بَعضهم بِأَن هَذَا بمعزل عَن الْوَاقِع، فقد وَقع فِي مُرْسل مقَاتل بن حبَان عِنْد ابْن أبي حَاتِم: فَقَالَ عَاصِم: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، هَذَا وَالله سُؤَالِي عَن هَذَا الْأَمر بَين النَّاس فابتليت بِهِ، وَالَّذِي كَانَ قَالَ: لَو رَأَيْته لضربته بِالسَّيْفِ هُوَ سعد بن عبَادَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قلت: فِيهِ نظر، لِأَن قَول سعد بن عبَادَة فِي قَضِيَّة هِلَال بن أُميَّة، وَقَول عَاصِم فِي قَضِيَّة عُوَيْمِر، فالكلامان مُخْتَلِفَانِ، وَذكر أَن ابْن سِيرِين عيَّر رجلا بفلس ثمَّ نَدم وانتظر الْعقُوبَة أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ نزل بِهِ. قَوْله: (وَكَانَ ذَلِك الرجل) أَي: الَّذِي رمى امْرَأَته بِهِ. قَوْله: (مصفراً) بتَشْديد الرَّاء أَي: قوي الصُّفْرَة، وَهَذَا لَا يُخَالف قَوْله فِي حَدِيث سهل: إِنَّه كَانَ أَحْمَر أَو أشقر، لِأَن ذَاك لَونه الْأَصْلِيّ والصفرة عارضة. قَوْله: (قَلِيل اللَّحْم) أَي: نحيف الْجِسْم. قَوْله: (سبط الشّعْر) بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وإسكانها وَهُوَ ضد الجعودة أَي: مسترسلاً غير جعد. قَوْله: (خدلاً) بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الدَّال الْمُهْملَة وَهُوَ الممتلىء السَّاق الضخم، وَقَالَ ابْن الْفَارِس: ممتلىء الْأَعْضَاء، وَقَالَ الطَّبَرِيّ: لَا يكون إلاَّ مَعَ غلظ الْعظم مَعَ اللَّحْم، وَقَالَ ابْن التِّين: ضبط فِي بعض الْكتب بِكَسْر الدَّال وَتَخْفِيف اللَّام وَفِي بَعْضهَا بتَشْديد اللاَّم، وَفِي بَعْضهَا بِسُكُون الدَّال، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كتب اللُّغَة، وَكَذَا ضبط فِي رِوَايَة أبي صَالح وَابْن يُوسُف. قَوْله: (اللَّهُمَّ بيّن) أَي: حكم الْمَسْأَلَة، وَيُقَال: مَعْنَاهُ الْحِرْص على أَن يعلم من بَاطِن الْمَسْأَلَة مَا يقف بِهِ على حَقِيقَتهَا وَإِن كات شَرِيعَته قد احكمها الله فِي الْقَضَاء بِالظَّاهِرِ، وَإِنَّمَا صَارَت شرائع الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، يقْضى فِيهَا بِالظَّاهِرِ لِأَنَّهَا تكون سَببا لمن بعدهمْ من أممهم مِمَّن لَا سَبِيل لَهُ إِلَى وَحي يعلم بِهِ بواطن الْأُمُور. قَوْله: (فَجَاءَت) فِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال: فَوضعت. قَوْله: (فلاعن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا) قيل: اللّعان مقدم على وضع الْوَلَد، فعلى مَا عطف: فلاعن؟ وَأجِيب: بِأَن المُرَاد مِنْهُ: فَحكم بِمُقْتَضى اللّعان، وَقيل: ظَاهره أَن الْمُلَاعنَة بَينهمَا تَأَخَّرت حَتَّى وضعت، وَلَكِن مَعْنَاهُ أَن قَوْله: (فلاعن) معقب بقوله: فَذهب بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بِالَّذِي وجد عَلَيْهِ امْرَأَته، وَاعْترض قَوْله: (وَكَانَ ذَلِك الرجل) إِلَى آخِره. قَوْله: (فَقَالَ رجل) هُوَ عبد الله بن شَدَّاد ذكره البُخَارِيّ فِي كتاب الْمُحَاربين. قَوْله: (قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو رجمت أحدا بِغَيْر بيِّنة رجمت هَذِه) ، أَرَادَ بِهِ امْرَأَة عُوَيْمِر، يَعْنِي: إِنَّمَا لَاعن بَينهَا وَبَين زَوجهَا وَلم يرجمها بالشبه، لِأَن الرَّجْم لَا يكون إلاَّ بِبَيِّنَة. قَوْله: (تِلْكَ امْرَأَة) إِشَارَة إِلَى امْرَأَة عُوَيْمِر، وَأَرَادَ: بالسوء، الْفَاحِشَة. قَالَ الدَّاودِيّ: فِيهِ جَوَاز الْغَيْبَة لمن يظْهر السوء، وَفِي الحَدِيث: لَا غيبَة لمجاهر.

