ضعفه، قَالَه فِي (التَّنْقِيح) . قلت: عجبا مِنْهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي غَيره: وَجَابِر الْجعْفِيّ قد وَثَّقَهُ الثَّوْريّ وَشعْبَة، وناهيك بهما فَكيف يَقُول هَذَا ثمَّ يَحْكِي الِاتِّفَاق على ضعفه؟ هَذَا تنَاقض بيّن. وَأَبُو عَازِب اسْمه مُسلم بن عَمْرو، فَإِن قلت: فِي سَنَد حَدِيث ابْن مَسْعُود عبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق وَهُوَ ضَعِيف. قلت: حَدِيثه قد تقوى بِغَيْرِهِ. فَإِن قلت: فِي سَنَد حَدِيث أبي هُرَيْرَة سُلَيْمَان ابْن أَرقم وَهُوَ مَتْرُوك. قلت: فِي غَيره كِفَايَة. فَإِن قلت: فِي سَنَد حَدِيث عَليّ مُعلى بن هِلَال وَهُوَ مَتْرُوك. قلت: الْمَتْرُوك قد يسْتَعْمل عِنْد وجود المقبول. وَقد يسكت عَنهُ لحُصُول الْمَقْصُود بِغَيْرِهِ. وَلَا شكّ أَن بعض هَذِه الْأَحَادِيث تشهد لبَعض وَأَقل أَحْوَاله أَن يكون حسنا فَيصح الِاحْتِجَاج بِهِ، وَالْعجب من الْكرْمَانِي حَيْثُ يَقُول: وَفِيه أَي: وَفِي حَدِيث الْبَاب ثُبُوت الْقصاص بِالْمثلِ خلافًا للحنفية، فَلم. لَا يَقُول فِي هَذِه الْأَحَادِيث: لَا قَود إلاَّ بِالسَّيْفِ خلافًا للشَّافِعِيَّة؟ وأعجب مِنْهُ صَاحب (التَّوْضِيح) حَيْثُ يَقُول: وَهُوَ حجَّة على أبي حنيفَة فِي قَوْله: لَا يُقَاد إلاَّ بِالسَّيْفِ، فَمَا معنى تَخْصِيص أبي حنيفَة من بَين الْجَمَاعَة الَّذين قَالُوا بقوله وهم: الشّعبِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَهَؤُلَاء أساطين فِي أُمُور الدّين؟ وَلَكِن هَذَا من نبض عرق العصبية الْبَارِدَة.
وَأجَاب أَصْحَاب أبي حنيفَة عَن حَدِيث الْبَاب بأجوبة. الأول: بِأَنَّهُ كَانَ فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام يقتل الْقَاتِل بقول الْمَقْتُول وَبِمَا قتل بِهِ. الثَّانِي: مَا قَتله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. إلاَّ باعترافه، فَإِن لفظ الِاعْتِرَاف أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ، وَفِي (صَحِيح مُسلم) : فَأخذ الْيَهُودِيّ فاعترف. وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ: فَلم يزل بِهِ حَتَّى أقرّ. الثَّالِث: أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، علمه بِالْوَحْي، فَلذَلِك لم يحْتَج إِلَى الْبَيِّنَة وَلَا إِلَى الْإِقْرَار. وَالرَّابِع: مَا قَالَه الطَّحَاوِيّ: إِنَّه يحْتَمل أَن يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى أَن ذَلِك الْقَاتِل يجب قَتله لله، إِذْ كَانَ إِنَّمَا قتل على مَال قد، بَين ذَلِك فِي بعض الحَدِيث، ثمَّ روى الحَدِيث الْمَذْكُور، فَإِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل دم ذَلِك الْيَهُود قد وَجب لله عز وَجل كَمَا يجب دم قَاطع الطَّرِيق لله تَعَالَى، فَكَانَ لَهُ أَن يقْتله كَيفَ شَاءَ بِسيف وَبِغير ذَلِك. الْخَامِس: إِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي زمن كَانَت المُثلة مُبَاحَة، كَمَا فِي العرنيين، ثمَّ نسخ ذَلِك بانتساخ المُثلة.
6925 - حدّثني قَبِيصَةُ حَدثنَا سُفْيَانُ عنْ عبْدِ الله بن دينارٍ عنِ ابْن عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُولُ: الفِتْنَةُ مِنْ هُنا، وأشارَ إِلَى المَشْرِقِ.
ابقته للجزء الْأَخير من التَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقبيصَة هُوَ ابْن عقبَة الْكُوفِي، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ. والْحَدِيث من أَفْرَاده.
7925 - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا جَرِيرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيدِ عنْ أبِي إسْحاقَ الشَّيْبَانِيِّ عنْ عَبْدِ الله بنِ أبي أوْفَى قَالَ: كُنَّا فِي سفَرٍ مَعَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ لرَجُلٍ: انْزِلْ فاجْدَحْ لِي. قَالَ: يَا رسولَ الله {لوْ أمْسَيْتَ. ثُمَّ قَالَ: انُزِلْ فاجْدَحْ. قَالَ: قَالَ يَا رسولَ الله لوْ أمْسَيْتَ} إنَّ عَلَيْكَ نَهاراً، ثُمَّ قَالَ: انْزِلِ فاجْدَحْ، فنَزَلَ فَجَدَحَ لهُ فِي الثالِثَةِ، فشَرِبَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ أوْمأ بِيَدِهِ إِلَى المَشْرِقِ فَقَالَ: إذَا رأيْتُمُ اللّيْلَ قَدْ أقْبَلَ مِنْ هاهُنا فَقَدْ أفْطَرَ الصائِمُ.
ابقته للجزء الْأَخير من التَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ثمَّ أَوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى الْمشرق) .
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ وَأَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ سُلَيْمَان بن أبي سُلَيْمَان واسْمه فَيْرُوز الْكُوفِي، وَعبد الله بن أبي أوفي، وَقيل: ابْن أوفى، فَلَيْسَ بِصَحِيح وَاسم أبي أوفى عَلْقَمَة الْأَسْلَمِيّ، قَالَ الْوَاقِدِيّ: مَاتَ سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَهُوَ آخر من مَاتَ بِالْكُوفَةِ من الصَّحَابَة. رَوَاهُ أَبُو حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الصَّوْم فِي: بَاب مَتى يحل فطر الصَّائِم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْحَاق الوَاسِطِيّ عَن خَالِد عَن الشَّيْبَانِيّ إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (فاجدح) أَمر من الجدح بِالْجِيم وبالمهملتين وَهُوَ بل السويق بِالْمَاءِ. قَوْله: (فقد أفطر الصَّائِم) أَي: قد دخل وَقت الْإِفْطَار نَحْو: أحصد الزَّرْع.