عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ: (إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من نَومه فَلَا يغمس يَده فِي وضوئِهِ حَتَّى يغسلهَا ثَلَاثًا، فَإِن أحدكُم لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده) . وَأخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم الدِّمَشْقِي حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ حَدثنِي الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يَقُول: قَالَ رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من اللَّيْل فَلَا يدْخل يَده فِي الْإِنَاء حَتَّى يفرغ عَلَيْهَا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَإِن أحدكُم لَا يدْرِي فيمَ باتت يَده) . وَأخرجه الطَّحَاوِيّ فِي (مَعَاني الْآثَار) : حَدثنَا سُلَيْمَان بن شُعَيْب قَالَ: حَدثنَا بشر بن بكير، قَالَ: حَدثنِي الْأَوْزَاعِيّ وَحدثنَا الْحُسَيْن بن نصر، قَالَ: حَدثنَا الْفرْيَابِيّ، قَالَ: حدثّنا الْأَوْزَاعِيّ، قَالَ: حَدثنَا ابْن شهَاب قَالَ: حَدثنِي سعيد بن الْمسيب أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يَقُول: (إِذا قَامَ احدكم من اللَّيْل) إِلَى آخِره، مثل لفظ ابْن مَاجَه، غير ان فِي لفظ الطَّحَاوِيّ: (فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أحدكُم فيمَ باتت يَده) . وَأخرجه الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا بِإِسْنَاد حسن، وَلَفظه: (ايْنَ باتت تَطوف يَده) . وَفِي (الْأَوْسَط) للطبراني: (ويسمي قبل أَن يدخلهَا) . وَقَالَ: لم يروه عَن هِشَام، يَعْنِي عَن ابي الزِّنَاد، إلاَّ عبد الله بن يحيى بن عُرْوَة تفرد بِهِ إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر، وَلَا قَالَ أحد مِمَّن رَوَاهُ عَن أبي الزِّنَاد: ويسمي، إِلَّا هِشَام بن عُرْوَة. وَفِي (جَامع) عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ صَاحب مَالك: (حَتَّى يغسل يَده أَو يفرغ فِيهَا، فَإِنَّهُ لَا يدْرِي حَيْثُ باتت يَده) . وَفِي (علل) ابْن ابي حَاتِم الرَّازِيّ: (فليغرف على يَده ثَلَاث غرفات) . وَفِي لفظ: (ثمَّ ليغترف بِيَمِينِهِ من إنائه) . وَعند الْبَيْهَقِيّ: (أَيْن باتت يَده مِنْهُ) . وَعند ابْن عدي من رِوَايَة الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: (فَإِن غمس يَده فِي الْإِنَاء قبل أَن يغسلهَا فَلْيُرِقِ ذَلِك المَاء) وَفِي سنَن الكبحي الْكَبِير: (حَتَّى يصب عَلَيْهَا صبة أَو صبتين) . وَفِي لفظ: (على مَا باتت يَده) ، وَهَذَا الحَدِيث رُوِيَ عَن جَابر وَابْن عمر، رَضِي الله عَنْهُم أَيْضا. أما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا قَامَ أحدكُم من اللَّيْل فَأَرَادَ أَن يتَوَضَّأ فَلَا يدْخل يَده فِي الْإِنَاء حَتَّى يغسلهَا فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده وَلَا على مَا وَضعهَا) . إِسْنَاده حسن. وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا من حَدِيث ابْن شهَاب عَن سَالم عَن عبد الله عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من مَنَامه فَلَا يدْخل يَده فِي الْإِنَاء حَتَّى يغسلهَا ثَلَاث مَرَّات، فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده مِنْهُ، أَو أَيْن طافت يَده، فَقَالَ لَهُ رجل: أَرَأَيْت إِن كَانَ حوضاً؟ فَحَصَبه ابْن عمر، وَقَالَ: أخْبرك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتقول: ارأيت إِن كَانَ حوضاً) ؟ إِسْنَاده حسن، وَحَدِيث ابي الزبير عَن عَائِشَة مَرْفُوعا نَحوه.