قَوْله: (قَالَ أَبُو صَالح) هُوَ عبد الله بن صَالح الْجُهَنِيّ بِالْجِيم وَالْهَاء وَالنُّون، وَهُوَ كَاتب اللَّيْث بن سعد وَعبد الله بن يُوسُف التنيسِي، بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد النُّون الْمَكْسُورَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالسين الْمُهْملَة: نِسْبَة إِلَى تنيس بَلْدَة كَانَت فِي جَزِيرَة فِي وسط بحيرة بِالْقربِ من دمياط وَخَربَتْ وبادت. قَوْله: (خدلاً) قَالَ الْكرْمَانِي: هما قَالَا آدم خدلاً بِدُونِ ذكر: كثير اللَّحْم؟ قلت: رِوَايَة عبد الله بن يُوسُف أخرجهَا البُخَارِيّ فِي كتاب الْمُحَاربين وَلَفظه: وجده عِنْد أَهله آدم خدلاً كثير اللَّحْم، فَالَّذِي قَالَه الْكرْمَانِي يُخَالف هَذِه، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك بالتخمين، بل المُرَاد أَن فِي روايتهما خدلاً بِفَتْح الْخَاء وَكسر الدَّال، وَفِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة: خدلاً، بِسُكُون الدَّال. فَافْهَم.

(صدَاق الْمُلَاعنَة)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الحكم فِي صدَاق الْمَرْأَة الْمُلَاعنَة.

0135 - حدّثنا سَعِيدُ بنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حدّثني الليْثُ عنْ يَحْيَى بنِ سَعيدٍ عنْ عبْدِ الرَّحْمانِ بنِ القاسِمِ عنِ القاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ: أنَّهُ ذُكِرَ التّلاَعُنُ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عاصِمُ بنُ عَديٍّ فِي ذالِكَ قَوْلاً ثُمَّ انْصَرَفَ. فأتاهُ رجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إلَيْهِ أنَّهُ قَدْ وجَدَ مَعَ امْرَأتِهِ رجُلاً، فَقَالَ عاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهاذا إِلَّا لِقَوْلِي، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخْبَرَهُ بالَّذِي وجَدَ عَلَيْهِ امْرَأتَهُ، وكانَ ذالِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبْطَ الشَّعَرِ، وكانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أنّهُ وجَدَهُ عِنْدَ أهْلِهِ خَدْلاً آدَمَ كَثِيرَ اللّحْمِ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ بَيِّنْ، فجاءَتْ بِهِ شَبِيهاً بالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُها أنَّهُ وجَدَهُ، فَلاَعَنَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَهُما، قَالَ رجُلٌ لابنِ عَبَّاسٍ فِي المَجْلِسِ: هِي الّتِي قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَوْ رَجَمتُ أحَداً بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هاذِهِ؟ فَقَالَ: لَا تِلْكَ امْرأةٌ كانَتْ تُظْهِرُ فِي الإسْلاَمِ السُّوءَ.

قَالَ أبُو صالِحٍ وعبْدُ الله بنُ يُوسُفَ: خَدِلاً.

