عنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فلَمْ يَزالا يُكَلِّمَانِهِ حتَّى قَالَ آخِرَ شَيْءٍ كُلَّمهُمْ بِهِ علَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عنْهُ فنَزَلَتْ {مَا كانَ لِلنَّبِيِّ والَّذِينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ولَوْ كانُوا أولِي قُرْبَى منْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أنَّهُمْ أصْحَابُ الجَحِيم} (التَّوْبَة: 113) . فنَزَلَتْ {مَا كَانَ للنَّبِي} الْآيَة قيل فِي نزُول هَذِه الْآيَة فِي هَذِه الْقِصَّة نظر لِأَنَّهَا عَامَّة فِي حَقه وَحقّ غَيره قَوْله {إنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أحْبَبْتَ} (الْقَصَص: 56) . .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. ومحمود هُوَ ابْن غيلَان أَبُو أَحْمد الْعَدوي الْمروزِي، وَابْن الْمسيب هُوَ سعيد يروي عَن أَبِيه الْمسيب ابْن حزن بن أبي وهب الْقرشِي المَخْزُومِي، وَقيل: قَالَ الْحفاظ: لم يرو عَن الْمسيب إلاَّ سعيد، وَالْمَشْهُور من شَرط البُخَارِيّ أَنه لَا يروي عَمَّن لَهُ راوٍ وَاحِد. وَأجِيب: بِأَنَّهُ لَعَلَّه أَرَادَ من غير الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

قَوْله: (لما حَضرته الْوَفَاة) ، أَي: قربت وَفَاته وَظَهَرت علاماتها وَذَلِكَ قبل النزع والغرغرة. قَوْله: (وَعِنْده أَبُو جهل) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال، وَأَبُو جهل هُوَ عَمْرو ابْن هِشَام بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي، عَدو الله فِرْعَوْن هَذِه الْأمة. قَوْله: (أَي عَم) ، أَي: يَا عمي. قَوْله: (كلمة) ، مَنْصُوب لِأَنَّهُ بدل من مقول القَوْل الَّذِي هُوَ: لَا إلاه إلاَّ الله. قَوْله: (أحاجّ) ، بتَشْديد الْجِيم، وَأَصله: أحاجج، وَقد تقدم فِي آخر الْجَنَائِز بِلَفْظ: أشهد لَك بهَا عِنْد الله. قَوْله: (بهَا) أَي: بِهَذِهِ الْكَلِمَة. قَوْله: (وَعبد الله بن أبي أُميَّة) ، هُوَ ابْن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عَمْرو بن مَخْزُوم، وَهُوَ أَخُو أم سَلمَة الَّتِي تزَوجهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعد ذَلِك، وَقد أسلم عبد الله هَذَا يَوْم الْفَتْح، وَقيل: قبل الْفَتْح، وَاسْتشْهدَ فِي تِلْكَ السّنة فِي غَزْوَة حنين. قَوْله: (أترغب؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار. قَوْله: (فَلم يَزَالَا) أَي: أَبُو جهل وَعبد الله الْمَذْكُور. قَوْله: (يكلمانه) ، ويروى: يُكَلِّمَاهُ، بِإِسْقَاط النُّون على لُغَة قَليلَة قَوْله: (على مِلَّة) خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: أَنا على مِلَّة عبد الْمطلب أَي: على مَا كَانَ يَعْتَقِدهُ من غير دين الْإِسْلَام. قَوْله: (مَا لم أُنْهَ) بِضَم الْهمزَة وَسُكُون النُّون على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: مَا لم ينهني الله عَنهُ، أَي: عَن الاسْتِغْفَار الْمَذْكُور الَّذِي دلّ عَلَيْهِ. قَوْله: (لأَسْتَغْفِرَن لَك) قَوْله: وَنزلت: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} (الْقَصَص: 56) . هَذَا ظَاهر أَنه نزل فِي قصَّة أبي طَالب، وروى أَحْمد من طَرِيق أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة فِي قصَّة أبي طَالب، قَالَ: فَأنْزل الله: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} (الْقَصَص: 56) . وَهَذَا كُله ظَاهر على أَنه مَاتَ على غير الْإِسْلَام. فَإِن قلت: ذكر السُّهيْلي أَنه رأى فِي بعض كتب المَسْعُودِيّ أَنه أسلم. قلت: مثل هَذَا لَا يُعَارض مَا فِي الصَّحِيح، وَالله أعلم.

3885 - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ حدَّثنا اللَّيْثُ حدَّثنا ابنُ الْهادِ عنْ عَبْدِ الله بنِ خَبَّابٍ عنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وذُكِرَ عِنْدَهُ عَمَّهُ فَقال لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلي مِنْهُ دِماغُهُ. (الحَدِيث 3885 طرفه فِي: 6564) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه من جملَة قصَّة مَا أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الحَدِيث، وَابْن الْهَاد هُوَ يزِيد بن عبد الله بن أُسَامَة ابْن الْهَاد اللَّيْثِيّ، وَعبد الله بن خباب، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى: الْأنْصَارِيّ التَّابِعِيّ، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ سعد بن مَالك بن سِنَان الْخُدْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْأَيْمَان عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث بِهِ. قَوْله: (وَذكر عِنْده) على صِيغَة الْمَجْهُول، وَالْوَاو فِيهِ للْحَال، وَقَالَ بَعضهم: يُؤْخَذ من الحَدِيث الأول أَن الذاكر هُوَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب، لِأَنَّهُ الَّذِي سَأَلَ عَن ذَلِك. قلت: لَا يلْزم من ذَلِك أَن يكون الذاكر هُوَ الْعَبَّاس لاحْتِمَال أَن يكون الذاكر غَيره. قَوْله: (يبلغ كعبيه) قَالَ السُّهيْلي: الْحِكْمَة فِيهِ أَن أَبَا طَالب كَانَ تَابعا لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بجملته إلاَّ أَنه اسْتمرّ ثَابت الْقدَم على دين قومه، فَسلط الْعَذَاب على قَدَمَيْهِ خَاصَّة لتثبيته إيَّاهُمَا على دين قومه.

368 - (حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة حَدثنَا ابْن أبي حَازِم والدراوردي عَن يزِيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015