وَالسَّلَام غير جِبْرِيل قلت قد نزل عَلَيْهِ إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام ثَلَاث سِنِين كَمَا رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده كَمَا ذَكرْنَاهُ فَعِنْدَ ذَلِك قَالَ قَالَ الله عز وَجل {نزل بِهِ الرّوح الْأمين} أَي بِالْقُرْآنِ وَالروح الْأمين هُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام. قلت قد سمي بِالروحِ غير جِبْرِيل قَالَ الله تَعَالَى {يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا} وَعَن ابْن عَبَّاس هُوَ ملك من أعظم الْمَلَائِكَة خلقا فأفحم عِنْد ذَلِك فَقلت جِبْرِيل قد تميز عَنهُ بِصفة الْأَمَانَة لِأَن الله تَعَالَى سَمَّاهُ أَمينا وسمى ذَلِك الْملك روحا فَقَط على أَنه قد روى عَن الشّعبِيّ وَسَعِيد بن جُبَير وَالضَّحَّاك أَن المُرَاد بِالروحِ فِي قَوْله تَعَالَى {يَوْم يقوم الرّوح} هُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ من أَيْن علمنَا أَن المُرَاد من الرّوح الْأمين هُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قلت بتفسير الْمُفَسّرين من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتفسيرهم مَحْمُول على السماع لِأَن الْعقل لَا مجَال فِيهِ على أَن من جملَة أَسبَاب الْعلم الْخَبَر الْمُتَوَاتر وَقد تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار من لدن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى يَوْمنَا هَذَا أَن الَّذِي نزل بِالْقُرْآنِ على نَبينَا عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام من غير نَكِير مُنكر وَلَا رد راد حَتَّى عرف بِذكر أهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى. وَرُوِيَ أَن عبد الله بن صوريا من أَحْبَار فدك حَاج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسَأَلَهُ عَمَّن يهْبط عَلَيْهِ بِالْوَحْي فَقَالَ جِبْرِيل فَقَالَ ذَاك عدونا وَلَو كَانَ غَيره لآمَنَّا بك وَقد عَادَانَا مرَارًا وأشدها أَنه أنزل على نَبينَا أَن بَيت الْمُقَدّس سيخربه بخْتنصر فَبَعَثنَا من يقْتله فَلَقِيَهُ بِبَابِل غُلَاما مِسْكينا فَدفع عَنهُ جِبْرِيل وَقَالَ إِن كَانَ ربكُم أمره بِهَلَاكِكُمْ فَإِنَّهُ لَا يسلطكم عَلَيْهِ وَإِن لم يكن إِيَّاه فعلى أَي حق تَقْتُلُونَهُ فَنزل قَوْله تَعَالَى {قل من كَانَ عدوا لجبريل} الْآيَة وَرُوِيَ أَنه كَانَ لعمر رَضِي الله عَنهُ أَرض بِأَعْلَى الْمَدِينَة وَكَانَ مَمَره على مدارس الْيَهُود فَكَانَ يجلس إِلَيْهِم وَيسمع كَلَامهم فَقَالُوا يَا عمر قد أَحْبَبْنَاك وَإِنَّا لَنَطْمَع فِيك فَقَالَ وَالله لَا أُجِيبكُم لِحُبِّكُمْ وَلَا أَسأَلكُم لِأَنِّي شَاك فِي ديني وَإِنَّمَا أَدخل عَلَيْكُم لِأَزْدَادَ بَصِيرَة فِي أَمر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأرى إثارة فِي كتابكُمْ ثمَّ سَأَلَهُمْ عَن جِبْرِيل فَقَالُوا ذَلِك عدونا يطلع مُحَمَّدًا على أَسْرَارنَا وَهُوَ صَاحب كل خسف وَعَذَاب وَيُؤَيّد مَا ذكرنَا مَا رُوِيَ مَرْفُوعا إِذا أَرَادَ الله أَن يوحي بِالْأَمر تكلم بِالْوَحْي أخذت السَّمَاء مِنْهُ رَجْفَة أَو قَالَ رعدة شَدِيدَة خوفًا من الله تَعَالَى فَإِذا سمع ذَلِك أهل السَّمَوَات صعقوا وخروا لله سجدا فَيكون أول مَا يرفع رَأسه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فيكلمه