مُسَدّد هُوَ شيخ البُخَارِيّ كَأَنَّهُ أَخذ هَذَا عَنهُ مذاكرة، وَلكنه مَوْصُول لقَوْله: قَالَ لي، وَلم يَقع فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ لفظ. لي، فَيكون مُعَلّقا، وَوَصله ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن علية عَن يحيى بن أبي إِسْحَاق قَالَ: رَأَيْت على أنس بن مَالك برنس خَز. ومعتمر الَّذِي هُوَ أَخ الْحَاج يروي عَن أَبِيه سُلَيْمَان التَّيْمِيّ.
قَوْله: برنساً ذكر عبد الله بن أبي بكر: مَا كَانَ أحد من الْقُرَّاء إلاَّ لَهُ برنس يَغْدُو فِيهِ وخميصة يروح فِيهَا، وَسُئِلَ مَالك عَن لبسهَا: أتكرهها؟ فَإِنَّهُ يشبه لِبَاس النَّصَارَى، قَالَ: لَا بَأْس بهَا، وَقد كَانُوا يلبسونها هُنَا. قَوْله: (من خَز) بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الزَّاي وَهُوَ مَا غلظ من الديباج وَأَصله من وبر الأرنب، وَيُقَال لذكر الأرنب: خذر، بِوَزْن: عمر. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْخَزّ هُوَ المنسوج من الإبريسم وَالصُّوف، وَفِي (التَّوْضِيح) : هُوَ حَرِير يخلط بوبر وَشبهه، وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: هُوَ مَا أحد نوعيه السدى أَو اللحمة حَرِير وَالْآخر سواهُ، فقد لبسه جمَاعَة من السّلف، وَكَرِهَهُ آخَرُونَ، فَمِمَّنْ لبسه: الصّديق وَابْن عَبَّاس وَأَبُو قَتَادَة وَابْن أبي أوفى وَسعد بن أبي وَقاص وَجَابِر وَأنس وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَأَبُو هُرَيْرَة وَابْن الزبير وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُم وَمن التَّابِعين: ابْن أبي ليلى وَشُرَيْح وَالشعْبِيّ وَعُرْوَة وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن وَعمر بن عبد الْعَزِيز أَيَّام إمارته، وَزَاد ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَعبيد الله بن عبد الله وَالْحُسَيْن بن عَليّ وَقيس بن أبي حَازِم وشبيل بن عزْرَة وَأَبا عبيد بن عبد الله وَمُحَمّد بن عَليّ بن حُسَيْن وَعلي بن حُسَيْن وَسَعِيد بن الْمسيب وَعلي بن زيد وَابْن عون، وَعَن خَيْثَمَة: أَن ثَلَاثَة عشر من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا يلبسُونَ الْخَزّ، وَقَالَ ابْن بطال: رُوِيَ عَن مَالك أَنه قَالَ: لَا يُعجبنِي لبس الْخَزّ وَلَا أحرمهُ، وَقَالَ الْأَبْهَرِيّ: إِنَّمَا كرهه لأجل السَّرف وَلم يحرمه من أجل من لبسه، وَقد كرهه: ابْن عمر وَسَالم وَالْحسن وَمُحَمّد وَابْن جُبَير، وَعند أبي دَاوُد من حَدِيث عبد الله بن سعيد عَن أَبِيه قَالَ: رَأَيْت رجلا ببخارى على بغلة عَلَيْهِ عِمَامَة خَز سَوْدَاء، فَقَالَ: كسانيها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النَّسَائِيّ: قَالَ بَعضهم: قيل: إِن هَذَا الرجل عبد الله بن حَازِم السّلمِيّ أَمِير خُرَاسَان، وَلما ذكره البُخَارِيّ فِي (تَارِيخه) قَالَ: مَا أرى أَنه أدْرك سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قلت: ذكره الذَّهَبِيّ فِي (تَجْرِيد الصَّحَابَة) ، وَقَالَ عبد الله بن حَازِم بن أَسمَاء بن الصَّلْت: أَبُو صَالح السّلمِيّ أَمِير خُرَاسَان بَطل مَشْهُور، قَلِيل: لَهُ صُحْبَة، وتمت لَهُ حروب كَثِيرَة أوردناها فِي التَّارِيخ الْكَامِل
5803 - حدّثنا إسْماعِيلُ قَالَ: حدّثني مالِكٌ عنْ نافِعٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ: أنَّ رجُلاً قَالَ: يَا رسولَ الله! مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيابِ؟ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تَلْبَسُوا القُمُصَ وَلَا العَمائِمَ ولاَ السَّرَاويلاَتِ وَلَا البَرانِسَ وَلَا الخِفافَ إلاَّ أحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ ولْيَقْطَعْهُما أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِن الثِّيابِ شَيْئاً مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الوَرْسُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَلَا البرانس) وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس.
والْحَدِيث قد مضى فِي الْحَج فِي: بَاب مَا لَا يلبس الْمحرم من الثِّيَاب، حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف أخبرنَا مَالك عَن نَافِع إِلَى آخِره، وَأخرجه فِي آخر كتاب الْعلم عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَعَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر ... الحَدِيث، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ السَّرَاوِيل، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: السَّرَاوِيل مَعْرُوف يذكر وَيُؤَنث، وَالْجمع السراويلات، وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: سَرَاوِيل وَاحِدَة هِيَ عجمية عربت فَأَشْبَهت من كَلَامهم مَا لَا ينْصَرف فِي معرفَة وَلَا نكرَة، فَهِيَ مصروفة فِي النكرَة، وَمن النَّحْوِيين من لَا يصرفهُ أَيْضا فِي النكرَة، وَيَزْعُم أَنه جمع سروال وسروالة، وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله تَعَالَى: روينَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا أَن أول من لبس السروايل إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام رَوَاهُ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ، وَقيل: هَذَا هُوَ السَّبَب فِي كَون أول من يكسى يَوْم الْقِيَامَة، كَمَا ثَبت فِي (الصَّحِيحَيْنِ) من حَدِيث ابْن عَبَّاس، فَلَمَّا كَانَ أول من أَتَّخِذ هَذَا النَّوْع من اللبَاس الَّذِي هُوَ أستر للعورة من سَائِر الملابس جوزي بِأَن يكون أول من يكسى يَوْم الْقِيَامَة.
وَفِيه: اسْتِحْبَاب لبس السَّرَاوِيل، وَقد روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث سُوَيْد بن قيس قَالَ: جلبت أَنا ومخرفة الْعَبْدي بزاً من هجر، فجاءنا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسادومنا بسراويل ... الحَدِيث، وَرَوَاهُ أَبُو يعلى فِي (مُسْنده) من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مطولا. وَفِيه: إخْبَاره صلى الله