(الحَدِيث 0135 أَطْرَافه: فِي: 6135، 5586، 6586، 8327) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لَو رجمت أحدا بِغَيْر بَيِّنَة رجمت هَذِه) وَسَعِيد بن عفير هُوَ سعيد بن كثير بن عفير بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء مولى الْأَنْصَار الْمصْرِيّ، وَيحيى بن سعيد هُوَ الْأنْصَارِيّ، وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم يروي عَن أَبِيه الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَوَقع فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ عَن أَبِيه.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمُحَاربين عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي الطَّلَاق عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس أَيْضا. وَأخرجه مُسلم فِي اللّعان عَن مُحَمَّد بن رمح وَغَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّلَاق وَفِي الرَّجْم عَن عِيسَى بن حَمَّاد بِهِ، وَفِي الطَّلَاق أَيْضا عَن يحيى بن مُحَمَّد.

قَوْله: (أَنه ذكر التلاعن) ، يَعْنِي: أَنه قَالَ: ذكر فَحذف لفظ: قَالَ: وَصرح بِهِ فِي رِوَايَة سُلَيْمَان الَّتِي تَأتي. قَوْله: (ذكر) على صِيغَة الْمَجْهُول أسْند إِلَى التلاعن أَي: ذكر حكم الرجل الَّذِي يَرْمِي امْرَأَته بِالزِّنَا، فَعبر عَنهُ بالتلاعن باعتبارها آل إِلَيْهِ الْأَمر بعد نزُول الْآيَة، وَوَقع فِي رِوَايَة سُلَيْمَان ذكر المتلاعنان. قَوْله: (فَقَالَ عَاصِم بن عدي) أَي: ابْن الْجد بن العجلان بن حَارِثَة بن ضبيعة الْعجْلَاني ثمَّ البدري، وَهُوَ صَاحب عُوَيْمِر الْعجْلَاني الَّذِي قَالَ لَهُ: سل لي يَا عَاصِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث اللّعان، وَعَاصِم شهد بَدْرًا وأحداً وَالْخَنْدَق والمشاهد كلهَا، وَقيل: لم يشْهد بَدْرًا بِنَفسِهِ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد اسْتَخْلَفَهُ حِين خرج إِلَى بدر على قبَاء وَأهل الْعَالِيَة وَضرب لَهُ بسهمه فَكَأَنَّهُ كَانَ قد شَهِدَهَا وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين، وَقد بلغ قَرِيبا من عشْرين وَمِائَة سنة. قَوْله: (فِي ذَلِك) قولا هُوَ أَنه كَانَ قد قَالَ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَو وجد مَعَ امْرَأَته رجلا لضربه بِالسَّيْفِ حَتَّى يقْتله، فابتلي بعويمر الْعجْلَاني وَهُوَ من قومه ليريه الله تَعَالَى كَيفَ حكمه فِي ذَلِك وليعرفه أَن التسليط فِي الدِّمَاء لَا يسوغ فِي الدَّعْوَى، وَلَا يكون إلاَّ بِحكم الله تَعَالَى، ليرْفَع أَمر الْجَاهِلِيَّة. وَقَالَ الْكرْمَانِي قولا أَي: كلَاما لَا يَلِيق نَحْو مَا يدل على عجب النَّفس والنخوة والغيرة وَعدم الْحِوَالَة إِلَى إِرَادَة وَحَوله وقوته. وَقَالَ بَعضهم: كَانَ ذَلِك بمعزل عَن الْوَاقِع ثمَّ طول الْكَلَام. قلت: لَيْسَ فِي كَلَامه مَا هُوَ بمعزل عَن الْوَاقِع، لكنه لم يُصَرح فِيهِ. قَوْله: إِنَّه لَو وجد مَعَ امْرَأَته رجلا لضربه بِالسَّيْفِ، وَذكرهَا مَا يَقْتَضِيهِ أَن يفعل فعل من عِنْده نخوة ومروءة وغيرة عِنْد وجودهذا الْأَمر، وَأما عدم حِوَالَة الْأَمر فِيهِ إِلَى الله تَعَالَى فَيمكن أَنه لم يكن علم مَا حكم الله فِي هَذَا حَتَّى ابْتُلِيَ وَعرف. قَوْله: (ثمَّ انْصَرف) أَي: عَاصِم من عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (فَأَتَاهُ رجل) هُوَ عُوَيْمِر. قَوْله: (من قومه) لِأَن كلا مِنْهُمَا عجلاني. قَوْله: (إِلَيْهِ) أَي: إِلَى عَاصِم. قَوْله: (مَا ابْتليت) على صِيغَة الْمَجْهُول (إلاَّ لقولي) وَهُوَ قَوْله: لَو وجدت رجلا مَعَ امْرَأَتي