يحيى بِهِ، وَابْن مَاجَه عَن أبي بكر بن خَلاد الْبَاهِلِيّ عَن يحيى بِإِسْنَادِهِ: تَوَضَّأ بغرفة وَاحِدَة. وَأَيْضًا الْكل أَخْرجُوهُ فِي كتاب الطَّهَارَة. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ عقيب إِخْرَاجه: وَفِي الْبَاب عَن عمر وَجَابِر وَبُرَيْدَة وَأبي رَافع وَابْن الْفَاكِه، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس احسن شَيْء فِي الْبَاب. قلت: لَا جرم اقْتصر عَلَيْهِ البُخَارِيّ. قَالَ: وروى رشدين بن سعد وَغَيره هَذَا الحَدِيث عَن الضَّحَّاك بن شُرَحْبِيل عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عمر مَرْفُوعا بِهِ، وَلَيْسَ بِشَيْء، وَالصَّحِيح مَا مروى ان عجلَان وَهِشَام بن سعد وسُفْيَان الثَّوْريّ وَعبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن زيد عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، وَرَوَاهُ عَن سُفْيَان جماعات غير شيخ البُخَارِيّ، مِنْهُم وَكِيع، وَنبهَ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا على أَن ابْن لَهِيعَة وَرشْدِين بن سعد روياه عَن الضَّحَّاك أَيْضا، كَمَا سلف، وَأَن عبد الله بن سِنَان خَالفه، فَرَوَاهُ عَن زيد عَن عبد الله بن عمر. قَالَ: وَكِلَاهُمَا وهم، وَالصَّوَاب: زيد عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس. وَفِي (مُسْند الْبَزَّار) : مَا أَتَى هَذَا إلاَّ من الضَّحَّاك، وَقد أغفل فِي مُسْنده قصد الصَّوَاب. قلت: حَدِيث عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه ابْن مَاجَه: حَدثنَا أَبُو كريب حَدثنَا رشدين بن سعد أخبرنَا الضَّحَّاك بن شُرَحْبِيل عَن زيد بن سلم عَن أَبِيه عَن عمر، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: (رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَوَضَّأ وَاحِدَة وَاحِدَة) . وَأخرجه الطَّحَاوِيّ عَن الرّبيع بن سُلَيْمَان الْمُؤَذّن عَن أَسد عَن ابْن لَهِيعَة عَن الضَّحَّاك بن شُرَحْبِيل عَن زيد بن اسْلَمْ عَن أَبِيه عَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: (رَأَيْت رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَتَوَضَّأ مرّة مرّة) ، وَحَدِيث جَابر أخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا عَن ثَابت بن ابي صَفِيَّة، قَالَ: سَأَلت أَبَا جَعْفَر، قلت لَهُ: حدثت عَن جَابر بن عبد الله (ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ مرّة مرّة؟ قَالَ: نعم) الحَدِيث، وَحَدِيث بُرَيْدَة أخرجه وَحَدِيث أبي رَافع أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز حَدثنَا عبد الله بن عمر بن الْخطاب حَدثنَا الدَّرَاورْدِي عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن عبيد الله بن ابي رَافع عَن ابيه، قَالَ: (رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ورأيته تَوَضَّأ مرّة مرّة) . وَحَدِيث ابْن الْفَاكِه أخرجه الْبَغَوِيّ فِي (مُعْجَمه) : حَدثنَا عَليّ بن أبي الْجَعْد حَدثنَا عدي ابْن الْفضل عَن ابي جَعْفَر عَن عمَارَة بن خُزَيْمَة بن ثَابت عَن ابْن الْفَاكِه، قَالَ: (رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ مرّة مرّة) . وَفِي الْبَاب أَيْضا عَن ابي بن كَعْب، أخرجه ابْن مَاجَه: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا بِمَاء فَتَوَضَّأ مرّة مرّة)
. الحَدِيث.
ذكر بَقِيَّة الْكَلَام قَوْله: مرّة، نصب على الظّرْف، أَي: تَوَضَّأ فِي زمَان وَاحِد، وَلَو كَانَ ثمَّة غسلتان أَو غسلات لكل عُضْو من أَعْضَاء الْوضُوء لَكَانَ التَّوَضُّؤ فِي زمانين أَو أزمنة، إِذْ لَا بُد لكل غسلة من زمَان غير زمَان الغسلة الْأُخْرَى، أَو مَنْصُوب على الْمصدر، أَي: تَوَضَّأ مرّة من التوضيء أَي: غسل الْأَعْضَاء غسلة وَاحِدَة، وَكَذَا حكم الْمسْح. فان قلت: فعلى هَذَا التَّقْدِير يلْزم أَن يكون مَعْنَاهُ تَوَضَّأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَمِيع عمره مرّة وَاحِدَة، وَهُوَ ظَاهر الْبطلَان. قلت: لَا يلْزم، بل تكْرَار لفظ مرّة يقتضى التَّفْصِيل والتكرير، أَو نقُول: إِن المُرَاد أَنه غسل فِي كلِّ وضوء كلَّ عُضْو مرّة مرّة، لِأَن تكْرَار الْوضُوء من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ من الدّين، هَكَذَا قَالَه الْكرْمَانِي. قلت: فِي الْجَواب الثَّانِي نظر، لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ أَن جَمِيع وضوء النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي عمره مرّة مرّة، وَلَيْسَ كَذَلِك على مَا لَا يخفي.
وَاسْتدلَّ ابْن التِّين بِهَذَا الحَدِيث على عدم إِيجَاب تَخْلِيل اللِّحْيَة لِأَنَّهُ إِذا غسل وَجهه مرّة لَا يبْقى مَعَه من المَاء مَا يخلل بِهِ، قَالَ: وَفِيه رد على من قَالَ: فرض مغسول الْوضُوء ثَلَاث.
أَي: هَذَا بَاب فِي الْوضُوء مرَّتَيْنِ مرَّتَيْنِ لكل عُضْو. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : قد روى البُخَارِيّ بعدُ، من حَدِيث عَمْرو ابْن يحيى عَن ابيه عَن عبد الله بن زيد: (ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غسل يَدَيْهِ مرَّتَيْنِ، ومضمض واستنشق ثَلَاثًا وَغسل وَجهه ثَلَاثًا) ، وَهُوَ حَدِيث وَاحِد فَلَا يحسن استدلاله بِهِ فِي هَذَا الْبَاب، اللَّهُمَّ إِلَّا لَو قَالَ: إِن بعض وضوئِهِ كَانَ مرَّتَيْنِ، وَبَعضه ثَلَاثًا، لَكَانَ حسنا. قلت: هَذَا الِاعْتِرَاض غير وَارِد لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع تعدد الْقَضِيَّة، كَيفَ وَالطَّرِيق إِلَى عبد الله بن زيد مُخْتَلف؟ .
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهر لَا يخفى.