عَنهُ، أَنه كَانَ عبدا صَالحا، وَقيل: كَانَ ملكا بِفَتْح اللَّام، وَهَذَا غَرِيب جدا. النَّوْع الرَّابِع: فِي حَيَاته، فالجمهور، خُصُوصا مَشَايِخ الطَّرِيقَة والحقيقة وأرباب المجاهدات والمكاشفات، أَنه حَيّ يرْزق ويشاهد فِي الفلوات، وَرَآهُ عمر بن عبد الْعَزِيز وَإِبْرَاهِيم بن أدهم وَبشر الحافي ومعروف الْكَرْخِي وسري السَّقطِي وجنيد وَإِبْرَاهِيم الْخَواص وَغَيرهم، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَفِيه دَلَائِل وحجج تدل على حَيَاته ذَكرنَاهَا فِي (تاريخنا الْكَبِير) . وَقَالَ البُخَارِيّ وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَابْن الْجَوْزِيّ وَأَبُو الْحُسَيْن الْمُنَادِي: إِنَّه مَاتَ، وَاحْتَجُّوا بقوله تَعَالَى: {وَمَا جعلنَا لبشر من قبلك الْخلد} (الْأَنْبِيَاء: 43) . وَبِمَا روى أَحْمد فِي (مُسْنده) عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل مَوته بِقَلِيل أَو بِشَهْر: مَا من نفس منفوسة أَو: مَا مِنْكُم الْيَوْم من نفس منفوسة يَأْتِي عَلَيْهَا مائَة سنة وَهِي يَوْمئِذٍ حَيَّة. وَأجَاب الْجُمْهُور عَن الْآيَة بِأَنا مَا ادعينا أَنه يخلد، وَإِنَّمَا يبْقى إِلَى انْقِضَاء الدُّنْيَا، فَإِذا نفخ فِي الصُّور مَاتَ، لقَوْله تَعَالَى: {كل نفس ذائقة الْمَوْت} (آل عمرَان: 581، الْأَنْبِيَاء: 53، العنكبوت: 75) . وَعَن حَدِيث جَابر بِأَنَّهُ مَتْرُوك الظَّاهِر لِأَن جمَاعَة عاشوا أَكثر من مائَة سنة، مِنْهُم سلمَان الْفَارِسِي، فَإِنَّهُ عَاشَ ثَلَاثمِائَة سنة، وَقد شَاهد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَحَكِيم بن حزَام عَاشَ مائَة وَعشْرين سنة، وَغَيرهمَا، وَإِنَّمَا أَشَارَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى ذَلِك الزَّمَان لَا إِلَى مَا تقوم السَّاعَة، وَهُوَ الْأَلْيَق بِهِ، على أَنه قد عَاشَ بعد ذَلِك الزَّمَان خلق كثير أَكثر من مائَة سنة، وَأجَاب بَعضهم: بِأَن خضرًا، عَلَيْهِ السَّلَام، كَانَ حِينَئِذٍ على وَجه الْبَحْر، وَقيل: هُوَ مَخْصُوص من الحَدِيث كَمَا خص مِنْهُ إِبْلِيس بالِاتِّفَاقِ.
قَالَ الحَمُّوِيُّ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ بنِ مَطَرِ الفَرَبْرِيُّ حدَّثنا علِيُّ بنُ خُشْرَمَ عنْ سُفْيَانَ بِطُولِهِ
هَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي خَاصَّة عَن الْفربرِي. قَوْله: (قَالَ الْحَمَوِيّ) ، هُوَ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أَحْمد بن حمويه، قَالَ مُحَمَّد بن يُوسُف بن مطر: حَدثنَا عَليّ بن خشرم بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْحسن الْمروزِي حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، فَذكر الحَدِيث الْمَذْكُور مطولا.
82 - (بابٌ)
أَي: هَذَا بَاب وَقع كَذَا بِغَيْر تَرْجَمَة فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَقد مر نَحْو هَذَا غير مرّة، وَهُوَ كالفصل لما قبله.
3043 - حدَّثني إسْحَاقِ بنُ نَصْرٍ حدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عنْ مَعْمَرٍ عنْ هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ أنَّهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قِيلَ لِبَنِي إسْرَائِيلَ ادْخُلُوا البابَ سُجَّدَاً وقُولُوا حِطَّةٌ فبَدَّلُوا فدَخَلُوا يَزْحَفُونَ علَى أسْتَاهِهِمْ وقالُوا حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ.
وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تكون من حَيْثُ إِنَّه فِي قَضِيَّة بني إِسْرَائِيل، ومُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، نَبِيّهم.
وَإِسْحَاق بن نصر هُوَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نصر السَّعْدِيّ البُخَارِيّ. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن إِسْحَاق. وَأخرجه مُسلم فِي آخر الْكتاب عَن مُحَمَّد بن رَافع. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن عبد بن حميد.
قَوْله: (الْبَاب) ، أَرَادَ بِهِ بَاب الْقرْيَة الَّتِي ذكرهَا الله تَعَالَى فِي قَوْله: {وَإِذ قُلْنَا ادخُلُوا هَذِه الْقرْيَة} (الْبَقَرَة: 85) . وَعَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس: كَانَ الْبَاب قِبَل الْقبْلَة، وَعَن مُجَاهِد وَالسُّديّ وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك: هُوَ بَاب الحطة من بَاب إيليا من بَيت الْمُقَدّس، وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: إِن الْقرْيَة فِي الْآيَة بَيت الْمُقَدّس، وَقَالَ السُّهيْلي: هِيَ أريحاء، وَقيل: مصر، وَقيل: بلقاء، وَقيل: الرملة. وَالْبَاب الَّذِي أمروا بِدُخُولِهِ هُوَ الْبَاب الثَّامِن من جِهَة الْقبْلَة. قَوْله: (سجدا) ، قَالَ ابْن عَبَّاس: منحنين رُكُوعًا. وَقيل: خضوعاً وشكراً لتيسير الدُّخُول، وانتصاب: سجدا على الْحَال وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ حَقِيقَة السَّجْدَة، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ مَا ذَكرْنَاهُ. قَوْله: (وَقُولُوا: حطة) أَي: مغْفرَة، قَالَه ابْن عَبَّاس، أَو: لَا إلاه إلاَّ الله، قَالَه عِكْرِمَة، أَو: حط عَنَّا ذنوبنا، قَالَه الْحسن. أَو: أَخْطَأنَا فاعترفنا. فَإِن قلت: بِمَاذَا ارْتِفَاع حطة؟ قلت: خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، تَقْدِيره: أمرنَا حطة، أَو مَسْأَلَتنَا حطة. قَوْله: (فبدلوا) ، أَي: غيروا لَفْظَة حطة بِأَن قَالُوا: حنطاً سمقاتاً، أَي: حِنْطَة حَمْرَاء اسْتِخْفَافًا بِأَمْر الله. قَوْله: (يزحفون على أستاههم) ، وَهُوَ جمع: الأست، يَعْنِي: دخلُوا من قبل أستاههم، وَفِي رِوَايَة