لضربته بِالسَّيْفِ، أَو كَانَ عيَّراً أحدا فابتلي بِهِ، كَذَا قَالَه الدَّاودِيّ، ورد عَلَيْهِ بَعضهم بِأَن هَذَا بمعزل عَن الْوَاقِع، فقد وَقع فِي مُرْسل مقَاتل بن حبَان عِنْد ابْن أبي حَاتِم: فَقَالَ عَاصِم: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، هَذَا وَالله سُؤَالِي عَن هَذَا الْأَمر بَين النَّاس فابتليت بِهِ، وَالَّذِي كَانَ قَالَ: لَو رَأَيْته لضربته بِالسَّيْفِ هُوَ سعد بن عبَادَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قلت: فِيهِ نظر، لِأَن قَول سعد بن عبَادَة فِي قَضِيَّة هِلَال بن أُميَّة، وَقَول عَاصِم فِي قَضِيَّة عُوَيْمِر، فالكلامان مُخْتَلِفَانِ، وَذكر أَن ابْن سِيرِين عيَّر رجلا بفلس ثمَّ نَدم وانتظر الْعقُوبَة أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ نزل بِهِ. قَوْله: (وَكَانَ ذَلِك الرجل) أَي: الَّذِي رمى امْرَأَته بِهِ. قَوْله: (مصفراً) بتَشْديد الرَّاء أَي: قوي الصُّفْرَة، وَهَذَا لَا يُخَالف قَوْله فِي حَدِيث سهل: إِنَّه كَانَ أَحْمَر أَو أشقر، لِأَن ذَاك لَونه الْأَصْلِيّ والصفرة عارضة. قَوْله: (قَلِيل اللَّحْم) أَي: نحيف الْجِسْم. قَوْله: (سبط الشّعْر) بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وإسكانها وَهُوَ ضد الجعودة أَي: مسترسلاً غير جعد. قَوْله: (خدلاً) بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الدَّال الْمُهْملَة وَهُوَ الممتلىء السَّاق الضخم، وَقَالَ ابْن الْفَارِس: ممتلىء الْأَعْضَاء، وَقَالَ الطَّبَرِيّ: لَا يكون إلاَّ مَعَ غلظ الْعظم مَعَ اللَّحْم، وَقَالَ ابْن التِّين: ضبط فِي بعض الْكتب بِكَسْر الدَّال وَتَخْفِيف اللَّام وَفِي بَعْضهَا بتَشْديد اللاَّم، وَفِي بَعْضهَا بِسُكُون الدَّال، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كتب اللُّغَة، وَكَذَا ضبط فِي رِوَايَة أبي صَالح وَابْن يُوسُف. قَوْله: (اللَّهُمَّ بيّن) أَي: حكم الْمَسْأَلَة، وَيُقَال: مَعْنَاهُ الْحِرْص على أَن يعلم من بَاطِن الْمَسْأَلَة مَا يقف بِهِ على حَقِيقَتهَا وَإِن كات شَرِيعَته قد احكمها الله فِي الْقَضَاء بِالظَّاهِرِ، وَإِنَّمَا صَارَت شرائع الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، يقْضى فِيهَا بِالظَّاهِرِ لِأَنَّهَا تكون سَببا لمن بعدهمْ من أممهم مِمَّن لَا سَبِيل لَهُ إِلَى وَحي يعلم بِهِ بواطن الْأُمُور. قَوْله: (فَجَاءَت) فِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال: فَوضعت. قَوْله: (فلاعن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا) قيل: اللّعان مقدم على وضع الْوَلَد، فعلى مَا عطف: فلاعن؟ وَأجِيب: بِأَن المُرَاد مِنْهُ: فَحكم بِمُقْتَضى اللّعان، وَقيل: ظَاهره أَن الْمُلَاعنَة بَينهمَا تَأَخَّرت حَتَّى وضعت، وَلَكِن مَعْنَاهُ أَن قَوْله: (فلاعن) معقب بقوله: فَذهب بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بِالَّذِي وجد عَلَيْهِ امْرَأَته، وَاعْترض قَوْله: (وَكَانَ ذَلِك الرجل) إِلَى آخِره. قَوْله: (فَقَالَ رجل) هُوَ عبد الله بن شَدَّاد ذكره البُخَارِيّ فِي كتاب الْمُحَاربين. قَوْله: (قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو رجمت أحدا بِغَيْر بيِّنة رجمت هَذِه) ، أَرَادَ بِهِ امْرَأَة عُوَيْمِر، يَعْنِي: إِنَّمَا لَاعن بَينهَا وَبَين زَوجهَا وَلم يرجمها بالشبه، لِأَن الرَّجْم لَا يكون إلاَّ بِبَيِّنَة. قَوْله: (تِلْكَ امْرَأَة) إِشَارَة إِلَى امْرَأَة عُوَيْمِر، وَأَرَادَ: بالسوء، الْفَاحِشَة. قَالَ الدَّاودِيّ: فِيهِ جَوَاز الْغَيْبَة لمن يظْهر السوء، وَفِي الحَدِيث: لَا غيبَة لمجاهر.