من وحيه بِمَا أَرَادَ ثمَّ يمر جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على الْمَلَائِكَة كلما مر على سَمَاء سَأَلَهُ ملائكتها مَاذَا قَالَ رَبنَا يَا جِبْرِيل {قَالَ الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} فَيَقُولُونَ كلهم مثل مَا قَالَ جِبْرِيل فينتهي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام حَيْثُ أمره الله تَعَالَى. التَّاسِع مَا قيل كَيفَ كَانَ سَماع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْملك الْوَحْي من الله تَعَالَى أُجِيب بِأَن الْغَزالِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ وَسَمَاع النَّبِي وَالْملك عَلَيْهِمَا السَّلَام الْوَحْي من الله تَعَالَى بِغَيْر وَاسِطَة يَسْتَحِيل أَن يكون بِحرف أَو صَوت لَكِن يكون بِخلق الله تَعَالَى للسامع علما ضَرُورِيًّا بِثَلَاثَة أُمُور بالمتكلم وَبِأَن مَا سَمعه كَلَامه وبمراده من كَلَامه وَالْقُدْرَة الأزلية لَا تقصر عَن اضطرار النَّبِي وَالْملك إِلَى الْعلم بذلك وكما أَن كَلَامه تَعَالَى لَيْسَ من جنس كَلَام الْبشر فسماعه الَّذِي يخلقه لعَبْدِهِ لَيْسَ من جنس سَماع الْأَصْوَات وَلذَلِك عسر علينا فهم كَيْفيَّة سَماع مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لكَلَامه تَعَالَى الَّذِي لَيْسَ بِحرف وَلَا صَوت كَمَا يعسر على الأكمه كَيْفيَّة إِدْرَاك الْبَصَر للألوان أما سَمَاعه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَيحْتَمل أَن يكون بِحرف وَصَوت دَال على معنى كَلَام الله تَعَالَى فالمسموع الْأَصْوَات الْحَادِثَة وَهِي فعل الْملك دون نفس الْكَلَام وَلَا يكون هَذَا سَمَاعا لكَلَام الله تَعَالَى من غير وَاسِطَة وَإِن كَانَ يُطلق عَلَيْهِ أَنه سَماع كَلَام الله تَعَالَى وَسَمَاع الْأمة من الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كسماع الرَّسُول من الْملك وَطَرِيق الْفَهم فِيهِ تَقْدِيم الْمعرفَة بِوَضْع اللُّغَة الَّتِي تقع بهَا المخاطبة وَحكي الْقَرَافِيّ خلافًا للْعُلَمَاء فِي ابْتِدَاء الْوَحْي هَل كَانَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ينْقل لَهُ ملك عَن الله عز وَجل أَو يخلق لَهُ علم ضَرُورِيّ بِأَن الله تَعَالَى طلب مِنْهُ أَن يَأْتِي مُحَمَّدًا أَو غَيره من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام بِسُورَة كَذَا أَو خلق لَهُ علما ضَرُورِيًّا بِأَن يَأْتِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ فينقل مِنْهُ كَذَا. الْعَاشِر مَا قيل مَا حَقِيقَة تمثل جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَهُ رجلا أُجِيب بِأَنَّهُ يحْتَمل أَن الله تَعَالَى أفنى الزَّائِد من خلقه ثمَّ أَعَادَهُ عَلَيْهِ وَيحْتَمل أَن يُزِيلهُ عَنهُ ثمَّ يُعِيدهُ إِلَيْهِ بعد التَّبْلِيغ نبه على ذَلِك إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَأما التَّدَاخُل فَلَا يَصح على مَذْهَب أهل الْحق. الْحَادِي عشر مَا قيل إِذا لَقِي جِبْرِيل النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي صُورَة دحْيَة فَأَيْنَ تكون روحه فَإِن كَانَ فِي الْجَسَد الَّذِي لَهُ سِتّمائَة جنَاح فَالَّذِي أَتَى لَا روح جِبْرِيل وَلَا جسده وَإِن كَانَ فِي هَذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015