قَوْلِهِ وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من حَيْثُ إِن الله فرج عَن كَعْب وَتَابَ عَلَيْهِ بِحسن صدقه كَمَا فِي متن الحَدِيث، وَأنزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة وَأمر الْمُؤمنِينَ بالتقوى والصدق. وَرِجَال إِسْنَاده قد ذكرُوا عَن قريب وَفِيمَا قبله غير مرّة، والْحَدِيث قِطْعَة من حَدِيث كَعْب الطَّوِيل، وتكلمنا فِيهِ فِيمَا مضى.
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {لقد جَاءَكُم} الْآيَة، كَذَا ثَبت إِلَى آخر الْآيَة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر إِلَى قَوْله: (مَا عنتم) وَقد من الله تَعَالَى بِهَذِهِ الْآيَة على الْمُؤمنِينَ بِمَا أرسل إِلَيْهِم رَسُولا من أنفسهم أَي: من جنسهم وعَلى لغتهم، كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: {رَبنَا وَابعث فيهم رَسُولا مِنْهُم} (الْبَقَرَة: 129) وقرى: من أَنفسكُم، من النفاسة أَي: من أشرفكم وأفضلكم، وَقيل: هِيَ قِرَاءَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفَاطِمَة وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا. قَوْله: (عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم) أَي: يعز عَلَيْهِ مَا يشق عَلَيْكُم، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الحَدِيث: بعثت بالحنفية السمحة، وعنتم من الْعَنَت وَهُوَ الْمَشَقَّة، وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: أَصله التَّشْدِيد، وَقَالَ الضَّحَّاك: الْإِثْم، وَقَالَ ابْن أبي عرُوبَة: الضلال، وَقيل: الْهَلَاك. وَحَاصِل الْمَعْنى: يعز عَلَيْهِ أَن تدْخلُوا النَّار، وجمعت هَذِه الْآيَة سِتّ صِفَات لسيدنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الرسَالَة والنفاسة والعزة وحرصه على إِيصَال الْخيرَات إِلَى أمته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة والرأفة وَالرَّحْمَة. قَالَ الْحُسَيْن بن الْفضل: لم يجمع الله لنَبِيّ من الْأَنْبِيَاء إسمين من أَسْمَائِهِ إلاَّ لسيدنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ قَالَ: {بِالْمُؤْمِنِينَ رؤوف رَحِيم} وَقَالَ عز وَجل: {إِن الله بِالنَّاسِ لرؤوف رَحِيم} (الْبَقَرَة: 143 وَالْحج: 65) .
مِنَ الرَّأفَةِ
يَعْنِي: رؤوف من الرأفة وَهِي الحنو والعطف وَهِي أَشد الرَّحْمَة، وَلم يثبت هَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر.
4679 - ح دَّثنا أبُو اليَمانِ أخْبرَنا شُعَيبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخبرَني ابنُ السَّبّاقِ أنَّ زَيْدَ ابنَ ثابِتِ الأنْصارِيَّ رَضِي الله عنهُ وكانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الوَحْيَ قَالَ أرْسَلَ إلَيَّ أبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أهْلِ اليَمامَةِ وعِنْدَهُ عُمَرُ فَقال أبُو بَكْرٍ إنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ إنَّ القَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ اليَمامَةِ بِالنَّاسِ وإنِّي أخْشَى أنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بالقُرَّاءِ فِي المَوَاطِن فيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ إلاَّ أنْ تَجْمَعُوهُ وإنِّي لأَرَي أنْ تَجْمَعَ القُرْآنَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ لِعُمَرَ كَيْفَ أفْعَلُ شَيْئاً لَم يَفْعَلْهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عُمَرُ هُوَ وَالله خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ عمَرُ يُرَاجِعُنِي فِيهِ حَتَّى شَرَحَ الله لذالِكَ صَدْرِي ورَأيْتُ الَّذِي رَأي عُمَرُ قَالَ زَيْدُ بنُ ثابِتٍ وعُمَرُ عِنْدَهُ جالِسٌ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَالَ أبُو بَكْر إنَّكَ رجُلٌ شابٌّ عاقِلٌ وَلَا نَتَّهِمُك كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لرسُولِ الله الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَتَّبَعِ القُرْآنَ فاجْمَعْهُ فَوَالله لوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبالِ مَا كانَ أثْقَلَ عَلَيَّ مِمّا أمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ قلْتُ كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أبُو بَكْرٍ هُوَ وَالله خَيْرٌ فلمْ أزَلْ أرَاجِعُهُ حَتَّى شَرَحَ الله صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ الله لَهُ صَدْرَ أبِي بَكْرٍ وعُمَرَ فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ أجْمَعُهُ مِنَ الرِّقاعِ والأكْتافِ والعُسُب وصُدُورِ الرِّجالِ حَتَّى وجَدْتُ مِنْ سُورَة التوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الأنْصارِيِّ لَمْ أجِدْهُما مَعَ أحَدٍ غيْرِهِ {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