الله تَعَالَى عَنهُ. ثَانِيهمَا: أَنه يحْتَمل أَن يكون عمر كَانَ يرى بِصِحَّة الْوَقْف ولزومه، إلاَّ أَن شَرط الْوَاقِف الرُّجُوع فَلهُ أَن يرجع، انْتهى. قلت: الْجَواب عَن الأول: أَن الْمُنْقَطع فِي مثل رِوَايَة الزُّهْرِيّ لَا يضر، لِأَن الِانْقِطَاع إِنَّمَا يمْنَع لنُقْصَان فِي الرَّاوِي بِفَوَات شَرط من شَرَائِطه الْمَذْكُورَة فِي موضعهَا، وَالزهْرِيّ إِمَام جليل الْقدر لَا يتهم فِي رِوَايَته، وَقد روى عَنهُ مثل الإِمَام مَالك، فِي هَذِه، وَلَوْلَا اعْتِمَاده عَلَيْهِ لما رَوَاهُ عَنهُ. وَعَن الثَّانِي: بِأَن الِاحْتِمَال الناشيء عَن غير دَلِيل لَا يُعمل بِهِ، وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز الْوَقْف للغني والغقير والضيف.
3772 - حدَّثنا أبُو عاصِمٍ قَالَ حدَّثنا ابنُ عوْنٍ عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ أنَّ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وجدَ مالاَ بِخَيْبَرَ فأتَى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخْبَرَهُ قَالَ إنْ شِئْتَ تَصَدَّقْتَ بِهَا فتَصَدَّقَ بِهَا فِي الفُقَرَاءِ والمَسَاكِينِ وذِي الْقُرْبى والضَّيْفِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، فَفِي قَوْله: (للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين) صَرِيح، وَكَذَا فِي قَوْله: (والضيف) ، وَأما الْمُطَابقَة فِي الْغَنِيّ فتؤخذ من قَوْله: (وَذَوي الْقُرْبَى) لأَنهم أَعم من أَن يَكُونُوا أَغْنِيَاء أَو فُقَرَاء، أَو بَعضهم أَغْنِيَاء وَبَعْضهمْ فُقَرَاء، والْحَدِيث مضى عَن قريب. وَأَبُو عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد الْمَعْرُوف بالنبيل.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز وقف الأَرْض لأجل أَن يبْنى عَلَيْهِ مَسْجِد.
4772 - حدَّثنا إسْحَاقُ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الصَّمدِ قَالَ سَمِعْتُ أبي قَالَ حدَّثنا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ حدَّثني أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَمَّا قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المَدِينَةَ أمَرَ بالمَسْجِدِ وَقَالَ يَا بَنِي النَّجَّارِ ثامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا قَالُوا لَا وَالله لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلاَّ إِلَى الله..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، والْحَدِيث قد مر عَن قريب. وَإِسْحَاق، هَكَذَا وَقع غير مَنْسُوب فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين إلاَّ فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ. وَقع مَنْسُوبا، فَقَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالَ الكلاباذي: إِسْحَاق إِمَّا الْحَنْظَلِي وَإِمَّا الكوسج. قلت: الْحَنْظَلِي هُوَ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، والكوسج هُوَ: إِسْحَاق بن مَنْصُور بن بهْرَام الكوسج، وَعبد الصَّمد هُوَ ابْن عبد الْوَارِث، وَقد مر غير مرّة.
قَوْله: (أَمر بِالْمَسْجِدِ) ، ويروى أَمر بِبِنَاء الْمَسْجِد قيل: هُوَ رِوَايَة الْكشميهني.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان وقف الدَّوَابّ إِلَى آخِره، وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى جَوَاز وقف المنقولات، والكراع بِضَم الْكَاف وَتَخْفِيف الرَّاء اسْم للخيل، وَعطفه على الدَّوَابّ من عطف الْخَاص على الْعَام، وَالْعرُوض، بِضَم الْعين: جمع عرض، بِسُكُون الرَّاء وَهُوَ الْمَتَاع لَا نقد فِيهِ، والصامت ضد النَّاطِق، وَأُرِيد بِهِ النَّقْد من المَال.
قَالَ الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ جعَلَ ألْفَ دِينارٍ فِي سَبِيلَ الله ودفَعَهَا إِلَى غُلامٍ لَهُ تاجِرِ يَتْجُرُ بِها وجعَلَ رِبْحَهُ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ والأقْرَبِينَ هَلْ لِلرَّجُلِ أنْ يأكُلَ مِنْ رِبْحِ ذَلِكَ الألْفِ شَيْئاً وإنْ لَمْ يَكُنْ جعَلَ رِبْحَهَا صَدَقَةً فِي المَسَاكِينَ قالَ لَيْسَ لَهُ أنْ يأكُلَ مِنْها
مُطَابقَة هَذَا فِي التَّرْجَمَة، لقَوْله: (والصامت) ، وَهَذَا التَّعْلِيق عَن الزُّهْرِيّ أخرجه ابْن وهب فِي (موطئِهِ)