بَيَان اللُّغَات وَالْإِعْرَاب قَوْله: (فَيجْعَل فِي انفه) تَقْدِيره: فليجعل فِي أَنفه مَاء، فَحذف: مَاء، الَّذِي هُوَ الْمَفْعُول لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ، وَهَكَذَا هُوَ رِوَايَة الْأَكْثَرين بِحَذْف: مَاء، وَفِي رِوَايَة ابي ذَر: (فليجعل فِي أَنفه مَاء) ، بِدُونِ الْحَذف، وَكَذَا اخْتلفت رُوَاة (الْمُوَطَّأ) فِي إِسْقَاطه وَذكره، وَثَبت ذكره لمُسلم من رِوَايَة سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد، و: الْفَاء، فِي: (فليجعل) جَوَاب الشَّرْط، أَعنِي: إِذا. وَقَالَ بعض الشَّارِحين وَمعنى (فليجعل) : فليلق. قلت: جعل بِهَذَا الْمَعْنى لم يثبت فِي اللُّغَة، وَالْأولَى أَن يُقَال: إِنَّه بِمَعْنى: صير، كَمَا فِي قَوْلك: جعلته كَذَا، أَي: صيرته. قَوْله: (ثمَّ لينتثر) على وزن ليفتعل، من بَاب الافتعال، هَكَذَا رِوَايَة أبي ذَر والأصيلي، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: (ثمَّ لينثر) ، بِسُكُون النُّون وَضم الثَّاء الْمُثَلَّثَة، من بَاب الثلاثي الْمُجَرّد، وَكَذَا جَاءَت الرِّوَايَتَانِ فِي (الْمُوَطَّأ) ، قَالَ الْفراء يُقَال الرجل وانتشر والنتشر إِذا حرك النشرة وَهِي طرف الْأنف فِي الطَّهَارَة وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مَبْسُوطا وَهَذِه الْجُمْلَة معطوفة على قَوْله: (فيلجعل) . وَقَوله: (وَمن استجمر) جملَة شَرْطِيَّة. وَقَوله: (فليوتر) جَوَاب الشَّرْط، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى. قَوْله: (وَإِذا اسْتَيْقَظَ) : الا ستيقاظ بِمَعْنى التيقظ، وَهُوَ لَازم، وَكلمَة: إِذا، للشّرط وَجَوَابه قَوْله: (فليغسل يَده) . وَقَوله: (قبل) ، نصب على الظّرْف، وَكلمَة: أَن، مَصْدَرِيَّة. قَوْله: (فِي وضوئِهِ) ، بِفَتْح الْوَاو، وَهُوَ المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ بِهِ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (قبل أَن يدخلهَا فِي الْإِنَاء) ، وَهُوَ ظرف المَاء الَّذِي يعد للْوُضُوء، وَهِي رِوَايَة مُسلم من طرق، وَفِي رِوَايَة ابْن خُزَيْمَة: (فِي إنائه أَو وضوئِهِ) على التَّرَدُّد. قَوْله: (فَإِن أحدكُم) : الْفَاء، فِيهِ للتَّعْلِيل قَوْله: (أَيْن باتت) . كلمة: أَيْن، سُؤال عَن مَكَان، إِذا قلت: أَيْن زيد؟ فَإِنَّمَا تسْأَل عَن مَكَانَهُ، وَإِنَّمَا بني إِمَّا لتَضَمّنه معنى حرف الِاسْتِفْهَام أَو المجازاة. لِأَنَّك إِذا قلت أَيْن زيد؟ فكأنك قلت أَفِي الدَّار أم فِي السُّوق ام فِي الْمَسْجِد ام فِي غَيرهَا؟ وَإِذا قلت: أَيْن تجْلِس إجلس فَمَعْنَاه: إِن تجْلِس فِي الدَّار أَجْلِس فِيهَا، وَإِن تجْلِس فِي الْمَسْجِد أَجْلِس فِيهِ.