دَعَتْ بِطيب فَمَسَحَتْ ذِرَاعَيْها وَقَالَتْ: مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، لَوْلا أنِّي سَمِعْتُ النبيَّ ت يَقُولُ: لَا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ تَحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إلاَّ عَلَى زَوْجِ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْرا.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ مَا يتَعَلَّق بالمعتدة، والترجمة فِي الْعدة، والْحَدِيث قد مر عَن قريب فِي: بَاب تحد الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشرا. قَوْله: (يَعْنِي أَبِيهَا) ، أَي: خبر مَوته.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم مهر الْبَغي وَهُوَ بِفَتْح الْبَاء وَكسر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْيَاء قَالَ بَعضهم: هُوَ على وزن فعيل يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَزنه فعول قلت: على الأَصْل لِأَن أَصله بغوي، على وزن فعول اجْتمعت الْوَاو وَالْيَاء وسبقت إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ فأبدلت الْوَاو يَاء، وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء فَصَارَ: بغي، بِضَم الْغَيْن ثمَّ أبدلت الضمة كسرة لأجل الْيَاء فَصَارَ: بغي، وَأما قَول الْبَعْض: إِن وَزنه فعيل فَلَيْسَ بِصَحِيح، إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك للزمته الْهَاء كامرأة حليمة وكريمة، واشتقاقه من الْبغاء وَهُوَ الزِّنَا. قَوْله: (وَالنِّكَاح الْفَاسِد) أَي: وَفِي حكم النِّكَاح الْفَاسِد، وأنواعه كَثِيرَة: كَالنِّكَاحِ بِلَا شُهُود، وَبلا ولي عِنْد الْبَعْض، وَنِكَاح الْمُعْتَدَّة، وَالنِّكَاح الموقت والشغار عِنْد الْبَعْض وَنَحْوهَا.
وَقَالَ الحَسَنُ: إذَا تَزَوَّج مُحَرَّمَةً وَهُوَ لَا يَشْعُرُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَهَا مَا أخَذَتْ وَلَيْسَ لَهَا غَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: لَهَا صَدَاقُها
أَي: قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: إِذا تزوج مُحرمَة، بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء أَي: امْرَأَة مُحرمَة عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: مُحرمَة بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْحَاء وَفتح الرَّاء وَالْمِيم وبالضمير، وَقَالَ الْكرْمَانِي: مُحرمَة بِلَفْظ فَاعل من الْإِحْرَام، وبلفظ مفعول التَّحْرِيم وبلفظ الْمحرم بِفَتْح الْمِيم وَالرَّاء الْمُضَاف، وَضَبطه الدمياطي بِضَم الْمِيم وَكسر الرَّاء، وَقَالَ ابْن التِّين: يُرِيد ذَات محرم. قَوْله: (وَهُوَ لَا يشْعر) ، أَي: وَالْحَال أَن الرجل لم يدر بذلك، فرق بَينهمَا. (وَلها مَا أخذت) من الرجل يَعْنِي صَدَاقهَا الْمُسَمّى (وَلَيْسَ لَهَا غَيره) وَهُوَ قَول مَالك الْمَشْهُور. قَوْله: (ثمَّ قَالَ) ، أَي: الْحسن بعد أَن قَالَ: وَلَيْسَ لَهَا غَيره (لَهَا صَدَاقهَا) يَعْنِي: صدَاق مثلهَا، وَسَائِر الْفُقَهَاء على هذَيْن الْقَوْلَيْنِ فطائفة تَقول بِصَدَاق الْمثل، وَطَائِفَة تَقول بِالْمُسَمّى، وَأما من تزوج مُحرمَة وَهُوَ عَالم بِالتَّحْرِيمِ فَقَالَ مَالك وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ: عَلَيْهِ الْحَد وَلَا صدَاق فِي ذَلِك، وَقَالَ الثَّوْريّ: وَأَبُو حنيفَة: لَا حد عَلَيْهِ وَإِن علم يُعَزّر، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يبلغ بِهِ أَرْبَعِينَ، وَتَعْلِيق الْحسن رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن عبد الْأَعْلَى عَن سعيد عَن مطر عَنهُ بِهِ.
5346 - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عَنْ أبِي مَسْعُودٍ، رَضِيَ الله عَنهُ، قَالَ: نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ وَحُلوَانِ الكاهِنِ وَمَهْرِ البَغِيِّ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعلي بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث ابْن هِشَام المَخْزُومِي وَأَبُو مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ البدري.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْبيُوع فِي: بَاب ثمن الْكَلْب فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن أبي بكر إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، أما ثمن الْكَلْب فَحَرَام عِنْد الْحسن الْبَصْرِيّ وَرَبِيعَة وَحَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَدَاوُد وَمَالك فِي رِوَايَة، وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الحَدِيث. وَقَالَ عَطاء وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَابْن كنَانَة وَسَحْنُون من الْمَالِكِيَّة: الْكلاب الَّتِي ينْتَفع بهَا يجوز بيعهَا وتباح أثمانها، وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث بِأَنِّي النَّهْي عَنهُ إِنَّمَا كَانَ حِين أَمر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل الْكلاب، وَلما أَبَاحَ الِانْتِفَاع بهَا للاصطياد وَنَحْوه، وَنهى عَن قَتلهَا نسخ النَّهْي الْمَذْكُور، وَأما حلوان الكاهن فَإِنَّهُ رشوة يَأْخُذهَا الكاهن على مَا يَأْتِي بِهِ من الْبَاطِل، وروى الطَّحَاوِيّ أَيْضا عَن أبي مَسْعُود: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: ثَلَاث هن سحت ثمَّ ذكر مثل الحَدِيث الْمَذْكُور، وَأما مهر الْبَغي، وَهُوَ الَّذِي يعْطى على النِّكَاح الْمحرم فَحَرَام، وَقَالَ القَاضِي: لم يخْتَلف الْعلمَاء فِي تَحْرِيم أجر الْبَغي لِأَنَّهُ ثمن عَن محرم، وَقد حرم الله الزِّنَا فَلذَلِك أبطلوا أجر الْمُغنيَة والنائحة، وَأَجْمعُوا على بُطْلَانه.