وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن فرقد بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْقَاف وبالدال الْمُهْملَة السّلمِيّ أَبُو عبد الله. قَالَ أَبُو عمر: لَهُ صُحْبَة ورؤية، وَكَانَ أَمِيرا لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ، على بعض فتوحات الْعرَاق، وروى شُعْبَة عَن حُصَيْن عَن امْرَأَة عتبَة بن فرقد أَن عتبَة غزا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، غزوتين.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن أَحْمد بن يُونُس وَعَن مُسَدّد وَعَن الْحسن بن عمر فِي هَذَا الْبَاب عَن كلهم. وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي اللبَاس عَن أَحْمد بن يُونُس وَعَن جمَاعَة آخَرين. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَغَيره. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْجِهَاد وَفِي اللبَاس عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
وأذربيجان هُوَ الإقليم الْمَعْرُوف، وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَا وَرَاء الْعرَاق. قلت: لَيْسَ كَذَلِك، بل الْعرَاق جنوبيها عِنْد ظهر حلوان وَشَيْء من حُدُود الجزيرة وشماليها جبال العقيق وغربيها حُدُود بِلَاد الرّوم شَيْء. من الجزيرة وشرقيها بِلَاد الجيل وَتَمَامه بِلَاد الديلم وَهِي إسم لبلاد تبريز وتبريز أجل مدنها، وَهِي بِفَتْح الْألف الْمَقْصُورَة وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْجِيم ثمَّ ألف وَنون. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَأَهْلهَا يَقُولُونَ بِفَتْح الْهمزَة وَالْمدّ وَفتح وَإِسْكَان الرَّاء وَفتح الْمُوَحدَة وبالألف وبالجيم وَالْألف وَالنُّون، وَضَبطه المحدثون بِوَجْهَيْنِ بِفَتْح الْهمزَة بِغَيْر الْمَدّ وَإِسْكَان الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَكسر الْمُوَحدَة وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة وبمد الْهمزَة وَفتح الْمُعْجَمَة الْمُعْجَمَة. قلت: الْعُمْدَة فِي ذَلِك على ضبط أَهلهَا.
وَقَالَ النووري: هَذَا الحَدِيث مِمَّا استدركه الدَّارَقُطْنِيّ على البُخَارِيّ، وَقَالَ: لم يسمعهُ أَبُو عُثْمَان من عمر رَضِي الله عَنهُ، بل أخبر عَن كِتَابه وَهَذَا الِاسْتِدْرَاك بَاطِل، فَإِن الصَّحِيح جَوَاز الْعَمَل بِالْكتاب وَرِوَايَته عَنهُ، وَذَلِكَ مَعْدُود عِنْدهم فِي الْمُتَّصِل، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكْتب إِلَى أمرائه وعماله ويفعلون مَا فِيهَا، وَكتب عمر إِلَى عتبَة بن فرقد وَفِي الْجَيْش خلائق من الصَّحَابَة، فَدلَّ على حُصُول الِاتِّفَاق مِنْهُم، وَأَبُو عُثْمَان هَذَا أسلم على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَصدق إِلَيْهِ وَلم يلقه، وروى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة مِنْهُم: عمر بن الْخطاب وَابْنه عبد الله وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَأم سَلمَة رَضِي الله عَنْهُم.
قَوْله: (نهى عَن الْحَرِير) أَي: لبس الْحَرِير. قَوْله: (وَأَشَارَ) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (اللَّتَيْنِ تليان الْإِبْهَام) يَعْنِي: السبابَة وَالْوُسْطَى، وَصرح بذلك فِي رِوَايَة عَاصِم. قَوْله: (قَالَ: فِيمَا علمنَا) أَي: قَالَ أَبُو عُثْمَان: حصل فِي علمنَا أَنه يُرِيد بالمستثنى الْأَعْلَام بِفَتْح الْهمزَة جمع علم وَهُوَ مَا يجوزه الْفُقَهَاء من التطريف والتطريز وَنَحْوهمَا، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم والإسماعيلي: قَالَ أَبُو عُثْمَان: فِيمَا عتمنا أَنه يَعْنِي الْأَعْلَام، وعتمنا بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، يُقَال: عتم إِذا أَبْطَأَ وَتَأَخر يَعْنِي: مَا أَبْطَأَ فِي معرفَة أَنه أَرَادَ بِهِ الْأَعْلَام الَّتِي فِي الثِّيَاب.
وَاخْتلفُوا فِي الْحِكْمَة فِي تَحْرِيم الْحَرِير على الرجل فَقيل: السَّرف، وَقيل: الْخُيَلَاء، وَقيل: للتشبه بِالنسَاء. وَحكى ابْن دَقِيق الْعِيد عَن بَعضهم أَن تَعْلِيل التَّحْرِيم التَّشَبُّه بالكفار وَيدل عَلَيْهِ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث: هُوَ لَهُم فِي الدُّنْيَا وَلنَا فِي الْآخِرَة. وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: وَالَّذِي يَصح من ذَلِك مَا هُوَ فِيهِ السَّرف، وَقَالَ شَيخنَا: السَّرف مَنْهِيّ عَنهُ فِي حق الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَإِنَّمَا هُوَ من زِينَة النِّسَاء، وَقد أذن للنِّسَاء فِي التزين وَنهى الرِّجَال عَن التَّشَبُّه بِهن، وَلعن الشَّارِع الرِّجَال المتشبهين بِالنسَاء، وَهَذَا الحَدِيث حجَّة لِلْجُمْهُورِ بِأَن الْحَرِير حرَام على الرِّجَال. وَقَالَ النَّوَوِيّ: الْإِجْمَاع انْعَقَد على ذَلِك.
وَحكى القَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ فِي الْمَسْأَلَة عشرَة أَقْوَال: الأول: أَنه حرَام على الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَهُوَ قَول عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا. الثَّانِي: أَنه حَلَال للْجَمِيع. الثَّالِث: حرَام إلاَّ فِي الْحَرْب. الرَّابِع: أَنه حرَام إلاَّ فِي السّفر. الْخَامِس: أَنه حرَام إلاَّ فِي الْمَرَض. السَّادِس: أَنه حرَام إلاَّ فِي الْغَزْوَة. السَّابِع: أَنه حرَام إلاَّ فِي الْعلم. الثَّامِن: أَنه حرَام فِي الْأَعْلَى دون الْأَسْفَل، أَي: افتراشه. التَّاسِع: أَنه حرَام وَإِن خلط بِغَيْرِهِ. الْعَاشِر: أَنه حرَام إلاَّ فِي الصَّلَاة عِنْد عدم غَيره. وَفِيه: حجَّة على إِبَاحَة قدر لإصبعين فِي الْأَعْلَام، وَلَكِن وَقع عِنْد أبي دَاوُد من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَاصِم الْأَحول فِي هَذَا الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نهى عَن الْحَرِير إلاَّ مَا كَانَ هَكَذَا وَهَكَذَا، إِصْبَعَيْنِ وَثَلَاثَة وَأَرْبَعَة. وروى مُسلم من حَدِيث سُوَيْد بن غَفلَة بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة