أنْ يَكْونَ الظَّلامُ ثُم لِيَدْفَعُوا مِنْ عَرَفَاتٍ إذَا أفَاضُوا مِنْهَا حَتَّى يَبْلُغُوا جَمْعا الَّذِي يَبِيتُونَ بِهِ ثُمَّ لِيَذْكُرُوا الله كَثِيرا وَأكْثِرُوا التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ قَبْلَ أنْ تُصْبِحُوا ثُمَّ أفِيضُوا فَإنَّ النَّاسَ كَانُوا يُفِيضُونَ وَقال الله تَعَالَى {ثُمَّ أفَيضُوا مِنْ حَيْثُ أفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا الله إنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ} (الْبَقَرَة: 199) حَتَّى تَرْمُوا الجَمْرَةَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ثمَّ أفيضوا) إِلَى آخِره. وَمُحَمّد بن أبي بكر بن عَليّ بن عَطاء بن مقدم أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بالمقدمي الْبَصْرِيّ، وفضيل مصغر فضل. بالضاد الْمُعْجَمَة.
قَوْله: (مَا كَانَ حَلَالا) بِأَن كَانَ مُقيما بِمَكَّة أَو كَانَ قد دخل بِعُمْرَة ثمَّ تحلل مِنْهَا. قَوْله: (حَتَّى يهل) أَي: حَتَّى يحرم بِالْحَجِّ. قَوْله: (مَا تيَسّر لَهُ) جَزَاء للشّرط أَي: ففديته مَا تيَسّر لَهُ، أَو التَّقْدِير: فَعَلَيهِ مَا تيَسّر، وَيجوز أَن يكون قَوْله: مَا تيَسّر لَهُ بَدَلا من قَوْله: هَدِيَّة، وَيكون الْجَزَاء بأسره محذوفا تَقْدِيره، ففديته ذَلِك أَو: فليفتد بذلك. قَوْله: (غير أَن لم تيَسّر لَهُ) أَي: الْهدى فَعَلَيهِ ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج أَي: قبل يَوْم عَرَفَة وَهَذَا تَقْيِيد من ابْن عَبَّاس لإِطْلَاق الْآيَة قَوْله: (ثمَّ لينطلق) ، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: (ثمَّ ينْطَلق) بِدُونِ اللَّام. قَوْله: (من صَلَاة الْعَصْر) ، أَرَادَ من أول وَقت الْعَصْر وَذَلِكَ عِنْد صيرورة ظلّ كل شَيْء مثله، وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ من بعد صَلَاة الْعَصْر، لِأَنَّهَا تصلى عقيب صَلَاة الظّهْر جمع تَقْدِيم، وَيكون الْوُقُوف عقيب ذَلِك، وَلَا شكّ أَنه بعد الزَّوَال، وَسَأَلَ الْكرْمَانِي: بِأَن أول وَقت الْوُقُوف زَوَال الشَّمْس يَوْم عَرَفَة وَآخره صبح الْعِيد، ثمَّ أجَاب عَن ذَلِك: بِأَنَّهُ اعْتبر فِي الأول الْأَشْرَف، لِأَن وَقت الْعَصْر أشرف، وَفِي الآخر الْعَادة الْمَشْهُورَة. انْتهى (قلت) فِيهِ تَأمل. قَوْله: (حَتَّى يبلغُوا جمعا) ، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمِيم، وَهُوَ الْمزْدَلِفَة قَوْله: (الَّذِي يبيتُونَ بِهِ) ويروى (يتبرر فِيهِ) براءين مهملتين. أَي: يطْلب فِيهِ الْبر، ويروى: (يتبرز) ، برَاء ثمَّ زَاي من التبرز، وَهُوَ الْخُرُوج إِلَى البرَاز للْحَاجة، وَالْبرَاز بِالْفَتْح اسْم للفضاء الْوَاسِع. قَوْله: (أَو أَكْثرُوا) شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (حَتَّى ترموا الْجَمْرَة) هَذِه غَايَة للإفاضة، وَيحْتَمل أَن يكون غَايَة لقَوْله: (اكثروا) .
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة} الْآيَة. قَوْله: (وَمِنْهُم) أَي: وَمن النَّاس، وَقَالَ سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، كَانَ قوم من الْأَعْرَاب يجيئون إِلَى الْموقف فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عَام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن، وَلَا يذكرُونَ من أَمر الْآخِرَة شَيْئا فَأنْزل الله تَعَالَى فيهم: {فَمن النَّاس من يَقُول رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق} (الْبَقَرَة: 200) أَي: نصيب، وَكَانَ يَجِيء بعدهمْ آخَرُونَ من الْمُؤمنِينَ فَيَقُولُونَ: {رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار} (الْبَقَرَة: 200) فَأنْزل الله تَعَالَى: {أُولَئِكَ لَهُم نصيب مِمَّا كسبوا وَالله سريع الْحساب} (الْبَقَرَة: 202) وَعَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: الْحَسَنَة فِي الدُّنْيَا الْمَرْأَة الصَّالِحَة، وَفِي الْآخِرَة الْجنَّة، وَعَذَاب النَّار الْمَرْأَة السوء.
4522 - ح دَّثنا أبُو مَعْمَرٍ حدَّثنا عبْدُ الوَارِثِ عنْ عَبْدِ العَزِيزِ عنْ أنسٍ قَالَ كَانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ اللَّهُمَّ {رَبَّنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَقِنا عَذَابَ النَّارِ} .
مطابقته للتَّرْجَمَة أوضح مَا يكون وَأَبُو معمر، بِفَتْح الميمين عبد الله بن عَمْرو بن أبي الْحجَّاج الْمنْقري المقعد، وَعبد الْوَارِث هُوَ ابْن سعيد، وَعبد الْعَزِيز هُوَ ابْن صُهَيْب والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الدَّعْوَات عَن مُسَدّد وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن مُسَدّد.
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ قَوْله تَعَالَى:} وَهُوَ أَلد الْخِصَام} وَأول الْآيَة {وَمن النَّاس من يُعْجِبك قَوْله فِي الحيوة الدُّنْيَا وَيشْهد الله على