إِلَيْهِ أَنه يفعل الشَّيْء وَلَا يَفْعَله فِي أَمر النِّسَاء خُصُوصا وإتيان أَهله إِذْ كَانَ قد أَخذ عَنْهُن بِالسحرِ دون مَا سواهُ فَلَا ضَرَر فِيمَا لحقه من السحر على نبوته وَلَيْسَ تَأْثِير السحر فِي أبدان الْأَنْبِيَاء بِأَكْثَرَ من الْقَتْل والسم وَلم يكن ذَلِك دافعاً لفضيلتهم، وَإِنَّمَا هُوَ ابتلاء من الله تَعَالَى، وَأما مَا يتَعَلَّق بِالنُّبُوَّةِ فقد عصمه الله من أَن يلْحقهُ الْفساد. قَوْله: (وَأَنه) أَي: وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، (دَعَا ربه) قَوْله: (أشعرت؟) الْخطاب لعَائِشَة أَي: أعلمت؟ قَوْله: (رجلَانِ) أَحدهمَا جِبْرِيل وَالْآخر مِيكَائِيل أَتَيَاهُ فِي صُورَة الرِّجَال. قَوْله: (قَالَ: من طبه؟) أَي: من سحره. قَوْله: (لبيد بن الأعصم) قيل: كَانَ يَهُودِيّا، وَقيل: كَانَ منافقاً، وَقَالَ ابْن التِّين: يحْتَمل أَن يكون يَهُودِيّا ثمَّ أسلم وتستر بالنفاق. قَوْله: (فِي مشط) بِضَم الْمِيم وَهُوَ الَّذِي تسرح بِهِ اللِّحْيَة. قَوْله: (ومشاطة) بِضَم الْمِيم وَتَخْفِيف الشين هُوَ مَا يخرج من الشّعْر بالمشط. قَوْله: (وجف طلعة) بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الْفَاء وَهُوَ وعَاء طلع النَّخْلَة يُطلق على الذّكر وَالْأُنْثَى. قَالَ الْكرْمَانِي: وَلِهَذَا قَيده. بقوله: (ذكر) . قَوْله: (ذروان) بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء وبالواو وَالنُّون وَهُوَ بِئْر فِي الْمَدِينَة (فِي بني زُرَيْق) بِضَم الزَّاي وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف. قَوْله: (نقاعة الْحِنَّاء) بِضَم النُّون وَتَخْفِيف الْقَاف وَهُوَ المَاء الَّذِي ينقع فِيهِ، والحناء مَمْدُود. قَوْله: (رُؤُوس الشَّيَاطِين) قَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : أَي الْحَيَّات، وَشبه النّخل برؤوس الشَّيَاطِين فِي كَونهَا وحشية المنظر وَهُوَ تَمْثِيل فِي استقباح الصُّورَة. قَوْله: (شرا) مثل تعلم الْمُنَافِقين السحر من ذَلِك فيؤذون الْمُسلمين بِهِ.

قَوْله: (زَاد عِيسَى بن يُونُس) أَي: زَاد على الحَدِيث الْمَذْكُور عِيسَى بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي، وَمَضَت زِيَادَة عِيسَى مَوْصُولَة فِي الطِّبّ. قَوْله: (وَاللَّيْث)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015