ابْن عبَادَة، وَقَالَ ابْن جرير: يُرِيد قُريْشًا وَبني ضَمرَة بن بكر بن عبد مَنَاة من كنَانَة، فوادعته فِيهَا بَنو ضَمرَة وَرجع رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم يلق كيداً، والأبواء، بِفَتْح الْهمزَة وبالباء الْمُوَحدَة الساكنة ممدوداً: مَوضِع مَعْرُوف بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، وَهِي إِلَى الْمَدِينَة أقرب، كَأَنَّهُ سمى بِجمع: بو، وَهُوَ جلد ولد الْإِبِل الْمحشِي بالتبن. وَقَالَ الْبكْرِيّ: الْأَبْوَاء قَرْيَة جَامِعَة مَذْكُورَة فِي رسم الْفَرْع، و: ودان، بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة على وزن فعلان، قَالَ الْبكْرِيّ: قَرْيَة من أُمَّهَات الْقرى، وَقَالَ ياقوت: بَينهَا وَبَين أبواء ثَمَانِيَة أَمْيَال. قَوْله: (ثمَّ بواط) ، أَي: غزا بواط، وَهُوَ بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْوَاو بعد الْألف طاء مُهْملَة، قَالَ الصغاني: بواط جبل من جبال جُهَيْنَة من نَاحيَة ذِي خشب، وَبَين بواط وَالْمَدينَة ثَلَاثَة برد أَو أَكثر، وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: غزا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شهر ربيع الأول، يَعْنِي: من السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة، يُرِيد قُريْشًا، قَالَ ابْن هِشَام: وَاسْتعْمل على الْمَدِينَة السَّائِب بن عُثْمَان بن مَظْعُون، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: اسْتخْلف عَلَيْهَا سعد بن معَاذ، وَكَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مِائَتي رَاكب، وَكَانَ لِوَاؤُهُ مَعَ سعد بن أبي وَقاص، وَكَانَ قَصده أَن يتَعَرَّض لعير قُرَيْش وَكَانَ فِيهِ أُميَّة ابْن خلف وَمِائَة رجل وَخَمْسمِائة بعير، قَالَ ابْن إِسْحَاق: حَتَّى بلغ بواط من نَاحيَة رضوى ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة وَلم يلق فِيهَا كيداً فَلبث بهَا شهر ربيع الْأُخَر وَبَعض جُمَادَى. قَوْله: (ثمَّ الْعَشِيرَة) ، أَي: ثمَّ غزا الْعَشِيرَة، قَالَ ابْن إِسْحَاق: ثمَّ غزا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُريْشًا، قَالَ ابْن هِشَام: وَاسْتعْمل على الْمَدِينَة أَبَا سَلمَة بن عبد الْأسد، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: وَكَانَ لِوَاؤُهُ مَعَ حَمْزَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: وَخرج رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَعَرَّض لعير قُرَيْش ذَاهِبَة إِلَى الشَّام حَتَّى نزل الْعَشِيرَة من بطن ينبعٍ فَأَقَامَ بهَا جُمَادَى الأولى وليالي من جُمَادَى الْآخِرَة، ووادع فِيهَا بني مُدْلِج وحلفاءهم من بني ضَمرَة ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة وَلم يلق كيداً. قلت: وَلم يكن فِي هَذِه الْغَزَوَات الثَّلَاث حَرْب.
3949 - حدَّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا وهْبٌ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ أبِي إسْحَاقَ كُنْتُ إلَى جَنْبَ زَيْدِ بنِ أرْقَمَ فَقيلَ لَهُ كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ غَزْوَةٍ قَالَ تِسْعَ عَشْرَةَ قِيلَ كَمْ غَزَوْتَ أنْتَ مَعَهُ قَالَ سَبْعَ عَشْرَةَ قُلْتُ فأيُّهُمْ كانَتْ أوَّلَ قَالَ العُسَيْرَةُ أوِ العُشَيْرُ فذَكَرْتُ لِقَتادَةَ فَقالَ الْعُشَيْرُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، ووهب هُوَ ابْن جرير الْبَصْرِيّ، وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي، وَزيد بن أَرقم الْأنْصَارِيّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن عَمْرو بن خَالِد عَن زُهَيْر وَعَن عبد الله بن رَجَاء عَن إِسْرَائِيل. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي أَيْضا عَن بنْدَار وَأبي مُوسَى، وَفِيه: عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَفِي الْمَنَاسِك عَن أبي خَيْثَمَة، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجِهَاد عَن مُحَمَّد بن غيلَان: حَدثنَا وهب بن جرير وَأَبُو دَاوُد قَالَا: حَدثنَا شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: كنت ... إِلَى آخِره نَحوه، غير أَن فِي لَفظه: قلت: وأيتهن كَانَ أول؟ قَالَ: ذَات الْعَشِيرَة أَو العسيرة، وروى مُسلم من حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر يَقُول: غزوت مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تسع عشرَة غَزْوَة، قَالَ جَابر: لم أشهد بَدْرًا وَلَا أحدا مَنَعَنِي أبي فَلَمَّا قتل أبي عبد الله يَوْم أحد لم أَتَخَلَّف عَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة قطّ، وَمُقْتَضى حَدِيثه أَن غَزَوَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِحْدَى وَعشْرين غَزْوَة لِأَنَّهُ ذكر أَنه لم يغز مَعَه بَدْرًا وَلَا أحدا، وَأَنه غزا مَعَه تسع عشرَة غَزْوَة بعد أحد، وَقد ذكر أَصْحَاب الْمَغَازِي وَالسير أَكثر من ذَلِك، فَذكر مُحَمَّد بن سعد عَن جمَاعَة من أهل السّير، مِنْهُم مُوسَى بن عقبَة وَابْن إِسْحَاق وَأَبُو مسعر وَعبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد فِي آخَرين، وَقَالَ: دخل حَدِيث بَعضهم فِي بعض، قَالُوا: عدد مغازي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبع وَعِشْرُونَ غَزْوَة، وَكَانَت سراياه الَّتِي بعث فِيهَا سبعا وَأَرْبَعين سَرِيَّة. فَإِن قلت: قد ذكر أَصْحَاب السّير قبل غَزْوَة العشير ثَلَاث غزوات. قلت: أما أَن يكون زيد بن أَرقم لم يكن يَوْمئِذٍ أسلم، أَو كَانَت ثَلَاث غزوات صَغِيرَة، فَإِن من عد من الصَّحَابَة ذكر أعظمها، أَو كَانَت قبل أَن يشْتَهر أَمر الْغَزْو بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا علمه. قَوْله: (فَأَيهمْ؟) قَالَ الدمياطي: مُقْتَضى الْكَلَام: أيهن، أَو: أَيهَا، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: أيتهن، كَمَا ذكرنَا، قَوْله: (فَذكرت) الذاكر لعبادة هُوَ شُعْبَة.