قَوْله: (قَالَ أَبُو صَالح) هُوَ عبد الله بن صَالح الْجُهَنِيّ بِالْجِيم وَالْهَاء وَالنُّون، وَهُوَ كَاتب اللَّيْث بن سعد وَعبد الله بن يُوسُف التنيسِي، بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد النُّون الْمَكْسُورَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالسين الْمُهْملَة: نِسْبَة إِلَى تنيس بَلْدَة كَانَت فِي جَزِيرَة فِي وسط بحيرة بِالْقربِ من دمياط وَخَربَتْ وبادت. قَوْله: (خدلاً) قَالَ الْكرْمَانِي: هما قَالَا آدم خدلاً بِدُونِ ذكر: كثير اللَّحْم؟ قلت: رِوَايَة عبد الله بن يُوسُف أخرجهَا البُخَارِيّ فِي كتاب الْمُحَاربين وَلَفظه: وجده عِنْد أَهله آدم خدلاً كثير اللَّحْم، فَالَّذِي قَالَه الْكرْمَانِي يُخَالف هَذِه، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك بالتخمين، بل المُرَاد أَن فِي روايتهما خدلاً بِفَتْح الْخَاء وَكسر الدَّال، وَفِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة: خدلاً، بِسُكُون الدَّال. فَافْهَم.

(صدَاق الْمُلَاعنَة)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الحكم فِي صدَاق الْمَرْأَة الْمُلَاعنَة.

1135 - حدّثني عَمْرُو بنُ زُرَارَة أخبرنَا إسْماعِيلُ عنْ أيُّوبَ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ ل ابْنِ عُمَرَ: رجُلٌ قَذَفَ امْرَأتَهُ؟ فَقَالَ: فَرَّقَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَ أخَوَيْ بَنِي العَجْلاَنِ، وَقَالَ: الله يَعْلَمُ أنَّ أحَدَكُما كاذبٌ فَهَلْ مِنْكما تائِبٌ؟ فأبَيا، فَقَالَ: الله يَعْلَمُ أنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُما تائِبٌ؟ فأبَيا، فَقَالَ: الله يَعْلَمُ أَن أحَدَكُما كاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُما تائِبٌ؟ فَأبَيا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. قَالَ أيُّوبُ: فَقَالَ لِي عَمْرُو بنُ دِينارٍ: إنَّ فِي الحدِيثِ شَيْئاً لَا أرَاكَ تُحَدِّثُهُ. قَالَ: قَالَ الرَّجُلُ: مَا لِي؟ قَالَ: قِيلَ: لَا مالَ لَكَ، إنْ كُنْتَ صادِقاً فَقَدْ دَخَلَتْ بِها، وإنْ كُنْتَ كاذِباً فَهْوَ أبْعَدُ مِنْكَ.

.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015