الْجَاهِلِيَّة) يَعْنِي: فِي حق أهل الشّرك من أهل مَكَّة. وَأما الْآيَة الْأُخْرَى فَفِي حق الرجل الَّذِي عرف الْإِسْلَام ثمَّ قتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم لَا تَوْبَة لَهُ، وَهَذَا مَشْهُور عَن ابْن عَبَّاس، وَقد حمل جُمْهُور السّلف وَجَمِيع أهل السّنة مَا ورد من ذَلِك على التَّغْلِيظ والتهديد، وصححوا تَوْبَة الْقَاتِل كَغَيْرِهِ.
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {يُضَاعف} الْآيَة. قَوْله: (يُضَاعف) بدل من قَوْله: {يلق أثاماً} (الْفرْقَان: 86) لِأَنَّهُمَا فِي معنى وَاحِد، وَمعنى: {يُضَاعف لَهُ الْعَذَاب} أَن الْمُشرك إِذا ارْتكب الْمعاصِي مَعَ الشّرك يعذب على الشّرك وعَلى الْمعاصِي جَمِيعًا، وَقَرَأَ عَاصِم: يُضَاعف، بِالرَّفْع على تَفْسِير: يلق أثاماً، كَأَن قَائِلا يَقُول: مَا لَقِي الأثام فَقيل: يُضَاعف الْعَذَاب، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْجَزْمِ بَدَلا من قَوْله: (يلقَ) لِأَنَّهُ مجزوم على الْجَزَاء، وَابْن كثير وَابْن عَامر يحذفان فَإِن الْألف ويشددان الْعين. قَوْله: (ويخلد فِيهِ) أَي: فِي النَّار (مهاناً) ذليلاً، وَقَرَأَ ابْن عَامر: يخلد بِالرَّفْع على الِاسْتِئْنَاف وَالْبَاقُونَ بِالْجَزْمِ.
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله: {إلاّ من تَابَ} الْآيَة. وَلَيْسَ فِي كثير من النّسخ لفظ: بَاب.
6674 - حدَّثنا عَبْدَانُ أخْبَرَنا أبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ أمَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ أبْزَي أنْ أسْألَ ابنَ عَبَّاسٍ عَنْ هاتَيْنِ الآيَتَيْنِ. {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً} (الْفرْقَان: 86) فَسَألْتُهُ فَقَالَ لَمْ يَنْسَخْها شَيْءٌ وَعَنْ: {والَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ الله إلِّهاً آخَرَ} قَالَ نَزَلَتْ فِي أهْلِ الشِّرْكِ..
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن أَبْزَى، وعبدان هُوَ ابْن عُثْمَان بن جبلة الْأَزْدِيّ الْمروزِي. وَحَاصِل هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي رَوَاهَا سعيد بن جُبَير أَن ابْن عَبَّاس يفرق بَين الْآيَتَيْنِ المذكورتين وَهُوَ أَن قَوْله: (وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا) الْآيَة فِي حق الْمُسلم الْعَارِف بالأمور الشَّرْعِيَّة، وَإِن قَوْله: (إلاَّ من تَابَ) الْآيَة. فِي حق الْمُشرك، فَإِذا كَانَ كَذَلِك فلاتوبة للْقَاتِل عِنْده، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب وَفِيمَا مضى.
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {فقد كَذبْتُمْ فَسَوف يكون لزاماً} وَقد فسره بقوله: (هلكة) . وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: اخْتلف فِي اللزام فَقيل: