أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن عبد الله وَعَن بنْدَار عَن غنْدر عَن شُعْبَة.

قَوْله: (أنسجد؟) بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام وبنون الْمُتَكَلّم مَعَ الْغَيْر، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني: أأسجد، بهمزتين الأولى للاستفهام وَالثَّانيَِة للمتكلم وَحده. قَوْله: (فَقَرَأَ) ، أَي: ابْن عَبَّاس قَوْله تَعَالَى: {وَمن ذُريَّته دَاوُد وَسليمَان وَأَيوب ويوسف ومُوسَى وَهَارُون وَكَذَلِكَ نجزي الْمُحْسِنِينَ} (الْأَنْعَام: 48) . وَقَرَأَ بعده خمس آيَات أُخْرَى حَتَّى قَرَأَ بعْدهَا: {أُولَئِكَ الَّذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِن هُوَ إلاَّ ذكرى للْعَالمين} (الْأَنْعَام: 09) . قَوْله: (فَقَالَ نَبِيكُم) أَي: فَقَالَ ابْن عَبَّاس، وَفِي بعض الرِّوَايَات: فَقَالَ ابْن عَبَّاس. قَوْله: (مِمَّن أَمر) ، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (أَن يُقتدى بهم) أَي: بهؤلاء الرُّسُل الْمَذْكُورين فِي هَذِه الْآيَات الْمَذْكُورَة وهم سَبْعَة عشر نَبيا. قَوْله: (وَمن ذُريَّته) أَي: وَمن ذُرِّيَّة نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِأَن قبله: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق وَيَعْقُوب كلاًّ هدينَا ونوحاً هدينَا من قبل وَمن ذُريَّته دَاوُد} (الْأَنْعَام: 48) . وَإِنَّمَا قُلْنَا: الضَّمِير يرجع إِلَى نوح لِأَنَّهُ أقرب الْمَذْكُورين وَهُوَ اخْتِيَار ابْن جرير أَيْضا. وَقَالَ آخَرُونَ: إِن الضَّمِير يرجع إِلَى إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِأَنَّهُ الَّذِي سيق الْكَلَام من أَجله، لَكِن يشكل على هَذَا ذكر لوط، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَإِنَّهُ لَيْسَ من ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بل هُوَ ابْن أَخِيه هاران بن آزر أللهم إلاَّ أَن يُقَال: إِنَّه دخل فِي الذُّرِّيَّة تَغْلِيبًا.

وَفِي ذكر عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم أَو نوح على القَوْل الآخر دلَالَة على دُخُول ولد الْبَنَات فِي ذُرِّيَّة الرجل، لِأَن عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِنَّمَا ينْسب الى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، بِأُمِّهِ مَرْيَم، عَلَيْهَا السَّلَام، فَإِنَّهُ لَا أَب بِهِ.

2243 - حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثنا وُهَيْبٌ حدَّثنا أيُّوبُ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ لَ يْسَ ص مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ ورَأيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْجُدُ فِيهَا. (انْظُر الحَدِيث 9601) .

وَجه ذكر هَذَا الحَدِيث عقيب الحَدِيث الْمَذْكُور من حَيْثُ إِن كلاًّ مِنْهُمَا يتَضَمَّن ذكر السُّجُود فِي ص، ووهيب مصغر وهب ابْن خَالِد الْبَصْرِيّ، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، والْحَدِيث مضى فِي: أَبْوَاب سُجُود التِّلَاوَة فِي: بَاب سَجْدَة ص، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَالله أعلم.

04 - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {ووهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إنَّهُ أوَّابٌ} (ص: 03) .)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا ذكر فِي قَول الله تَعَالَى {وَوَهَبْنَا ... } إِلَى آخِره وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ لفظ: بَاب، بل الْمَذْكُور: قَول الله تَعَالَى وَوَهَبْنَا ... إِلَى آخِره. قَوْله: (نعم العَبْد) ، الْمَخْصُوص بالمدح مَحْذُوف. قَوْله: (إِنَّه أواب) تَعْلِيل لكَونه ممدوحاً لكَونه أوَّاباً أَي رجَّاعاً إِلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ أَو مسبحاً مؤوباً للتسبيح ومرجعاً لَهُ، لِأَن كل مؤوب أواب.

الرَّاجِعُ المُنِيبُ

هَذَا تَفْسِير الأواب، وَفَسرهُ بِأَنَّهُ الرَّاجِع عَن الذُّنُوب، والمنيب من الْإِنَابَة وَهِي الرُّجُوع إِلَى الله بِكُل طَاعَة.

وقَوْلِهِ {هَبْ لِي مُلْكَاً لَا يَنْبَغِي لأِحَدٍ مِنْ بَعْدِي} (ص: 53) .

وَقَوله، بِالْجَرِّ عطف على: قَول الله، فِي قَوْله: بَاب قَول الله. قَوْله: (هَب لي) أَي: أَعْطِنِي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي، يَعْنِي: من دوني، وَقَالَ ابْن كيسَان: لَا يكون لأحد من بعدِي، وَقَالَ يزِيد بن وهب: هَب لي ملكا لَا أسلبه فِي بَاقِي عمري كَمَا سلبته فِي ماضي عمري، وَقَالَ مقَاتل بن حَيَّان: كَانَ سُلَيْمَان ملكا وَلكنه أَرَادَ بقوله: لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي تسخير الرِّيَاح وَالطير، وَقيل: إِنَّمَا سَأَلَ ذَلِك ليَكُون لَهُ علما على الْمَغْفِرَة وَقبُول التَّوْبَة حَيْثُ أجَاب الله دعاءه، ورد عَلَيْهِ ملكه وَزَاد فِيهِ.

وقَوْلِهِ {واتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ علَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} (الْبَقَرَة: 201) .

وَقَوله، بِالْجَرِّ أَيْضا عطف على قَوْله: هَب لي ملكا. قَوْله: (وَاتبعُوا) أَي: الْيَهُود، مَا تتلو الشَّيَاطِين أَي: مَا ترويه وَتُخْبِرهُ وتحدثه الشَّيَاطِين. قَوْله: (على ملك سُلَيْمَان) وعداه: بعلى، لِأَنَّهُ ضمن معنى: تتلوا تكذب، وَقَالَ ابْن جرير: على، هُنَا بِمَعْنى: فِي، أَي: فِي ملك سُلَيْمَان، وَنَقله عَن ابْن جريج وَابْن إِسْحَاق. قلت: التَّضْمِين أولى وَأحسن، وَقَالَ السّديّ مَا ملخصه: إِن الشَّيَاطِين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015