أَعْرَابِي) زَاد همام من أهل الْبَادِيَة. قَوْله: (فجبذه) أَي: فَجَذَبَهُ وهما بِمَعْنى وَاحِد لُغَتَانِ مشهورتان. قَوْله: (فِي صَحْفَة عاتق) وَفِي رِوَايَة مُسلم: عنق، وَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ، وصفح الشَّيْء وصفحته جِهَته وجانبه. قَوْله: (أثرت بهَا) كَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره: أثرت فِيهَا، وَفِي رِوَايَة همام: حَتَّى انْشَقَّ الْبرد وَذَهَبت حَاشِيَته فِي عُنُقه، وَزَاد: أَن ذَلِك وَقع من الْأَعرَابِي لما وصل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى حجرته، والتوفيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهُ لقِيه خَارج الْمَسْجِد فأدركه لما كَاد يدْخل، فَكَلمهُ وَأمْسك بِثَوْبِهِ لما دخل الْمَسْجِد، فَلَمَّا كَاد يدْخل الْحُجْرَة خشِي أَن يفوتهُ فجبذه. قَوْله: (مرلي) وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ: أَعْطِنِي. قَوْله: (ثمَّ ضحك) وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ: فَتَبَسَّمَ، وَفِي رِوَايَة همام (فَأمر لَهُ بِشَيْء) .
وَفِيه: بَيَان حلمه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَبره على الْأَذَى فِي النَّفس وَالْمَال والتجاوز عَن جفَاء من يُرِيد تألفه على الْإِسْلَام وليتأسى بِهِ الْوُلَاة من بعده فِي خلقه الْجَمِيل من الصفح والإغضاء وَالدَّفْع بِالَّتِي هِيَ أحسن.
5810 - حدّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعيدٍ حَدثنَا يَعْقُوبُ بنُ عبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: جاءَتِ امْرَأةٌ بِبُرْدَةٍ قَالَ سَهْلٌ: هلْ تَدْري مَا البُرْدَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، هِيَ الشَّمْلَةُ مَنْسُوجٌ فِي حاشِيَتِها قالَتْ: يَا رسولَ الله {إنِّي نَسَجْتُ هاذِه بيَدِي أكْسُوكَها، فأخَذَها رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُحْتاجاً إلَيها، فَخَرَجَ إليْنا وإنَّها لإزارُهُ، فَجَسَّها رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ فَقَالَ: يَا رسولَ الله} اكْسُنِيها، قَالَ: نَعَمْ، فَجَلَسَ مَا شاءَ الله فِي المَجْلِسِ ثمَّ رَجَعَ فَطَواها، ثُمَّ أرْسَلَ بِها إلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ القَوْمُ: مَا أحْسَنْتَ، سألْتَها إيَّاهُ وقَدْ عرَفْتَ أَنه لَا يَرُدُّ سائِلاً، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالله مَا سألْتُها إلاَّ لِتَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أمُوتُ، قَالَ سَهْلٌ: فَكانَتْ كَفَنَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَيَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله الْقَارِي من القارة، وَهِي حَيّ من الْعَرَب أَصله مدنِي سكن الْإسْكَنْدَريَّة، وَأَبُو حَازِم سَلمَة بن دِينَار.
والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز فِي: بَاب من استعد الْكَفَن فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن سَلمَة عَن أبي حَازِم عَن أَبِيه عَن سهل، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (هَل تَدْرِي) ويروى: هَل تَدْرُونَ؟ وَفِي رِوَايَة: أَتَدْرُونَ؟ قَوْله: (منسوج) يَعْنِي: كَانَت لَهَا حَاشِيَة، وَفِي نسجها مُخَالفَة لنسج أَصْلهَا لوناً ودقة ورقة. قَوْله: (مُحْتَاجا إِلَيْهَا) ويروى: مُحْتَاج، بِالرَّفْع فالنصب على الْحَال وَالرَّفْع على تَقْدِير: وَهُوَ مُحْتَاج إِلَيْهَا. قَوْله: (فحبسها) بِالْجِيم وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة أَي: مَسهَا، بِيَدِهِ، ويروى: فحسنها، من التحسين بالمهملتين.
5811 - حدّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حدّثني سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتي زُمْرَةٌ هِيَ سَبْعُونَ ألْفاً تُضِيءٌ وُجُوهُهُمْ إضاءَةَ القَمَرِ، فقامَ عُكَاشَةُ بنُ مِحْصَنٍ الأسَدِيُّ يَرْفَعُ نَمِرَةً عَليْهِ، قَالَ: ادْعُ الله لِي يَا رسولَ الله أنْ يجْعَلَني مِنْهُمْ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ قامَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ فَقَالَ: يَا رسولَ الله! ادْعُ الله أنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سَبَقَكَ عُكاشَةُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (يرفع نمرة لَهُ) والنمرة بِفَتْح النُّون وَكسر الْمِيم هِيَ الشملة الَّتِي فِيهَا خطوط ملونة كَأَنَّهَا أخذت من جلد النمر لَا شتراكهما فِي التلون
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (إضاءة الْقَمَر) أَي: كإضاءة الْقَمَر. قَوْله: (سَبَقَك عكاشة) يَعْنِي بِالدُّعَاءِ لَهُ قيل قد مر فِي كتاب الطِّبّ أَن عكاشة قَالَ ذَلِك فِي قصَّة الَّذين لَا يسْتَرقونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَأجِيب بِأَن الْقِصَّة وَاحِدَة فَلَا مُنَافَاة بَينهمَا.
5812 - حدّثنا عَمْرُو بنُ عاصِمٍ حَدثنَا هَمَّامٌ عنْ قَتادَةَ عنْ أنَس، قَالَ: قُلْتُ لهُ: أيُّ الثِّيابِ